الخيباتُ الكبرى للعدوان في اليمن.. انكسارُ حلم احتلال الحديدة
قائدُ الثورة يرسُمُ ملامحَ المرحلة المقبلة ويحُثُّ أهالي المحافظة على الانتباه واليقظة
المسيرة – محمد الكامل
حمَلَ لقاءُ قائد الثورة قبل أَيَّـام مع أهالي محافظة الحديدة الكثيرَ من المعاني والدلالات، ورسم خارطةً جديدةً لطبيعة المواجهة مع العدوّ، بناءً على المسار السابق الذي انتهجه أبطال الجيش واللجان الشعبيّة وأهالي الحديدة في مواجهة العدوان الأمريكي السعوديّ خلال المرحلة الماضية.
ويظهر من خلال اللقاء مدى ارتياح قائد الثورة لموقف أهالي الحديدة من التطورات الماضية، حَيثُ يستهل اللقاء بالترحيب بهم، مؤكّـداً أن القيادة الثورية تحمل لهم كُـلّ مشاعر الود والمحبة، والاحترام، والإعزاز، والتقدير، ثم يلفت انتباههم إلى نقطة هامة جِـدًّا وهي مرحلة الثبات والصمود، والتحشيد، والتجنيد، لمواجهة العدوّ حتى يشبع من اليأس لاحتلال محافظتهم.
ويذكّر قائد الثورة أهالي المحافظة بجرائم العدوان المتعددة، وما نتج عنها من مآسٍ، ومعاناة كبيرة، وهي جراحٌ موغلة في صدر كُـلّ مواطن باليمن عُمُـومًا، والحديدة خُصُوصاً، حَيثُ يأتي هذا التذكير مع حجم الأوجاع الكبيرة التي رافقت سكان المحافظة، ولا تزال ندوُبُها إلى يومنا هذا، والتي سيدوّنها التاريخ في أسود صفحاته، فالحديدة بأكملها قد تعرضت للقصف والعدوان، من منازل، وأسواق، ومستشفيات، وطرقات، وموانئ، وغيرها.
ويشير السيد عبد الملك الحوثي –حفظه الله- إلى الموقفِ الحر والشجاع لأهالي الحديدة، إزاء هذه الجرائم، فهم لم يظلوا مكتوفي الأيدي، بل تصدوا لهذا العدوان بكل بسالة وشجاعة، وضربوا أروع الأمثلة في الصمود والثبات، حتى صدم تحالف العدوان أمام وفاء أبناء هذه المحافظة لقيمهم، ومبادئهم الأصيلة، وانتمائهم الإيمَـاني، وَتجلَّى قول رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله-: ((الإيمَـان يمان)) في هذا العصر، وفي هذه المرحلة بهذا الصمود، وهذا الثبات المشرِّف لأبناء هذه المحافظة والكلام هنا لقائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي.
ويؤكّـد قائد الثورة أن الثبات في موقف الحق، والتصدي للطغيان، والوقوف بوجه الاستكبار الظالم، والعدوان الغاشم، هو من مبادئ الإيمَـان، من قيم الإيمَـان، من عزة الإيمَـان؛ ولذلك كان أبناء هذه المحافظة على مستوًى عالٍ من الصبر، من الثبات، بينما كان تحالف العدوان يؤمِّل أنه بجرائمه الوحشية سيكسر إرادتهم، وسيحطم معنوياتهم، وأنه بنشاطه التضليلي الإعلامي والدعائي، سيغرر عليهم ويخدعهم، فيجد في هذه المحافظة بيئةً مفتوحة متقبلة لاحتلاله وإجرامه، متقبلةً له بكل ما هو عليه من وحشية وطغيان، لكنه صدم بمستوى الوعي العالي لأبناء هذه المحافظة، وبمستوى صبرهم، رغم حجم المعاناة الكبير جِـدًّا، معاناة حتى في لقمة الخبز.
