زيارةُ بايدن إلى المنطقة .. بقلم د/ فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
حظيت زيارةُ الرئيس الأمريكي بايدن إلى المنطقة باهتمامٍ سياسي وإعلامي غير مسبوق، خَاصَّةً في الدول المشاركة في قمة جدة، وبغض النظر عن نتائج الزيارة المعلَنة أَو غير المعلَنة، فقد كان السبب الرئيسي لذلك الاهتمام هو أن زعماءَ تلك الدول شعروا بالأمان؛ لأَنَّ هذه الزيارة اعتُبرت بوابةً لعودة أمريكا إلى المنطقة، وهذا يعني عودةَ الحماية الأمريكية للأنظمة الموالية لها بعد الهجمات التي نفّذتها الصواريخُ والمسيَّراتُ اليمنية ضد السعوديّة والإمارات ولم تتحَرّك أمريكا بالشكل التي كانت تلك الأنظمة ترغب به.
وإذا استعرضنا محطاتِ هذه الزيارة فسوف نجد أن المحطةَ الأولى كانت فلسطين المحتلّة، وكان هدفها الرئيسي هو تطمين إسرائيل وتهدئة رَوْعِها في مواجهة إيران ومحور المقاومة، والتأكيدُ على أن المحطات التالية للزيارة سوف تسخَّرُ لمصلحتها ومنحها الدعمَ الكاملَ في مواجهة الفلسطينيين مهما كانت الوسيلة التي تستخدمها ضدهم، وحتى أن بايدن تجاهل قضية مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة؛ مراعاةً لشعور إسرائيل وأما بقية الوعود التي قدمها بايدن فهي تجديدٌ للوعود الأمريكية السابقة.
والجديد في هذه الزيارة هو انتقالُ الرئيس الأمريكي من الأراضي المحتلّة إلى إمارة مكة المكرمة مباشرة في سابقة تطبيعية خطيرة بعد أن كانت السعوديّة قد أعلنت فتحَ أجوائها أمام الطائرات الإسرائيلية كبادرة حُسن نية منها مقدَّمة إلى الرئيس الأمريكي.
وأما المحطةُ الثانية فكانت أراضي السلطة الفلسطينية ولقاءَه مع محمود عباس الذي تنفّس الصعداء بموافقة الرئيس الأمريكي على لقائه مع أن أمريكا لم تقدم للسلطة أي وعد باستثناء وعد مؤجَّل بحل الدولتين إلى أن تسمح الظروف لإسرائيل بالحديث عنه مع أن المستوطنات الإسرائيلية مُستمرّة في الانتشار في الضفة الغربية، إضافةً إلى تقديم مِئة ألف دولار لمستشفيات القدس وبقية الوعود تبخرت لعدم موافقة إسرائيل عليها.
وأما المحطة الأخيرة للزيارة فكانت مدينةَ جدة في إمارة مكة المكرمة متزامنة مع انتهاء مناسك الحج، وفيها عُقدت قمة عربية أمريكية بمشاركة دول مجلس التعاون العربي ومصر والعراق والأردن، وخلال القمة جدد الزعماء المشاركون فيها الولاءَ لأمريكا، وقدموا لها الشكر الجزيل على قبولها لإعلان ولائهم المطلق لها ولعودتها إلى المنطقة لحمايتهم من إيران وأنصار الله.
هذا ما ظهر للعلن وبقيةُ القضايا ما زالت في إطار النقاش بشكل غير معلَن، واتضح أن أهم هدف للزيارة هو النفط وخدمة إسرائيل.