رؤيةُ الشهيد القائد في ما يتعلق بالمفاوضات والحوار والهُدنة مع الأعداء
أبو زيد الهلالي
{فَإِنْ حَاجُّوْكَ} هي شبيهةٌ بموضوع مفاوضات، أَو حوار، أَو جدل فأنت عندما تكون في حوار مع أطراف من هذا النوع ماضيهم أسود على هذا النحو، على هذا النحو في موضوع جدال، أَو حوار، أَو مفاوضات يجب أن يكون عندك هذه النظرة فتعرف أن هذا الطرف في واقعه هو واقع فيه نقاط ضعف كبيرة بالنسبة له لا يجوز أن أراه كَبيراً فيكون بالشكل الذي يدفعني إلى أن أقدم تنازلات في تفاوضي معه، في الأخير تكون أنت من قدم دينك وقدم الأُمَّــة؛ بسَببِ رؤية مغلوطة إلى الطرف الآخر، فتعتبر قاعدة هامة في موضوع التفاوض مع الآخرين، أَو الحوار، أَو الجدل هذه منسية أليست منسية عند العرب؟ على الرغم من مرور سنين طويلة أعني يبدو لا يوجد التفات للقرآن ولا يوم واحد على الرغم من صراع، مع اليهود مع تقريبًا الغربيين بشكل عام، وتجدهم في عمى، في ضلال لا يهتدون بشيء نهائيًّا لا يبدو أنه يوجد التفاته ولا يوم واحد للقرآن، أن يهتدوا به!
أليس هنا يعطي رؤًى صحيحةً في كيف يكون موقفك من الآخر؟ وأن هذه الرؤية هي هامة جِـدًّا جداً في ماذا؟ أن تبقى مستقيماً لله ومستقيماً مع أتباعك {أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} (آل عمران من الآية20) أي ألم يؤد بهم إلى أن قد هم مستعجلين إلى أن يضحوا بأتباعهم؛ لأَنَّه ليس فيهم من يمكن أن يكونوا مسلمين لله، ومن اتبعهم، ضحوا بدين الله، ومضحين حتى بأتباعهم، ومتحاورون، ومقدمون مبادرات، وتنازلات لليهود. فهذه تعطي الناس أملاً أن يعرفوا أعداءهم أنهم هكذا، وأعداؤهم عندما يكونون على هذا النحو هذه نقطة ضعف فيهم كبيرة تجعلهم عرضة لأن يضربوا، بأن يذلوا، بأن يخزوا هم مستوجبون عذاباً، مستوجبون خزياً في الدنيا وعذاباً في الآخرة، أليست هذه نقطة ضعف كبيرة جِـدًّا؟ وعندك أنت كُـلّ نقاط القوة إذَا فمهمتها، وسرت على هدى الله، ووثقت بالله، إنما تكون القضية صعبة لو أنك تتحَرّك في مواجهة مؤمنين، أولياء لله، هذه هي القضية الصعبة.
نقاط القوة عند المؤمنين وسعي العدوّ من خلال الهُدنة والحوار أن يستهدفها
يكملُ الشهيد القائد: أعني: هم الآن عندما يتحَرّكون هي قضية يبدو أنها ملموسة فلذا يحاولون يبعدوننا عن الدين، هم يعرفون أنه فيما لو تحَرّك الناس على أَسَاس دين الله، على أَسَاس هذا القرآن الكريم أنهم سيدخلون في صعوبة كبيرة جِـدًّا معهم، يهزمون أمامهم، ولهذا يحاولون يبعدوننا عن الدين؛ لأَنَّ معناه سيدخلون في ماذا؟ في حرب مع ناس الله معهم وهذه القضية كبيرة جِـدًّا. ولاحظ كيف هم ينطلقون، ونحن كُـلّ مقومات العمل، وكل نقاط القوة في جانبنا كمؤمنين عندما ننطلق على القرآن أن واقعهم هكذا، فواقعهم مليء بنقاط الضعف الكبيرة لا نفكر في هذه نحاول كيف نسترضيهم! نراهم أقوياء، نحاول كيف تسترضيهم، كيف نضحي بالدين وبالأمة؛ مِن أجلِهم! أليس هذا الذي يحصل على أيدي كثير من الحكام؟
[من الدرس الثاني عشر من دروس رمضان].
(الوفاء بالعهود في الهُدن هي مبدئ عند المؤمنين تمسكهم بها يجعل منهم جديرين بأن يضرب الله أعداءهم بأيديهم وبتأييد من الله).
افهَمْ بأن التزامك بمبادئ الدين في ميدان المواجهة لن يضيعك الله أبدًا {وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}، {وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ} ماذا يعني؟ هو سيكفيك لا تخف، لا تخف إلا من ماذا؟ من أن لا تلتزم بهذه المبادئ في ميدان المواجهة؛ لأَنَّها مبادئ مهمة، مهمة في التأثير في نفسية العدوّ، قد تكون أخطاء مثلاً عندما يكون الطرف الذي يمثل المؤمنين ليس طرفاً بمستوى أن يكون جديراً بأن يمثلهم فعلاً في موضوع مثلاً إما دخول في هُدنة، أَو ميثاق، أَو أي شيء معين، أما هذا فيجلب فعلاً شراً، مثلما كان تعمل إسرائيل مع العرب، أليسوا يتقاتلون فترة ثم يدخلون في هُدنة؛ لأَنَّ مسألة الهُدنة، مسألة ميثاق، هذه الأشياء تقيَّم، وتقيم على اعتبارات متعددة، ومن جهة خَاصَّة جديرة بأن تمثل المسلمين فعلاً عندما لم يكونوا جديرين بتمثيل الأُمَّــة هذه، أصبحت تلك الهُدن كلها لصالح العدوّ فعلاً، هنا يلمح إلى هذه.
التعامل مع الهُدنة.. فرصة للبناء والإعداد في كُـلّ المجالات
يقول الشهيد القائد: الله يقول هنا: {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ} من حَيثُ لا تشعرون، وفي وقت ما قد دخلتم في التزامات قائمة على أَسَاس توجيهه مع آخرين، فإذا هو كف أيديهم عنكم من حَيثُ لا تشعرون ألن يكف أيديهم عنكم؟ ألن يكونوا هم الخاسرين، ألن يحبط كيدهم عندما يفكرون أن يستغلوا فرصة معينة؟، بل ربما قد يدفعون إلى أن يظهروا في الصورة ناقضين مثلاً، مثلما تعامل رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) معهم؟ ما كان أحياناً ما تدري ونقضوا هم من هناك، ينبذ إليهم على سواء ويضربهم، لكن العرب عندما كانوا يدخلون في هُدن، كانوا يدخلون في هُدنة لم تقم على أَسَاس تقييم صحيح، ثم في نفس الوقت لا يهتمون ببناء أنفسهم كما يهتم العدوّ ببناء نفسه، ينخدعون به وهو شغال يبني نفسه وبدا عليهم من جديد وضربهم، ولا قيادات جديرة فعلاً بكثير من الأشياء هذه التي وعد الله بها المؤمنين؛ لأَنَّه قد يكون بعضهم لا يختلفون فعلاً عن قيادات العدوّ، هل هذا محط تأييد إلهي؟ وبعضهم لا يختلف عن شارون.
[من دروس رمضان الدرس الحادي والعشرون].