ولعلَّ ما يلفت هنا في خطاب قائد الثورة لأهالي الحديدة، هو التطرُّقُ إلى قسوة العدوان ووحشيته تجاه الأبرياء والمدنيين، غير أن أبناء هذه المحافظة تجاوزوا تكل المراحل الصعبة، والتحديات، ومَنَّ اللهُ “سبحانه وتعالى” – كما يقولُ القائدُ- برعايته العجيبة التي يرعى بها عبادَه المؤمنين، رعاية للمؤمنين، رعاية بالنصر، بالسكينة، بالتثبيت، بالتأييد، بدفع الأعداء، ومنَّ الله، وَبالانتصارات الكبيرة، التي كانت الدريهمي، من أهم النماذج التي سيخلِّدها التاريخ، كملحمة عظيمة، أُسطورية، بطولية، إيمَـانية، من أهم الملاحم في الثبات، والتفاني، والصبر، ومثال عظيم لرعاية الله “سُبحانَه وتعالى” وتأييده العجيب.
وعلى الرغم من التضحياتِ الجسيمة، وكل ما تعرَّضَ له الحديدة من قسوة الاحتلال، إلا أن أعينَ الطغاة لا تزال مفتوحةً على هذه المحافظة الساحلية؛ نظراً لأهميتِها الاستراتيجية، وما تتميَّزُ به من موقعٍ مميز من الناحية الجيوسياسية والاقتصادية، الأمر الذي يتطلب المزيد من الجهد والحذر، وعدم نسف التضحيات السابقة، والحفاظ على المكتسبات التي تحقّقت في الفترة الماضية؛ ولذا نتفهم هنا دعوة قائد الثورة إلى ضرورة الاستمرار في التحشيد والتجنيد، وَفي التدريب، في التأهيل، وفي التجنيد بشكل كبير، وحتى يشبعوا من اليأس من هذه المحافظة، ومن الاعتداء عليها، ومن إمْكَانية الاحتلال لها، وهذا ما ينبغي أن يساهم فيه الوجاهات، والجانب الرسمي، والجانب الشعبي، والعلماء في المقدمة، كما يقول قائد الثورة.
خطابٌ مفصلي
ويوضّحُ المحلِّلُ والخبير العسكري، العقيد مجيب شمسان، أن توجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي لأبناء الحديدة والدعوة إلى التحشيد في مواجهة العدوان وحماية هذه المحافظة الاستراتيجية الهامة تأتي نظراً للوضع القائم اليوم الذي يتحَرّك فيه تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ بكل وسائله المتعددة.
ويشير شمسان في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” إلى أن القيادةَ اليوم كما مدت يدها إلى السلام هي تدرك جيِّدًا بأن تحالف العدوان ليس لديه أي نوايا حقيقية للسلام من جهة، وأن تحريرَ الأرض لا يمكن أن يتحقّق ولا يكون إلا بيد أبنائها ورجالها من جهة ثانية، منوِّهًا إلى أن توجيهاتِ القائد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ودعوته لأبناء الحديدة كما هي دعوته إلى كُـلّ أبناء اليمن الشرفاء الأحرار لمواجهة تحالف العدوان ومخطّطاته التآمرية على الشعب اليمني، وأن أهميّة هذه الدعوة موجهة خلال هذه المرحلة لا سِـيَّـما في ظل التحَرّكات التي يقوم بها تحالف العدوان وعلى رأسهم الكيان الصهيوني الذي ينظر إلى أهميّة هذه المنطقة بالنسبة له لا سِـيَّـما فيما يتعلق بباب المندب كأهميّة استراتيجية وجزء من نظرية أمنه القومي على اعتبار أن تنامي القدرات اليمنية اليوم كما يقرأها الكيان الصهيوني يشكل تهديداً وجودياً له لا سِـيَّـما في هذه المنطقة.
