الحقُّ والإمامُ علي..بقلم/ فارس السخي
قبل أن تحدث الناس عن الإمام علي -عليه السلام- وعن فضائله ومنزلته، دعهم يجدونه فيك، في حركتك والسكون، وينظرون إليه من واقعك، من سلوكك، من أفعالك وأقوالك، ويتعرفون إليه من مواقفك، من حركتك في خط الحياة، فيما تركه عليك من أثر، وما أحدثه فيك من تغيير.
الناسُ اليوم لا يرَون الإمام علياً، ولم يعاصروا زمانه، وأجزم أن الكثيرين ممن يتولونه اليوم بصدق إنما انجذبوا إليه لِمَا وجدوا له من أثر وقيم وأخلاق وإيمَـان ومواقف حقة متجسدة واقعًا أمامهم في الصادقين من شيعته، وأنهم لم يكن يهمهم مفهوم الولاية أَو حديث الغدير بتاتًا، بل اتباعهم له كان اتباعًا مبدأيًّا أخلاقيًّا، وليس دينيًا تقليديًا تراثيًا، ولهذا تولوه وحاولوا اقتفَاء أثره والسير على نهجه، فالدعوة لا تكون إلا بالقُدوة، والعمل أبلغ من ألف خطبة، والحق لا يعرف بالرجال وماضيهم معه، فماضي المرء مع الحق لا يهم اليوم في شيء طالما وقد حاد منه ومال عنه وسول له الشيطان عمل الباطل.
واعلموا أن من عرف الحق فقد عرف علياً، ومن عرف علياً فقد عرف محمداً، ومن عرف محمداً فقد عرف اللهَ الحق المطلق، فلا تصدوا الناسَ عن الحق، جاعلين الطريقَ إليه معوجةً حتى لا يسلكها أحد.
وكفى اليوم بالحق انبلاجًا، وإليه مُرشدًا، ومن الضلالة منجيًا، علمك بأن من كان لدماء الأنبياء سافكاً، ولشرائع السماء مُعادياً، وللظالمين عوناً، وللصالحين خصماً، وللشياطين ولياً، وللحرث مُهلكاً، وللأرواح مُزهقاً، وفي الأرض مُفسداً، ولبنيانها مُهدماً، هو من صار لنا اليوم مُعاديًا، وعلينا مُعتديًا، ولوجودنا مُفنيًا، ولنهجنا مُعارضًا، ولديننا مُحاربًا، ولبلادنا غازيًا، ولمقدساتنا غاصبًا، ولأمتنا مُفرقًا، ولشعوبنا مُبيدًا، ولجموعنا مُبددًا، ولإذلالنا سيفًا مُسلطًا.
ألا وإن أسعد الناس عبدٌ عرف الحق فنصره، ورأى الباطل فقهره، وعرف منزل قراره في اليوم الآخر فأعد له وزهد في ما دونه، ألا وإن أشقى الناس امرؤٌ عرف الحق ولم ينصره، ورأى الباطل ولم يخذله، وباع آخرته بدنيا غيره.