“ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ” .. بقلم/ منتصر الجلي
له التنزيه، له التعظيم، له التدبير، وله في الكون شأن وتكوير، فسبحان من تقدست عظمته وجلت ربوبيته من خالق عظيم.
نعم هي مسيرتنا كبشر ومسيرة حياتنا إلى الفناء ولو بعد حين، أفراد وجماعات دول وشعوب والعالم بأكمله له قدر معلوم ووقت معلوم عند الله.
قبل أَيَّـام أطل علينا شهر الله، أَيَّـام قلائل بل لحظات كانت بل برهة أذنت بالذهاب.. هكذا هي عجلة الحياة إلى الأمام بلا توقف، والحليم هو من سعى لها سعيها، وأخذ بكل ساعة من ساعات ذلك الشهر العظيم إلى ما هو خير وأبقى.
ثلاثون يوماً فتح الله أبوابَ السماء لكل داعٍ ومنادٍ ولكل قائم وراكع ولكل قانت وساجد، ثلاثون من الأيّام حطَّت على شعبنا بركات السماء ورحمة القرآن وقرينه، على مستويات عدة تميز شعبنا اليمني بما لم يحظ به شعب آخر، بدءاً باستقبالهم للشهر المبارك وتهيئة النفوس، ومظاهر الاهتمام التي تجلت عمليًّا على مستوى الشعب والدولة من جوانب عدة، وما ترافق بعد ذلك خلال أَيَّـام الشهر الفضيل من التكافل الاجتماعي والبر والتقوى والتعاون والتراحم، والعطاء والمبادرات والمشاريع الإنسانية التي نفذت وأقيمت.
على المستوى الروحي الإيمَـاني، لم يزد شهر الله (رمضان) شعبنا من الله إلاَّ قُربى، وهو ذلك الشعب المجاهد الصابر وقد أحياه أيَّما حياة، بين الهدى ودروس الحكيم العلم المجاهد سماحة السيد القائد: عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- وقد فتح آفاق الذكر ومعان القرآن وزرع معالم التقوى ووضع الإنسان على بيِّنة في الحياة، حدّد له أقواس الاختيار بين الجنة ونعيمها إن هو أتقى وأصلح وبين النار والعياذ بالله لمن لم يزد إلا عتوًّا.
ما أعظم القول السديد، والسيد القائد، يوجه يهدي يعلم، عبر تلك المحاضرات العالمية المضمون والرسالة، بعالمية القرآن والعَلَم، فكانت دروسه متنوعة شملت كُـلّ مناحي الإنسان ظاهره وباطنه، وما أعظمه من قائد وسلام عليه من رباني وهو يضع الآيات مواضعها والبينات موازينها وكأنها نزلت للتو من السماء.
ما أوسع هدى الله، والإنسان الفضيل الذي من سمع واستمع لتلك المحاضرات العميقة في مصطلحاتها الواضحة لغتها البسيطة في عرضها، وسماحته يعرض القرآن عرضاً موسعاً فقدته القرون الأولى، ما أربح تلك التجارة القرآنية التي قدمها سماحته بين يدي الأُمَّــة كُـلّ الأُمَّــة حجّـة عليها وعلى الناس جميعاً ولكن أكثر الناس لا يشكرون.
إن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء وقد حازه شعبنا بشرف الاصطفاء وقدمه عن غيره من الشعوب في إعادة الثوابت القيمة للأُمَّـة، وإعادتها إلى جوهر الرسالة المحمدية التي ظلت عنها إلى صنائع شتى، فكان شهر رمضان محطة إيمَـانية للفرد والمجتمع.
في أي بلد عربي إلى الله سبحانه وتعالى فكانت تلك الرمضانية للسيد: عبدالملك، منبع للهدى وبساط للتقوى وطريق إلى كُـلّ منفعة وعظيمة.
لقد حدّد السيد -سلام الله عليه- ملامح الوجود ومرتكزات الكتاب ومسؤوليات الإنسان المسلم الحق، فرسم الحق وأصلح الاعوجاج وفند الشبهات وأحرق ثقافات الشيطان، ليشمل كيان الإنسان الداخلي، نفسه، روحه، معتقده، قلبه، وجدانه، وكيانه الخارجي، مسؤولياته، مهامه، تعامله، أُسلُـوبه، والجزاء والحساب على ذلك في الدنيا والآخرة.
كما قدم الأمراض التي تصيب الأُمَّــة كأمة، والدول كدول، والمجتمعات والأفراد، وقدم الحلول والمعالجات التي من خلالها تسموا الأُمَّــة بروحها وإنسانها العربي.
هو القائد وهو العلم وهو المربي، وهو يفتح مُجمَل علمه، وما علمه الله لكل مسلم وَعربي، يزكيهم ويضع حلول كُـلّ معضلة وسلاح كُـلّ مواجهة، حدّد العدوّ الذي هو الشيطان، وأتباعه، من أصناف البشر سواءً تمثل في دول أَو زعامات وكيانات وأشدهم اليهود..
عرَّف الأُمَّــة عدُوّها الحقيقي وقدم صورة واضحة قرآنية حول المنافقون وأشباههم مرضى القلوب.
تحدث عن مٍجريات المرحلة وما يتعرض له شعبنا من عدوان أمريكي، قدم المقترحات للتطوير والبناء وموجهات المرحلة، شخَّص الواقع وقدم الرؤية من خلال آيات الله سبحانه وتعالى وكتابه.
في هذه الحديقة الإيمَـانية التي جعلها الله سبحانه وتعالى لشعبنا وهذه الآفاق الإيمَـانية أثمرت التقوى ووقف اليمنيون في شهر الله ومع الله في خير موقف.. لا يفترون.