لا قبول بمراوغة العدوان.. تذلل أمريكي أُورُوبي لتمديد الهدنة
المسيرة – زكريا أحمد يحيى المؤيدي
نشطت الدبلوماسيةُ الأُورُوبية خلال الأيّام الماضية في اليمن، فقد شهدت تحَرّكاتٍ حثيثةً تمثلت بإرسالِ سفراء ومبعوثين إلى اليمن وآخرها زيارة سفير ألمانيا الاتّحادية، سبقها زيارة سفير الاتّحاد الأُورُوبي وكذلك مبعوث السويد وسفير فرنسا.
وفي الجهة الأُخرى بالمناطق المحتلّة، عقد السفير الأمريكي لقاءً مع الخائن طارق عفاش، ليتضحَ من كُـلّ هذه التحَرّكات أن العدوان يهدف إلى ضرب عدة عصافير بحجر واحد.
ويظل التساؤل هنا: ما الغرض أَو الجدوى من كُـلّ هذه التحَرّكات بالتوازي مع اقتراب انتهاء موعد الهدنة الثانية، والتي لم ينفذ منها سوى الندر اليسير؟
الواضحُ أن العدوانَ يسعى إلى تهدئةِ الوضع، وإطالة أمدَ الهدنة بما يخدُمُ أُورُوبا وأمريكا، فهما أكثر الدول تضرراً من موضوع انتهاء الهدنة؛ لأَنَّ أبطال الجيش واللجان الشعبيّة والقوات المسلحة ستعاود استهداف المنشآت النفطية للعدو السعوديّ، وهو ما لا تريده واشنطن والدول الأُورُوبية، لا سِـيَّـما مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تبحث عن المزيد من الطاقة ونفط الخليج، للتعويض عن النفط والغاز الروسي، ومن هنا نفهم التحَرّك الأُورُوبي الأمريكي في البحث عن تمدد جديد للهدنة.
وبحكم التجارب السابقة في التعامل مع العدوّ، فَـإنَّه لا يفي بكل وعوده، ولذا قد يقبل ببعض شروط القيادة بصنعاء والطرف الوطني المفاوض، لكننا على يقين بأن التنفيذ سيكون محلك سر، وأن العرقلة واردة لا محالة.
وإذا ما تمعنا في اللقاء الذي جمع السفير الأمريكي بالخائن طارق عفاش، فَـإنَّنا نجد أن له وجهتين:
الأولى: في حال قبول صنعاء بتمديد الهدنة مقابل تنفيذ الشروط فَـإنَّ الخطة المرسومة لطارق عفاش أن تستمر زياراته المختلفة مع قيادات المرتزِقة (غير العفافيش) لمحاولة جمع كلمتهم مع تلويحه للخونة في الداخل بإثارة النعرات الطائفية وَالمناطقية والقبلية، وغيرها؛ بهَدفِ جر المجتمع اليمني في حروب داخلية واحتقان في المناطق الحرة (أحداث البيضاء إحدى الشواهد)، إضافة إلى الدفع بخونة الداخل إلى تشويه القوى المدافعة عن الوطن (الأنصار) ونشر الشائعات ضدهم لمحاولة إفقادهم حاضنتهم وكسر ثقة المجتمع بهم للمستقبل كي يمهدوا ويروجوا ويلمعوا الخونة ويقوموا بالتحدث عن مسألة عودتهم للوطن وأنهم بديل أفضل.
وفي الوقت ذاته يكون طارق قد أزاح الإصلاح والقوى الأُخرى (الانتقالي) عن المشهد؛ كون طارق عفاش حسب (أمريكا) ينفذ ما يملى عليه بإخلاص أكثر من غيره.
أما الوجّـهة الثانية: ففي حال انتهاء الهدنة وعدم التمديد وعودة التصعيد العسكري يكون قد استطاع طارق بزيارته للمحافظات إزاحة حزب الإصلاح، وتقليص الانتقالي، وقد ضمن دخولهم تحت عباءته وعدم قدرتهم على الاحتفاظ بدورهم القيادي والأبرز، ويكون بذلك قد لوح إلى الخونة في الداخل لتشويه الأنصار في مناطق سيطرتهم تمهيداً لبدء المعركة العسكرية خُصُوصاً في البيضاء وتعز ومحافظات أُخرى، وما حدث من تغيير لوزير دفاعهم المقدشي بالداعري البيضاني إلا في هذا السياق لاستمالة أبناء البيضاء، وسيتم تغيير في حكومتهم (العميلة)، كما أن نزول طارق إلى تعز ولقائه مع بعض الشخصيات القيادية قبل أَيَّـام يأتي في نفس السياق، وكذلك زيارته إلى مأرب؛ لضمان بقاء علاقته بـ “الإصلاح” ودية وكأنه لا يعلمُ بشيءٍ عن إزاحتهم التدريجية، وللعلم فَـإنَّ زيارته إلى مأربَ وتعز سبقت تغيير المقدشي.
وبناءً على ما سبق، فَـإنَّ صنعاء تدرك جيِّدًا أن الحل الأنجع هو في عدم تمديد الهدنة؛ كون الطرفِ الآخر كاذباً ومراوغاً، وأن الحَلَّ هو في نسفِ مصافي النفط والأهداف الحساسة والتي ستجعل أمريكا وأُورُوبا يرغمون أدواتِهم السعوديّة والإمارات إلى الدخول في مفاوضات حقيقية والقبول بالشروط التي تفرضها صنعاء؛ حفاظاً على النفط ومصالحهم الأُخرى التي سيلحقها الضرر؛ كونها فرصةً سانحةً في الضغط لتنفيذ شروط صنعاء، لا سِـيَّـما مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.