السيادةُ من المنظور اليمني والسعوديّ..بقلم/ هاني حلبوب
في دهاليز الدول وعلاقاتها وارتباطاتها ببعضها تختلفُ العلاقاتُ من دولة لأُخرى وبحسب المصالح المتبادلة أَو الشراكة، لذا نلاحظ ما تقوم به الدول ومنها بعض الدول العربية من تطبيع وموالاة للكيان الصهيوني الغاصِب، وكيف أنهم يسارعون في تلك العلاقات وربطِها بمصالحَ مشتركة ومشاريعَ عملاقة كما حدث بين مصر وما يسمى بدولة “إسرائيل” من اتّفاق لتمرير أنابيب الغاز عبر مصر والتي أسموها بالاتّفاقية العظمى ولأهميتها للكيان الإسرائيلي وللدول الأجنبية.
كما نرى اليوم كيف أن هذه الدول ترتبط وتفتح تعاملاتها مع من تشاء من دول العالم ولها الحرية في تطبيع أي تعاون أَو تبادل منافع أَو حتى أن تكون المصلحة فقط للدول الأُخرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من دول النفوذ والاستكبار وسواءٌ أكانت دولاً معاديةً للأمة وللعرب بشكل خاص أَو دول معتدية ومحتلّة كإسرائيل، وفي المقابل فَـإنَّه محرم علينا أن نرتبط وخُصُوصاً تلك الدول العربية الحرة المنافية لهذا الاستكبار والرافضة للخنوع والانبطاح والتي تمتلك السيادة الفعلية والحقيقة، من أن تعقد علاقاتها وصداقاتها وارتباطاتها مع أية دولة أُخرى والذي يكون ذا فائدةٍ وفي أي مجال وليس فيه أي إضرار بأي أحد سوى أنه يناهض مشاريعهم وأنه أتى دون أن يكون لهم به تدخُّلٌ أَو إشراف وتوجيه؛ ولأَنَّه فعلاً نابعٌ من سيادة حقيقية ومن قرار أُحادي ممثلاً بدولة وقيادتها وشعبها دون انصياع أَو توجيه من أحد.
ونجد في الوقت نفسه الردودَ الكبيرة والصاخبة وأنه شيءٌ مسيءٌ للعرب وللعروبة إذَا تم هذا التعاون والاتّفاق مع أنه وكما أسلفنا حتى وإن كان هذا التعاون والاتّفاق مع دولة إسلامية وتربطنا بهم روابط الدين وروابط المعادَاة للاستكبار العالمي ممثلاً بأمريكا وإسرائيل.
الرئيس الأمريكي يأتي إلى السعوديّة قادماً من “إسرائيل” وبعد موسم الحج، وكأن السعوديّة تختتمُ موسمَ الحج وتكرّم الحجيج برئيس الولايات المتحدة الذي أتى من تل أبيب إلى جدة؛ بهَدفِ تعميق وجود الدولة المزعومة الكيان الصهيوني، بينما نحن محرَّمٌ علينا حتى أن نتفق مع أية دولة حتى وإن كانت إسلامية أَو رافضة للاستكبار وتؤمن بالحرية والعدل لكل الشعوب والأوطان دون تبعية وانبطاح.
فمن حقنا أن نسالمَ من سالمنا وأن نتفق مع من نريد وأن نرتب وننظّم علاقاتنا مع أية دولة في العالم كما نراه نحن لا كما يرسمونه هم لنا، ومن حقنا أَيْـضاً أن نتولى من يقودُنا ويحكُمُنا في داخل أوطاننا ويمسك زمامَ أمورنا من نرى فيهم الأفضليةَ والتُّقى والإيمَـان ومن أمرنا الله بتوليهم، من نرى فيهم القدرة على ترتيب وتنظيم كُـلّ مناحي الحياة الدنيوية والأُخرى، ومن نثق برجاحة عقولهم وسلامة رأيهم، من يمتلكون الهُــوِيَّة الإيمَـانية وقادرون على النهوض بهذه الأُمَّــة في كُـلّ المجالات الاقتصادية والمعيشية والبناء والإعمار والتطوير، وبناء أُسُس العدل والمساواة وإعدادٌ لأمة قوية تبني وتتحَرّك وتعمل وتجتهد وتصنع وتنظم وترتقي بوجودها في هذا العالم، أمة تحملُ رسالةَ الدين الحق من خلال بناء الإنسان المؤمن القوي في شتى المجالات، أمة ترفُضُ المحتلّ والاحتلال وتدافعُ وتناصرُ المظلومين المستضعفين في كُـلّ أرجاء الأرض.