الحربُ الناعمة أقصرُ طرق العدوّ للنصر.. بقلم/ هنادي محمد
طبيعةُ الصراع بينَ أرباب الشر وأهل الحق مُستمرّةٌ ما دامت البشرية في الوجود ولم يفنَ أهل الأرض ومن عليها، يحرِصُ الأول على جعلِ الطابعِ العام للحياة صراعاً واقتتالاً ونزاعاتٍ وأوبئةً وأزماتٍ؛ ليصل إلى هدفه الساقط وهو الاستحكامُ العالمي بالشعوب وثرواتها.
فالحربُ كلمةٌ تندرجُ تحتها أنواعٌ عديدةٌ من ذاتها، يعتقدُ الكثيرُ أن أشدَّها خطراً هي الحربُ العسكرية، إلا أنّ الواقعَ المعاشَ في العَقدِ الأخيرِ من الزمن أكّـد على أن الحربَ الباردة -التي سُمِّيت في الوقتِ الراهن بـ “النّاعمة”- الأفتكُ والأشرسُ والأوسعُ آثاراً بأقصر الطرق وأسرعها، وتحقِّقُ من النتائج ما لا يمكنُ أن تحقّقَه الحربُ العسكرية، فالأُخرى يمكن الانتصارُ فيها بمواجهةٍ مباشرةٍ ميدانُها محدودٌ بمساحة معيّنة، العدوّ فيها مرئيٌّ، أما الحربُ الناعمةُ فميدانُها هو نفسُ الإنسان، والهدفُ الرئيسي منها تدميرُه وضربُ نفسيته، من خلال إغراقِه بثقافات وأفكارٍ دخيلة وترويضِه تدريجيًّا على ممارسات غير مشروعة يتم إيهامُه بأنه بها سيصلُ إلى السعادة وما يسمونه بـ “السلام الداخلي”، أي السكينة والاستقرار النفسي.
ونحن كشعبٍ يمني نواجِهُ عدواناً شرساً للعام الثامن على التوالي، ظل العدوُّ هو الطرف الخاسر المنهزم على جميع الأصعدة، فبعد أن يَئِسَ من الظفر بالنصر، وبعد الدخولِ في خُدعة الهُدنة المكذوبة، عمل من وراء جُدُرٍ على صعيدٍ آخر؛ للإضرار بنا منتقماً، وذلك بمحاولته نشرَ مسببات انتشار الجريمة والفساد الأخلاقي والتي في مقدمتها “الممنوعات”، عاث في الجنوبِ فساداً ونشر ووزع ما يسمى بـ “الشبّو” وهو نوعٌ من أنواع المخدرات التي تعمل على تدمير مناعة المتعاطي لها وإخراجه عن حالة الوعي والإدراك، مما يدفعُه للقيام بأعمالٍ وحشيةٍ ولا أخلاقية؛ ليخلخل وضع وواقع المجتمع ليصبح مجتمعاً هزيلاً مشتتاً مفككاً، لا قوة له ولا أمن وأمان لبعضهم البعض فيسهل بذلك هزيمتهم.
ومؤخّراً تم ضبطُ كميات كبيرة من هذا المخدر كانت في طريقها إلى العاصمة صنعاء؛ لتباع وتوزّع فيها، فتصبح صنعاء -التي بَعُدت عليهم سنينَ- قريبةً منهم -كما يحلمون-، إلا أن يقظةَ رجال الأمن قالت لهم مجدّدًا بلسان العَلَم القائد: “صنعاء بعيدة قلوا له الرياض أقرب”، وإن حاولتم المرورَ بطرق خفيّة إلا أن لطفَ الله ورعايتَه يشملُ عبادَه المؤمنين.
المطلوبُ للانتصار في الحرب الناعمة ارتباطٌ وثيقٌ وقويٌّ بهدى الله الذي سيكسبُنا التقوى؛ لنقي أنفسَنا من السقوط في حبالها، وكذلك هناك واجبٌ منوطٌ بالجهات المعنية، كُـلٌّ من موقعه، للتوعية والوقوف أمامها بكل وعيٍ وبصيرةٍ لإفشالها، والعاقبـةُ للمتَّقيـن.