الثروة المنهوبة من قبل العدوان الأمريكي السعوديّ تكفي لتغطية رواتب الموظفين واحتياجاتِ اليمن من الغذاء والدواء.. سفنٌ عملاقة لنهب وسرقة النفط.. اللصوصيةُ تتواصل
المسيرة| عباس القاعدي
تواصِلُ دولُ العدوان الأمريكي السعوديّ وحكومة المرتزِقة، نهب عائدات النفط والغاز اليمني، وَالتي كانت تمثِّلُ الركيزةَ الأَسَاسيةَ للاقتصاد اليمني خلال عقود، وهي تغطي 80 % من الموازنة العامة للدولة.
ويترتب على هذا النهب المنظم حرمانُ الموظفين والمتقاعدين من رواتبهم، والإمعان في مضاعفة معاناة المواطن اليمني، منذ أكثر من سبع سنوات مضت.
وفي ظل السيطرة المحكمة على قطاعات النفط من قبل العدوان، ترفض حكومة المرتزِقة أي مساعي دولية وإقليمية لوقف النهب المنظم لهذه الثروة السيادية التي تغطي رواتب موظفي الدولة وفاتورة احتياجات اليمن من الغذاء والدواء والوقود، رغم أن إيرادات النفط ارتفعت خلال العامين الماضيين إلى أكثر من 1.7 مليار دولار وهو مبلغ كبير يكفي لتغطية كافة رواتب موظفي الدولة بمختلف المحافظات؛ لذلك يتهرب مرتزِقة العدوان من أية مساعٍ هادفة إلى ضبط إيرادات مبيعات النفط الخام اليمني وتحويله إلى حساب خاص برواتب الموظفين ويتعمدون كذلك لإفشال أية مساعٍ إقليمية ودولية في هذه الجانب ويرفضون تنفيذ الشق الاقتصادي من اتّفاق ستوكهولم الذي يلزم المرتزِقة على تغطية العجز في حساب رواتب الموظفين من عائدات النفط الخام، وهذا دليل دامغ على بيع حكومة المرتزِقة للقطاعات النفطية والغازية.
ثرواتٌ منهوبةٌ ومرتباتٌ مقطوعة
وازدادت مؤخّراً عملية نهب النفط اليمني الخام، حَيثُ يواصل العدوان والمرتزِقة بيع ملايين البراميل عن طريق سفن عملاقة تأتي بشكل شبه شهري إلى موانئ “الشحر” وَ”النشيمة” وَ”بير علي” وغيرها، كما تظهر ذلك مواقع رصد حركة الملاحة الدولية، حَيثُ غادرت الناقلة الصينية “أبوليتاريز” العملاقة ميناء الشحر بحضرموت في مايو الماضي، بعد أن قامت بتحميل ما يزيد عن مليوني برميل، بقيمة تتجاوز 270 مليون دولار، أي ما يساوي 162 مليار ريال يمني، وهذه الكمية المنهوبة من النفط اليمني كافية لتغطية رواتب الموظفين في كافة أنحاء الجمهورية لأكثر من شهرين.
ووصلت الناقلة الصينية “أبوليتاريز” إلى ميناء الشحر بمحافظة حضرموت للمرة الثانية خلال شهرين لنهب أكثر من مليوني برميل من النفط اليمني، حَيثُ رست، في العاشر من شهر أبريل الفائت، في ميناء الشحر بمحافظة حضرموت قادمة من ميناء Zhoushan الصيني، ونهبت السفينة حينها (316.679) طناً من النفط الخام وهو ما يساوي (2.375.090) برميلاً.
وبلغت قيمة النفط المنهوب في تلك الشُحنة (251) مليون دولار أي ما يفوق 226 مليار ريال يمني بحسب متوسط أسعار الصرف بالمناطق المحتلّة، وفقاً للتقارير.
كما غادرت الناقلة النفطية العملاقة SEAVELVET ميناء النشيمة بمحافظة شبوة، في 6 مايو من العام الجاري، وهي تحمل على متنها ما يقارب مليون برميل من النفط الخام، بقيمة توازي 106 ملايين دولار، قيمة تضاف إلى مبالغ ضخمة من الأموال التي نهبتها قوى العدوان من عائدات النفط.
وفي سياق نهب المرتزِقة لعائدات النفط الخام والغاز خلال شهر مايو الماضي، تؤكّـد التقارير أن إجمالي القيمة لما تم بيعه بلغت قرابة 180 مليار ريال، وهو ما يكفي لصرف مرتبات موظفي الدولة في أنحاء الجمهورية لنحو ثلاثة أشهر.
