المهندس المبتكر حاتم إسحاق في حوار لـ صحيفة “المسيرة”: ابتكرتُ مع زميلي جهاز تعبئة وفرز العسل وهو الأول من نوعه في اليمن
المهندس المبتكر حاتم إسحاق في حوار لـ صحيفة “المسيرة”:
المسيرة | أيمن قائد
في ظل الاستقلال والتحرّر من قيود التبعية والوَصاية على اليمن، فإن لا شيء مستحيلاً لدى العقول اليمنية المبتكرة، والتي جعلت من التحديات والصعوبات فرصاً للابتكار والاختراع في ظل العدوان الأمريكي السعوديّ وحصاره الغاشم على بلادنا.
ومن منطلق الحرص على إيجاد البدائل المحلية المتاحة دون الحاجة إلى الاستيراد من الخارج في منتج من المنتجات اليمنية بما في ذلك العسل اليمني، فقد حرص شباب يمنيون على تقديم كُـلّ ما يملكون من خبرات للحد من مستوى المعاناة التي يتلقاها المواطن اليمني بمن فيهم النحالون.
ويحظى العسل اليمني بمكانة كبيرة في جميع العالم، وذلك لجودته ونقائه، غير أن النحالين كانوا يعانون من عدة طرق تقليدية في خط إنتاج العسل، ويجدون صعوبةً بالغةً لاستخلاصه بوسائلَ متعددة.
والتقت صحيفة” المسيرة” بالمهندس حاتم إسحاق، الذي كان له دورٌ مع زميله مروان الصياد في ابتكار جهاز تعبئة وفرز العسل الذي يعد الأولَ من نوعه في اليمن.
إلى نص الحوار:
– في البداية لو تعطينا نبذةً عن فريق عملكم؟
اسمي هو (حاتم زيد إسحاق، خريج كلية الهندسة قسم ميكاترونكس)، وزميلي هو (مروان يحيى الصياد، كلية الهندسة قسم ميكاترونكس).
– ما الاختراعُ الذي قدمتموه؟
المشروع عبارة عن خط إنتاج فرز وتعبئة وتغليف العسل كمنتجٍ محلي الصنع، حَيثُ تم عملُ جمع أجزاء الخط من الستانلس ستيل الغذائي والدوائي وفق معاييرَ وأبعادٍ عالميةٍ، ويتكون خط فرز وتعبئة وتغليف العسل من خمس مراحل تم تصميم وتصنيع كُـلّ مرحلة وفق دراسات وأبحاث علمية ونزولات ميدانية ونقاشات مع المعنيين من المختصين والخبراء في الجانب الزراعي وكذلك المعنيين من المشروع وهم النحالون.
ويعتبر تصنيع هذا الخط الآلي الأول من نوعه في الوطن، وهو يجمع بين خمس مراحل في خط إنتاج واحد، تم استخدام التقنيات الحديثة في تصنيع خطوط الإنتاج والمتعارف عليه دوليًّا من قبل شركات تصنيع خطوط الإنتاج، حيث تم استخدام المتحكمة الصناعية PLC والتي يتم استخدامها في كافة المصانع العملاقة، وَأَيْـضاً تم مراعاة المعايير الدولية في استخدام تقنية ضواغط الهواء pneumatic، وهذا نظام يتم العمل به في خطوط الإنتاج الموجودة في المصانع العالمية للأدوية والأغذية.
– ما هو الدافعُ وراء هذا الاختراع؟
في ظل التحديات التي فرضها العدوان الغاشم والحصار الجائر على بلادنا، فقد دفعنا ذلك للبحث عن المشاريع التي بدورها سوف تعمل على التخفيف من المعاناة الاقتصادية للوطن وتعمل على خفض فاتورة الاستيراد خَاصَّة وأن المشروع يلامس احتياجاتِ شريحة مهمة في المجتمع، لها دور كبير في الإنتاج الوطني، هم النحالون اليمنيون، لإعادة الأمل إليهم والدفع بهم إلى الاستمرار في المهنة التي تعتبر أحد معالم الحضارة اليمنية..
وأود التوضيح هنا أن النزولات الميدانية كان لها دورٌ كبيرٌ وفعال بالتنسيق والتعاون من قبل مؤسّسة بنيان التنموية؛ لما لها من ارتباط مباشر بالمجتمع، وهي علاقة من خلالها لاحظنا مقدار أهميّة العسل اليمني من لسان الخبراء والمختصين في مجال العسل، حَيثُ إن العسل اليمني يحتوي على قيمة غذائية عالية اتضح من النقاشات وجود مؤشرات واضحة لتصنيفه كعسل دوائي، بالإضافة إلى السبب الرئيسي لضعف العسل اليمني في السوق المحلية والعالمية والكامن في طريقة الترويج للمنتج وطرق التعبئة والتغليف التقليدية غير اللائقة به، الأمر الذي جعل من عملية ترويج العسل أمراً صعباً جِـدًّا.
