الوَلايةُ الإلهية ليست عنواناً طائفياً .. بقلم/ منتصر الجلي
في عام من أعوام البلاغ الرسالي وهو الأخير، ورسول الرحمة، وصحبه ومن معه، هم زهاء أحد عشر ألف حاج من جميع البقاع والديار الإسلامية، يمكن أن نقول معظم الجزيرة العربية، وفي أثناء العودة من حجّـة الوداع من السنة العاشرة، وعلى قارعة الطريق، جاء البلاغ للرسول الأكرم: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ…) هنا يتحتم المشهد ولأهميّة الأمر، يهيئ الرسول -صلوات الله عليه وآله- الظروف ويلم الجمع، يقف في موقف لو وقفته الأُمَّــة من بعده لوقفت اليوم كبيرة ذات باع وشأن وواحدة من أقطاب العالم، أمام الرئيس الأمريكي العجوز جو بايدن، والذي هو في زيارة لإعادة البساط للشرق الأوسط، وحلب ما تبقى من بقرة بني سعود.
كان ذلك البلاغ هو إعلان ولاية أمر لأمة إلى من يهديها، إلى من يصنع منها قوة جبارة، وقدرة مناهضة للتقسيم، والتطبيع، والانحراف، والركوع، لتفاهات العالم.
مع أَيَّـام الولاية وفي حين يستقبل أحرار الأُمَّــة ولاية رسول الله ووليه الإمَام عَلِيّ (ع) من بعده، ليعيدا إليها الولاء الحقيقي، الذي أراده الله، هي ترفع يد أمريكا الذي أرادها الشيطان، رغم أن البراءة من الشيطان كانت قبل أَيَّـام مع الحج، وعرفة، ولكن لم يكن الحج بالشكل الذي يثمر ولاية صادقة لأولياء الله، بل جاء الرئيس الأمريكي ليثمر من كُـلّ بئر عميق، ليأخذ ما ادَّخره آل سعود نهباً من الحجيج وموسم الحج.
اجتمعت القمة العربية الأمريكية لوضع التاج على البنت المدللة “إسرائيل” هذا ما قصده بايدن الخرف في زيارته لكيان العدوّ الإسرائيلي.
أرادَت البنت الشوهاء حلفاً يحميها من دنس نفسها، فالتجأت إلى أعراب الخليج ودويلات، اتخذت سنام الإسلام مطية المطايا، دافعة النفط والثروة والحماية وَالاتباع كله لترضى إسرائيل، على هرم النفاق مملكة العهر التي دنست ودُنِس زمان جرى في تاريخ الأُمَّــة العربية، تأسست من عام ١٩٢٤م سرطان زرعه الاستعمار البريطاني في جسد الأُمَّــة.
تظل السعوديّة تبحث عن كُـلّ ما له رضا بأمريكا، فحاولت تيسير الزيارة المشؤومة، ولكي لا تُحرج أمام الرئيس الأمريكي، مع تناول كأس القهوة، جراءَ الصواريخ والمسيَّرات اليمنية، سارعت بشماعة وهنة تملؤها الثقوب المهترئة، هي الهُدنة، بالنسبة لشعبنا وقضيتنا اليمنية.
الهُدنة والتي لطالما لم تؤت أكلها وثمارها سوى الاختراقات المُستمرّة والنزيف الجاري والمعاناة المتواصلة، والمرتبات المنقطعة، والسفن المحتجزة، والمنافذ المغلقة، وغيرها من الحصار والحرب العبثية، إعلاميا، سياسيًّا، وأخيرًا اقتصاديًّا، ورقة حركتها دول العدوان لتكسب إنجازات سياسية عبر الضغط، وكلها محاولات، لا جدوائية منها، وقد عرف الشعب ما يراد له. ومشروعية الهُدنة وجوازية بقائها هي المعايير السابقة الذكر، في حين لم يشهد الشعب شيئًا منها، إذ لا هُدنة وقادة الشر على العالم في قصور جدة، تلعب أمريكا بمسمى قوة القطبية، أَو أحادية القطب العالمي، غير مدركة ما يحيكه الدب الروسي الذي لا يمكن يستقر حتى تزول الأحادية، وتلد الثنائية وغيرها على رقعة الخريطة العالمية.
بهذا يتضح أن الولاية الإلهية، دستور كتاب وحاكمية مطلقة على حاكمية العالم؛ كونها تستند إلى عدالة سماوية، تحيا في ظلها البشرية وتهنأ الإنسانية، فلا سعادة للمجتمع وحاكميته غير سعادة تتحقّق من خلال الولاية الإلهية، إذ هي عصرية، فكرية، حضارية، واقع الولاية يشهد لها بالتقدم الحضاري حسب المعيار القرآني والذي أوجدته النظريات الحديثة من خلال وضع قوانين وتعاليم وأسس هزيلة هشة ليست ذات أرضية صلبة تضمن حتماً أحقية الإنسانية في العيش المشترك.
فالولاية وإن اخترقت من قبل مدعي التدين ومنحرفي الأهواء والذين لا يجدون متنفساً لأطماعهم مع مبادئ الولاية، إذ يرون فيها ما يكبل جماح رغباتهم في كُـلّ ما ليس لهم فيه حق، وهم أشتات منهم: همج رعاع يميلون مع كُـلّ ناعق، ومنهم من لم يستضيء بنور العلم، ومنهم السذج من مستضعفي القوم، ومنهم السماعون وغيرهم، تظل في مرحلة الثبات الزمني؛ لأَنَّه الله، وهي منه وإليه.