عملياتٌ منظمة
وبخصوص عمليات نهب النفط والغاز المنظمة التي تتم في محافظة حضرموت عبر ميناء الضبة النفطي، من قبل دول العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي تؤكّـد وسائل الإعلام في الجنوب المحتلّ والتابعة للعدوان، إن 2 مليون برميل يتم تصديرها كُـلّ 45 يوماً عبر الميناء بإجمالي 120 مليون دولار أمريكي حسب السعر العالمي لخام برنت، أي أنه يتم تصدير شحنتين في كُـلّ ثلاثة أشهر بقيمة إجمالية تبلغ 240 مليون دولار أمريكي، وأن المدخول الشهري من بيع نفط حضرموت يصل إلى 80 مليون دولار أمريكي، هذا غير نفط شبوة وغاز بلحاف الذي تسيطر عليه دولة الاحتلال الإماراتي، ولهذا فَإنَّ دول العدوان ومرتزِقتها تنهب ثروات البلاد من حقول النفط والغاز الواقعة في المحافظات الجنوبية والشرقية منذ العام 2016م.
أما في محافظة مأرب فقد كشفت التقارير أن عائدات النفط والغاز تصل فيها شهرياً إلى مليون و800 ألف دولار شهرياً، حَيثُ أكّـدت منظمة “تقويم القدرات” الدولية في أغسطُس 2021م، أن كميةَ الغاز المسال المستخرج من حقول مأرب تبلغ 156.500 أسطوانة يوميًّا وبقيمة 681 ألف دولار.
وقالت المنظمة إن إيرادات مأرب من تصدير النفط والبيع المحلي للوقود المكرّر بلغ أكثر من ثلث إجمالي إيرادات النفط والغاز في اليمن لكنها تذهب لخدمة مرتزِقة حزب الإصلاح التي تسيطر على المحافظة الغازية والنفطية.
وفي الموضوع ذاته كشفت تقارير إعلامية عن إنتاج منشأة صافر 200 قاطرة غاز يوميًّا، حَيثُ يتم نهب عائداتها من قبل العدوان، ومرتزِقة حزب الإصلاح، ولهذا فَإنَّ إجمالي الايراد اليومي الذي تحقّقه مبيعات النفط والغاز من محافظة مأرب يصل إلى 2. 7 مليون دولار، ولذلك يؤكّـد خبراء النفط، بأن مبيعاتِ النفط الخام في الوقت الراهن تقدر بـ 300 مليون دولار شهرياً، وهو ما يكفي لتغطية فاتورة المرتبات لثلاثة أعوام مقبلة من عائدات النفط المصدر.
وتأتي عمليات النهب المنظم للنفط اليمني في وقت يعاني فيه اليمنيون من أزمات متعددة بفعل العدوان والحصار، إحداها انقطاع المرتبات، وهذه الثروات المنهوبة كفيلة بتغطية مرتبات كُـلّ موظفي الدولة وزيادة على ذلك كما أكّـدت إحصائيات لوزارة النفط بصنعاء؛ ولهذا فَإنَّ نهب النفط من قبل العدوان ومرتزِقته، يعد جريمة اقتصادية جسيمة ومنظمة، ما يضع الاحتلال ومرتزِقته والمتواطئين معهم أمام المساءلة القانونية والشعبيّة لمعرفة مصير إيرادات النفط، منذ سبع سنوات.
شركات وهمية وصفقات سرية
وحول الصفقات السرية التي أجرتها دويلة الاحتلال الإماراتي لصالح شركات وهمية تابعة لها، واستحوذت من خلالها على حصص شركات أجنبية في الحقول الإنتاجية النفطية في شبوة وحضرموت، يقول الخبير الاقتصادي رشيد الحداد أن سيطرة مرتزِقة الإمارات على عدد من القطاعات النفطية في محافظة شبوة خلال الشهر الفائت، كشفت عن صفقات سرّية كانت قد رعتها أبو ظبي، عبر دفْع عدد من الشركات الوهمية إلى شراء قطاعات إنتاجية بمساحات واسعة في شبوة وحضرموت، من شركات أجنبية متوقّفة عن الإنتاج منذ سنوات، موضحًا أن تلك الصفقات تمت في أبوظبي وبموافقة حكومة المرتزِقة رغم التحذيرات من وضع أبو ظبي يدها أَيْـضاً على حصّة «كوجاز» الكورية من الغاز اليمني، والتي كانت أعلنت الشركة تنازلها عنها طوْعاً.
وفي هذا الإطار، ورغم قيام حكومة المرتزِقة بنهب ما يقارب ١٨٩ مليون برميل منذ منتصف العام ٢٠١٦ _ ٢٠٢١م، بقيمة تجاوزت ال ١٣ مليار دولار، يؤكّـد الخبير الاقتصادي رشيد الحداد أن حكومة المرتزِقة عمدت مؤخّراً إلى بيع القطاعات النفطية وتحولت إلى سمسار لبيع القطاعات مالك ٩ شرق شبوة والقطاع ادميس S1، وقطاع العقلة S2 الذي تم بيعه مؤخّراً لشركة سبيك الإماراتية والقطاعات السابقة تم بيعها لشركة أوكتافيا التي مقرها في دبي.
ويوضح الحداد أن الشركة النفطية الإماراتية تُدعى «سبيك»، قامت بشراء من شركة «OMV» النمساوية، قطاع العقلة «S2»، أحد أهم قطاعات مديرية عرمة في شبوة، الممتدّ على مساحة 902 كلم مربع، والذي تُراوح طاقته الإنتاجية ما بين 12 ألفاً و16 ألف برميل يوميًّا، ويُراوح الاحتياطي المثبت فيه، وفقاً لتقارير رسمية صادرة عن «هيئة استكشاف النفط» في صنعاء، ما بين 50 و170 مليون برميل.
