مستقبلُ القدس.. واقعٌ عملي يسابقُ الزمن
المسيرة | متابعات
يُصَمِّمُ الاحتلالُ واقعاً جديدًا في القدس المحتلّة يترجمُ فيه مخطّطاتِ التهويد التي رافقت المشروع الصهيوني منذ العام 1948م، واحتلال المدينة عام 1967م، لخطوات عملية للإلحاق الكامل، والتي تتشكل رويداً رويداً مع قدوم جديد لرئيسٍ جديد للولايات المتحدة الأمريكية.
لقد وضع الاحتلالُ الصهيوني القدس في بؤرة الصراع، ويسابق الزمن لحسم مستقبل القدس من زاوية الوجود الفلسطيني وإقامة الهيكل المزعوم ساعياً لهدم المسجد الأقصى أَو على الأقل تقسيمه زمانيّاً ومكانيّاً وربما سيكون ذلك قريباً جِـدًّا.
غير أن الانتقال من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ في تهويد المقدسات والأرض بالقدس مرتبط بالمشهد السياسي المتأزم في كيان الاحتلال وبرامج حكومة متطرفة تعبث في أكثر ملفات القضية الفلسطينية أهميّة.
يركز الاحتلال في المدّة الجارية على تسجيلِ مساحاتٍ واسعةٍ من مدينة القدس لملكية يهود بواسطة ميزانية مخصَّصة تشملُ مساحاتٍ في محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى.
وتعد هذه الخطوة الجديدة حلقة في مسلسل تهويد القدس والأقصى في ظل تواصل الحفريات منذ 55 عاماً، بواقع 58 حفرية في محيط الأقصى راميًا لإنهاء تهويد القدس قريبًا.
يؤكّـد الخبراء في شؤون القدس والاستيطان، أن الاحتلال كان سابقًا يعلن عن خطوات نظرية لضم وسلب منطقة ما بالقدس، ويدعو سكانها لتسجيل أراضيهم وفق إجراءات قانونية مزعومة.
غير أن السكان اليوم يرفضون على اعتبار أنها خدعة للتحكم بأرضهم، تحتَ ذريعة السيطرة على أملاك الغائبين، لكن الواقع الآن اختلف بمبادرة عملية من الاحتلال.
حيث يستغل الاحتلال عدم تجاوب سكان القدس في تسجيل الأراضي فيقوم بتسوية ملف أراضي طابو وأرض وقفية مثلاً وينسب ملكيتها للمستوطنين وجماعات دينية متطرفة، وكما يحاول فرضَ ذلك في الشيخ جراح.
وتشير العديد من الدراسات إلى أن هدفَ البرنامج التهويدي في المرحلة الحالية وضع يد الاحتلال على محيط المسجد الأقصى وما يقع أسفله وكذلك القصور الأموية والعباسية والحوض المقدس.
ويجري الاحتلالُ الآن حفريةً خطيرةً في الزاوية الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى، والتي تصل من المصلى القبلي إلى مصلى البراق تحت أَسَاسات الأقصى وتحت الأروقة الأموية، ما أَدَّى لحدوث حفرة في مصطبة أبو بكر مؤخّراً.
لكن ومع فشل الاحتلال في جعل مدينة القدس المحتلّة بحلول عام 2022م، وفق خطته السابقة خالية من الوجود الفلسطيني.
إذ لم تنجح الرواية والخطة اليهودية والتوراتية، ولا يزال الفلسطيني يشكل 37 % من عدد سكان القدس، وقد يلجأ الاحتلال قريبًا لتقسيم المسجد الأقصى زمانيًّا ومكانيًّا.
لذا فَـإنَّ إقدام الاحتلال مستقبلاً على خطوات متطرفة نحو القدس يتخللها تهجير جماعي، وربما منع الفلسطيني من دخول الأقصى لعدة أَيَّـام تمهيدًا لإقامة الهيكل المزعوم وهدم الأقصى.
كما ترمي مخطّطات الاحتلال إلى إكمال تهويد المناطق الوقفية الملاصقة للمسجد الأقصى والتي لا يستطيع الفلسطينيون الدفاع عنها في هذه المرحلة.
في السياق، نشرت شركات “إسرائيلية” عديدة صوراً للهيكل المزعوم فوق موقع المسجد الأقصى وصوراً أُخرى لمدينة القدس الكبرى يمهد الطريق لمخطّطات حكومة الاحتلال المتطرفة في حسم واقع القدس فهي أسيرة التطرف اليهودي.
ولأن واقع التهويد في القدس المحتلّة الآن يزداد تعقيداً وميدانها يتجهز لمواجهة شاملة وسط الصمت والتطبيع العربي الذي يلعب دوراً سلبيّاً في القدس، فسهام حكومة الاحتلال المتطرفة كلها موجهة صوب كبد القدس لتحقيق حلم القدس اليهودية الكبرى في أشد ملفات الصراع سخونة منذ احتلت عام 1967م.
غير أن أزمة المجتمع والحكومة “الإسرائيلية” الداخلية تؤثر على تعزيز واقع الهجرة العكسية من فلسطين المحتلّة نحو دول أُورُوبية والولايات المتحدة الأمريكية، لذا فهم يريدون تقديم شيء عملي ملموس على الأرض، سابقًا فرضوا قوانين من عام 67م، ونظريات الأحزمة حول أسوار القدس وتهويدها بالاستيطان، والآن يحاولون الحد من الهجرة العكسية لطمأنة اليهود؛ كي يعودوا للقدس.
إن فشلَ المشروع الصهيوني تترجمه صورٌ عديدة في مِلف التعداد السكاني والصراع الديمغرافي، فعدد اليهود في الولايات المتحدة يفوق عددهم في فلسطين المحتلّة، والصمود الفلسطيني بالقدس يحدّ من شهوة التهويد المتسارعة.
ميدانيًّا، حركات المقاومة الفلسطينية اليوم، باتت هي من ترسُمُ قواعدَ الاشتباك مع كيان الاحتلال، وشكلت العقبة الرئيسة أمام تحقيق طموحاته وأهدافه ليس في القدس وحدها بل وفي فلسطين عُمُـومًا.