ويشدّد شمسان على أهميّة دعوة السيد القائد لأبناء الحديدة لأن يكونوا إلى جانبِ أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في حماية هذه المحافظة وحماية مدينتهم من المخطّطات العدوانية ومخطّطات الاحتلال؛ باعتبَار أنهم الركيزةُ الأَسَاسية الذي يتحقّق بهم الاستقرار ويتحقّق بهم تحرير الأرض، مؤكّـداً أن هذه الدعوة موجهة خلال هذه المرحلة كما وجهت دعوات أُخرى أَيْـضاً إلى بقية أبناء الشعب اليمني في كُـلّ المحافظات وفي كُـلّ اللقاءات التي وجه من خلال السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي دعوته إلى أبناء المحافظات للتحَرّك الجاد في مواجهة العدوان، على اعتبار أننا مددنا أيدينا إلى السلام ولم نجد أية بوادرَ حقيقية من قبل تحالف العدوان، وعلى الجانب الآخر، مستعدين لمواجهة كافة السيناريو المحتملة في حال قرّر تحالف العدوان نقض العهود والاستمرار في عدوانه على الشعب اليمني.
من جانبه، يؤكّـد الباحث في الشأن العسكري زين العابدين عثمان أننا في إطار مرحلة مهمة وأمام الخطاب المفصلي الذي وجَهه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي لأبناء الحديدة والذي تضمن الحديث حول وضع حدود ومعالجات؛ لما يعانيه السكان والمواطنون من الأوضاع وما تفتضيه مسارات المرحلة القادمة خُصُوصاً وأن العدوان والحصار لا يزال مُستمرّ.
ويرى عثمان في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن قائد الثورة -حفظه الله- قد حث أبناء الحديدة على مواكبة التطورات والصمود والاستمرار في التعبئة العامة على الجانب العسكري؛ وذلك لتعزيز الأمن والاستقرار، وإفشال ما يخطط له تحالف العدوان، مُشيراً إلى أن الحديدة لا تزال محكاً عسكريًّا يحاول تحالف العدوان اليوم أن يحافظ على موطئ قدم فيها وفي الساحل الغربي، وبالتالي فالعدوان لا يزال يمارسُ أعمالاً خطيرة ضد أبناء الحديدة ومنها زرع الخلافات ونشر الشائعات والأكاذيب وجر المجتمع إلى مربع خارج أولويات التصدي والمواجهة للعدوان والمرتزِقة، منوِّهًا إلى أن الحديدة وأبناءها يحظون باهتمامٍ خاص من قبل قائد الثورة وتحتل أعلى سُلّم الأولويات، وقد كان خطاب قائد الثورة نابعاً من واقع الاهتمام الكبير الذي يوليه لأبناء الحديدة الأعزاء الذين يشكلون النسق الأول في مسار الدفاع عن الحديدة وحمايتها مما يخطط له تحالف العدوان ومرتزِقته، خُصُوصاً أن العدوان لايزال يعد العُدة ويقوم بالتحشيد المُستمرّ للمرتزِقة ونقل للمعدات الحربية من عدن وتعز إلى الجبهات الغربية منها جبهات حيس والخوخة وغيرها من المناطق الساحلية، وذلك؛ بهَدفِ استئناف التصعيد والعمليات العسكرية على الساحل، مُشيراً إلى أن أبناء الحديدة اليوم -كما أذهلوا العالم بصمودهم واستبسالهم في معركة الدفاع عن الحديدة ومعركة الدريهمي- سيكونون هم حماة الحديدة ورجالها الذي ستتحطم تحت أقدامهم كُـلّ مخطّطات العدوان.
ونتيجةً لما سبق نجدُ قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي يشجّع الناس للتحَرّك في أداء واجبهم الذي هو من الجهاد في سبيل الله، داعياً لأن يكون هناك تنشيط وتشجيع للشباب للالتحاق بالتجنيد، والتدريب، والتأهيل، والبناء، والاستعداد؛ لأَنَّ الله يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: من الآية60].