ووفقاً للخبير الاقتصادي الحداد، فَإنَّ قطاع «مالك 9» الواقع شرق شبوة، والذي تصل مساحته إلى 3500 كلم، كان ينتج 6200 برميل يوميًّا أواخر عام 2014م، بينما ينتج حَـاليًّا 5000 برميل، من بين القطاعات التي طالتها عمليات البيع، حَيثُ أقدمت الشركة المشغلة للقطاع «كالفالي بتروليوم»، على بيعه لشركة تُدعى «أوكتافيا إنرجي» التي تأسست بين عامَي 2016 و2019م.
ويشير الحداد إلى أن الشركة نفسها اشترت قطاع «أدميس S1» الممتدّ على مساحة 1200 كلم والواقع ما بين مديريات بيحان وعسيلان، وكان يتبع شركة «أوكسيدنتال» الأمريكية التي تخلّت عنه عام 2015م، قبل أن يتم تسليمُهُ في عام 2020م، إلى شركة «بترو مسيلة» الحكوميةِ لإعادة تشغيله وتسوية قضايا عمّاله.
ولأن هذا القطاع يمتلك تجهيزات هندسية ومعدّات إنتاجية كبيرة مغرية، فقد تمّ الاستحواذ عليه من قِبَل شركة تتبع مراكز قوى عسكرية موالية للعدوان، أطلقت على نفسها اسم «يمن أوكسيدنتال»، وزعمت أنها اشترت حصّة الشركة الأميركية، ليتمّ بيع «أدميس» أخيرًا في صفقة غامضة لـ«أوكتافيا إنرجي»، التي تتّخذ من دبي مقرّاً لها إلى جانب مقرّ آخر في بكين، بالمخالفة لعقود واتّفاقيات التشغيل.
ولأَنَّ الصفقةَ تشملُ نقلَ كامل حقوق التشغيل، من أصول وكادر وظيفي وبشري إلى الجانب الإماراتي، حتى انتهاء العقد مع حكومة المرتزِقة عام 2026م، يبين الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، أن هناك صفقاتٍ أُخرى جرى إبرامها، لمنح دويلة الاحتلال الإماراتي حصص شركات أجنبية في قطاعات تُنتج من 20 ألفاً إلى 40 ألف برميل يوميًّا، وباحتياطات إجمالية تصل إلى 200 مليون برميل، موضحًا أن حكومة المرتزِقة وافقت على إبرام هذه الصفقات التي جرت معظمها في دبي وعواصم دول أجنبية في مايو الفائت، مقابل حصولها على حصّة بلغت 15 % من صافي البيع، من دون علم الرأي العام اليمني، وبالمخالفة لاتّفاقيات وعقود التشغيل التي أُبرمت بين تلك الشركات والحكومة في صنعاء.
وفي الإطار نفسه، تصاعدت تحذيرات عدد من خبراء النفط في اليمن من سيطرة دويلة الاحتلال الإماراتي على حصّة الشركة الكورية «كوجاز» التي تنازلت عن حصّتها من الغاز اليمني أواخر العام الماضي بشكل طوعي والتي تبلغ 30 مليون طن، إلّا أن حكومةَ المرتزِقة تتكتّم على الأمرP؛ كونها أصبحت يمنية 100 %؛ ولهذا يتوقع الخبير الاقتصادي الحداد أن ذلك التكتّم مؤشِّراً إلى احتمال وجود صفقة أُخرى لصالح الإمارات المحتلّة، التي استضافت اجتماعات شركاء الغاز اليمني في دبي منتصفِ العام الماضي، يأتي ذلك في ظل مساعٍ إماراتية للاستحواذ والسيطرة على قطاع خمسة جنة هنت الذي ينتج ما بين 40 ألفاً إلى 60 ألف برميل في عسيلان بشبوةَ من خلال مرتزِقتها.
تقاسم الثروة النفطية
ولأن دولَ العدوان تتعامَلُ مع قطاع النفط اليمني كغنيمة، يتحدَّثُ الخبيرُ الاقتصادي، رشيد الحداد، قائلاً: إن التعامل مع القطاعات النفطية والبعث بها يؤكّـد أن هناك تقاسُماً وتناهُباً وتدمير مشترك للنفط اليمني.
ولهذا تؤكّـد مصادر سياسية مطلعة أن دول العدوان السعوديّ والإماراتي تقاسمت ثروات البلاد النفطية وبتعاون مباشر من قبل العميل الأول لأمريكا المرتزِق رشاد العليمي وقيادات حكومته، حَيثُ يقضي هذا التعاون على أن تستحوذ السعوديّة على الثروات النفطية في محافظتَي مأرب والجوف، بينما تمنح الإمارات حضرموت وشبوة، وهذا ما تم في الآونة الأخيرة، عوضاً عن المحاولات الأُخرى التي تقوم بها السعوديّة في استخدام موانئَ في محافظةِ المهرة لإدارة وتصدير مشتقاتها النفطية.