– من كان وراءَ تحفيزكم وتشجيعكم؟
عندما يكون أي مشروع ملامساً لحاجة المجتمع تجد الداعم والمحفز الرئيس هو المجتمع نفسه، وتظهر المبادرات المجتمعية لإنجاح المشروع وإخراجه إلى أرض الواقع، كُـلُّ هذا يعود إلى ارتفاع نسبة الوعي المجتمعي لأهميّة المشاريع التنموية التي تخدم المنتج المحلي وترفع من مستوى الاقتصاد الوطني للبلد.
– مَـا هِي الصعوبات التي واجهتكم أثناء العمل؟
أبرز الصعوبات التي واجهتنا أثناء عمل المشروع تمثلت في انعدام بعض القطع في السوق المحلية؛ بسَببِ الحصار الجائر على بلدنا، ولكن -بفضل الله وتوفيقة- تم تحويلُ كُـلّ الصعوبات والتحديات إلى فرص، وتم إيجادُ بدائلَ محلية دون الحاجة إلى الاستيراد من الخارج.
– ما هو دورُ الدولة في دعم المبدعين والمخترعين، وكيف يعكس هذا الدور على ما أسهمتما به في هذا المجال؟
في الحقيقة أصبح للدولة دورٌ كبيرٌ وفعالٌ وانعكست ثمرة نجاح ثورة الـ ٢١ من سبتمبر في تصحيح الثقافات الخاطئة، ويتم الآن النظر إلى من يبتكر وينتج بعين الاهتمام من خلال المؤسّسات الوطنية والمجتمعية، فقد كان لمؤسّسة بنيان التنموية دور كبير وفعال في إخراج المشروع إلى حيز الوجود من خلال كثير من التسهيلات، منها النزولات الميدانية للمجتمع وتلمس حاجة المجتمع وخلال ارتباط المؤسّسة بالجمعيات الزراعية والنحالين كُـلّ هذا سهل بشكل كبير وفعال في عمل ونجاح المشروع.
– رسالتُكم لقوى العدوان؟
نجاحُ المشاريع الوطنية في حَــدِّ ذاته رسالةٌ واضحةٌ وقوية لقوى العدوان مفادها مهما حاصرتم وأجرمتم فَـإنَّنا لن نخضع وإنما سنزداد عزيمةً وإصراراً على تصنيع بدائلَ محلية، ولن نكتفي بالتصنيع للسوق المحلية فقط بل سنعمل على تصدير المنتجات المحلية للخارج بإذن لله.
– رسالتكم لكافة المخترعين من زملائك؟
يقولُ اللهُ -سبحانَه وتعالى-: “وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ”، تقوى الله أَسَاس نجاح أي عمل، الآن أصبح الواقع مهيَّئاً أمام كُـلّ من لديه فكرة أَو مشروع يخدم الوطن عليه أن يبرزه، فقد أصبح هناك مؤسّسات وجهات تتبنى هذه المشاريع وتخرجها إلى حيز الوجود.
– رسالتكم للهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار وللحكومة بشكل عام؟
نشكر الهيئة العليا للعلوم على إتاحتها الفرصة لنا لإظهار المشروع من خلال المسابقة الوطنية لرواد المشاريع الابتكارية ونشد على أيديهم إلى الاستمرار في دعم ومساندة كُـلّ المبتكرين وتقديم يد العون لإخراج مشاريعهم إلى النور وخلق بيئة حاضنة لكل المبدعين المبتكرين.
– كلمة أخيرة تودون إضافتها؟
كلمة شكر لمؤسّسة بنيان التنموية التي كان لها الدور الأبرز في إخراج المشروع إلى حيز الوجود، وإلى كُـلّ الزملاء المهندسين الذين كان لهم دور في مساعدتنا بالأفكار والمراجعة والتدقيق والاهتمام، وكذا إلى الفنيين من أصحاب الورش الذين أفسحوا لنا مجالاً للتطبيقات العملية في ورشهم، وإلى كُـلّ الأهل والأحبَّة والأصدقاء الذين كان لهم دورُ المحفز المعنوي للاستمرار في العمل وإخراج المشروع إلى النور.