ويأمل قائد الثورة أن نصلَ إلى مرحلة تغطي هذه المحافظة احتياجها من التشكيلات العسكرية، والقوة العسكرية، والألوية العسكرية، حتى يكون هناك قوةٌ ضاربة من أبناء هذه المحافظة، من رجالها الأبطال والأعزاء والأوفياء والمجاهدين، كما يأمل أَيْـضاً الاهتمام به، وأن يكونَ من الاهتمامات الرئيسة في التذكير، في التوعية، في التحريض على الجهاد في سبيل الله، في الحركة بين أوساط المجتمع.
ومن النقاط الهامة التي تطرّق لها قائد الثورة هو ضرورة الالتفات إلى أبناء المحافظة، وتقديم الخدمات الكامل لهم، كالكهرباء وغيرها، وضرورة الاهتمام بالجانب الزراعي، وَبقية الخدمات مثل المياه والصحة.
ولأن المأساة وصلت إلى حَــدٍّ لا يطاق في الحديدة، فَـإنَّ قائد الثورة يعبر عن حزنه الأليم تجاه ما يحدث في المحافظة، وفي مقدمة ذلك مشكلة الألغام، ومخلفات الحرب، وفي مقدمة ذلك مشكلة الألغام، ومخلفات الحرب، وهو ما يعبر عن حرص القيادة ورحمتها بالمواطنين في الحديدة، وحرصها الشديد على ألا يصيبَهم أيُّ مكروه، وهذا ما يتجسد خلال اللقاء، حَيثُ قال قائد الثورة في ختام خطابه: “كل هذه هي هموم لكم وهموم لنا، أنتم إخوتنا، أحباؤنا، أعزاؤنا، مآسيكم هي مآسٍ في قلوبنا، نحمل همكم، وآلامكم، ونستشعر ظروفكم، ونتألَّمُ لآلامكم، ونحملُ معكم الأملَ والرجاءَ في الله “سبحانه وتعالى”، وفي ما وعد اللهُ به من الخير.
خطورةُ المشروع الأمريكي الصهيوني
وينبّه المدير التنفيذي لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، عبد العزيز أبو طالب، إلى أهميّة دعوة قائد الثورة لأهالي الحديدة للتحشيد والتجنيد، ومواصلة الصمود ومقارعة العدوان، منوِّهًا إلى أن هذه الأهميّةَ تأتي من إدراك قائد الثورة للوضع الذي تمر به الحديدة والبحر الأحمر والمنطقة بشكل عام، إذ يستشعر السيد القائد خطورة المشروع الأمريكي الصهيوني الذي يستهدف البحر الأحمر.
ويضيف أبو طالب: “الحديدة أهم نقطة مستهدفة من قبل العدوّ؛ كونها الساحل العربي الوحيد الخارج عن المشروع الصهيوني ضمن مشروع ما يسمى تحويل البحر الأحمر إلى بحيرة صهيونية وبالتالي تأمين “مصالح الكيان الصهيوني”.
ويتابع أبو طالب في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: وهنا يشدّد السيد القائد على أهميّة أن تكون الحديدة محمية بأبنائها وهم أهل لذلك وقد أثبتوا ذلك بفضل الله وبفضل الثقافة الجهادية التي تشربوها من المسيرة القرآنية فكان منهم المبرزين في الجهاد وأعلام في الاستشهاد، مُشيراً إلى أن أهالي الحديدة اليوم يتمتعون بوعي متقدم تجاه ما يحاك ضد البلد والمنطقة العربية والإسلامية وأصبحوا يشيرون إلى العدوّ الحقيقي للأُمَّـة ولديهم من الوعي والبصيرة والإيمَـان ما يدفعهم للتوجّـه نحو حماية الحديدة؛ باعتبَارها ثغر اليمن.
ويفيد أبو طالب في نهاية حديثه أنه وبتوجّـه أبناء الحديدة نحوَ التحشيد والتجنيد يضمن اليمنُ وقيادتُه وأهالي الحديدة والمناطق الساحلية المجاورة بناءَ سد وحصن منيع أمامَ أية محاولات لاختراق هذا الثغر والذي سيكون محمياً برجال أبنائه الشرفاء والأوفياء لبلدهم وأمتهم.