بين المماطلة السعوديّة الإماراتية والعجز الأممي.. مساعٍ لهدنة جديدة بـ “معالجات” هامشية
المسيرة: خاص
مع قُرْبِ حلولِ آخر أَيَّـام تمديد الهدنة، تحاولُ قوى العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي تكرارَ نسخة الأربعة الأشهر السابقة، من خلال الإبقاء على معاناة اليمنيين وعدم الوفاء بالالتزامات مقابل الحصول على المكاسب العسكرية المتمثلة في سلامتها من عمليات الرد والردع اليمنية الموجعة المتوقفة مع الهدنة، في حين أن صنعاء رفعت سقف المطالب الإنسانية المشروعة كشرط للتمديد، وأكّـدت رفضَها للتجربة السابقة، وهو الأمر الذي يجعل احتمالات التمديد ضئيلة للغاية في ظل الإصرار السعوديّ الإماراتي على استخدام معاناة اليمنيين كضغط لتمرير مشاريعه غير المشروعة، مستغلاً العجز الأممي الذي يصل إلى درجة الانخراط المباشر مع منظومة العدوان والحصار.
وعلى الرغم من التصريحات الأممية الملوحة بوجود فرص للتمديد، إلا أن صنعاء ما تزال متمسكةً بمطالبها الإنسانية والمشروعة، والمتمثلة في الوفاء بالالتزامات السابقة المشمولة بتوقيع اتّفاق الهدنة وتمديده، وكذا إدخَال ملف المرتبات لبنود التمديد مع الرفع الكامل للحصار والقرصنة، فيما تأتي هذه المطالب وسط تعنت سعوديّ إماراتي ومداهنة أممية حولت الأمم المتحدة من وسيط إلى سند لتحالف العدوان والحصار.
وفي جديد التصريحات الأممية في هذا السياق، أشار المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، إلى حصول المنظمة الأممية على موافقة بتمديد الهدنة التي تنتهي الثلاثاء القادم، غير أنها لم تتحدث عن موافقة دول العدوان على مطالب وشروط صنعاء المشروعة للتمديد، لكن ومن خلال حديث المسؤول الأممي عن “تدارس إمْكَانية ربط مطار صنعاء بوجهات جديدة إلى جانب القاهرة وعمان”، يشير وبشكل واضح إلى أن شروط صنعاء في طريقها للقبول، لا سيَّما مع حاجة تحالف العدوان لتمديد الهدنة بغرض الحفاظ على النفط الذي أعلن ابن سلمان الأسبوع الماضي موافقته على زيادة الإنتاج تنفيذاً لرغبة بايدن الذي يبحَثُ عن حلول لتفادي تداعيات العقوبات الأُورُوبية على روسيا والتي خلفت أزمة عالمية في الوقود، في حين يرى مراقبون أن الحديث الأممي عن هذه المواضيع الهامشية يهدف إلى تضييع الوقت وحصر التفاوض على ملفات من المفترض أنها قد تحلحلت في الأيّام الأولى من الهدنة، وكلّ ذلك بغرض تقليل المزايا الإنسانية اللازمة التي تتمسك بها صنعاء والتي من أهمها ملف المرتبات.
وبما أن هذه التصريحات الأممية تأتي في أعقاب لقاء جمع المستشار العسكري للمبعوث الأممي، انتوني هايورد، بأعضاء اللجنة العسكرية في صنعاء، أمس الأول، فَـإنَّ هناك ثمة مؤشراتٍ تؤولُ إلى رغبة أممية نسبية بعدم تكرار نسخة الهدنة السابقة، المرفوضة جملة وتفصيلاً من قبل صنعاء، في حين يرى مراقبون أن الحديث الأممي خلال اللقاء بنائب رئيس اللجنة العسكرية العميد حسين هاشم، أمس الأول، بإمْكَانية تشكيل غرفة عمليات مشتركة لخفض التصعيد العسكري والحد من الخروقات، يشير إلى أن قناعة دول العدوان والأمم المتحدة بعدم تكرار تجربة الأربعة الأشهر الماضية تطورت نوعاً ما وإن كانت ما تزال متذبذبة، مع إضفاء نسبة بسيطة من الحاجات الإنسانية كسبيل لتقسيط التزاماتها التي تتمكّن من خلالها كسب المزيد من الوقت وتحقيق أكبر قدر من الأهداف المنشودة من وراء الهدنة التي تجبر صنعاء على وقف العمليات النوعية في العمقين السعوديّ والإماراتي وكذا المحلي المحتلّ.
وفي سياق متصل، تداولت عدد من وسائل الإعلام التابعة لتحالف العدوان عدداً من الأخبار بشأن المساعي الأممية الجديدة لتمديد الهدنة، فيما أشَارَت تلك الوسائل إلى خلافات حول مدة الهدنة الجديدة لا تزال محتدمة، لافتةً إلى أن الأمم المتحدة تحاول تمديدها لستة أشهر بدلاً عن شهرين لكنها لم تحقّق أي تقدم في هذا المسار، في حين أن الحديث عن عدم تطور نتائج التواصل الأممي السعوديّ الإماراتي بهذا الشأن يأتي؛ بسَببِ الضعف الأممي أمام تمسك صنعاء بمطالبها الإنسانية المشروعة وتشبث دول العدوان بمنهجيتها الابتزازية.
وكان مسؤولون في صنعاء قد صرحوا خلال اليومين الماضيين بموافقتهم على تمديد الهدنة بشرط تنفيذ الالتزامات المتأخرة من الرحلات وسفن النفط، مع إضافة ملف المرتبات كشرط رئيس للتمديد حسب مخرجات اجتماع المجلس السياسي الأعلى الأخير، وهو الأمر الذي يضع كرة السلام مجدّدًا في ملعب تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ وأدواته.