تحديّاتُ المستقبل .. بقلم/ إسماعيل محمد المتوكل
برزت في الآونة الأخيرة تحديات كبيرة نتيجة للمتغيرات العالمية التي ألقت بثقلها على الواقع إثر الصراع الدائر بين روسيا والغرب وأخذت هذه التحديات تهدّد عدداً من الدول الفقيرة في العالم ومن ضمنها تلك الدول المعتمدة في غذائها على استيراد القمح من الدول المنتجة عالميًّا.
واتجه الصراع بين القطبين الأمريكي والروسي يتصاعد إلى درجة أن بعض الدول المصدرة للحبوب عالميًّا أوقفت التصدير الأمر الذي ينذر بمستقبل لا تُحمَدُ عواقبه على تلك الدول الفقيرة وغير المنتجة، ما يعني أن احتدام الحرب الروسية الأوكرانية تمثل خطورة بالغة وتهدّد بالمجاعة وعلى وجه الخصوص تلك الدول المستورة للحبوب، إذ تشير الدراسات إلى أن أكثر من أربعين دولةً في العالم مهدّدة بالمجاعة من ضمنها أربع دول عربية على خط الفقر وكانت اليمن في مقدمة تلك الدول، وعلى ضوء هذه المتغيرات العالمية بدت مؤشرات هذه الأزمة تنزل إلى الواقع الحياتي وبشكل ملحوظ وأخذت تداعياتها تسهم في مضاعفة الفقر شيئاً فشيئاً.
وبالتالي فقد ألقت هذه الأزمة بثقلها على الواقع شئنا أم أبينا، ووضعتنا بين خيارين: إما أن نكون أولا نكون، ربما البعض قد يقول إن الأمر مبالغ فيه لكن ينبغي علينا أن نأخذ هذا التهديد على محمل الجد خُصُوصاً ونحن نتعرض لعدوان ظالم وحصار جائر.
وبإذن الله تعالى وعلى قاعدة: (يد تبني ويد تحمي) سنكون عند مستوى مواجهة هذا التحدي ونتغلب عليها بكل جدارة واقتدار، ولا أدل على ذلك أننا بمستوى هذا التحدي، أنه عندما أنعم الله علينا بقيادة ربانية مؤمنة وصادقة ممثلة بالسيد القائد عبد الملك الحوثي -حفظه الله- رأينا كيف استطاع الشعب اليمني تحت قيادته أن ينتصر على أكبر تحالف كوني يديره وتشرف عليه فرعون العصر (أمريكا) وبفضل الله تعالى ثبت اليمنيون وللعام الثامن وسطروا أعظم الملاحم البطولية وما زالوا وإلى اليوم وهم يلحقون بالأعداء أكبر الهزائم المنكلة والمذلة.
وكما كان السيد -حفظه الله- يقود أبناء اليمن في معركتهم العسكرية كان في المقابل أَيْـضاً قد تنبه لأهميّة الثورة الزراعية والصناعية وأخذ يقود أبناء اليمن لخوض غمار هذه المعركة قبل نشوب الحرب الروسية الأوكرانية؛ باعتبَار الجانب الزراعي وعلى رأسه زراعة الحبوب كأحد عوامل النهضة الاقتصادية، إذ تأتي ضمن معركة التحرّر وتدخل في إطار تحقيق الاكتفاء الذاتي، وبفضل الله أثمرت هذه الخطوة التي أضحت تؤتي أُكُلَها في مناطق تهامة والجوف ومناطق أُخرى مبشرة بنتائج طيبة وواعدة بالخير وأصبحت عوامل محفزة ومشجعة على ضرورة خوض غمار هذه المعركة، فاليمن يتمتع بعدة خصائص ومميزات منها خصوبة التربة والتنوع المناخي ووفرة اليد العاملة أضف إلى ذلك خاصية أُخرى يتميز بها اليمنيون دون غيرهم، أن مَنَّ اللهُ علينا بقيادة ربانية مؤمنة ومخلصة وحكيمة وبالتالي فَـإنَّ نجاح العمل في هذا المضمار لا بدّ أن تكون منطلقاته وفق المواصفات الإيمَـانية؛ باعتبَارها الضامِنَ الوحيد للمعونة الإلهية.
ختامًا، الكرة باتت في مرمى المجتمع اليمني دون استثناء لتسديد نقلة زراعية تعيد مجد آبائنا وأجدادنا وضرورة الاصطفاف الوطني جنباً إلى جنب والعمل على مضاعفة الجهود وحشد الطاقات بدأ بإنشاء المؤسّسات الزراعية وتشكيل الجمعيات التعاونية وتشجيع الاستثمار في هذا المجال، فيمن الإيمَـان كما وصفه الله تعالى: (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) وبالاعتماد على الله والثقة به لا بدَّ أن نصلَ إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي رغم أنف الأعداء، (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).