مباحثاتُ آخر ساعات الهُدنة.. مؤشراتُ تصعيد قادم مع التلكؤ الأمريكي السعوديّ
الرئيس المشاط يلتقي الوفدَ العُماني لمناقشة ملفات الهُدنة ومزاياها الإنسانية ويؤكّـد:
– يجب أن يرافق أية هُدنة تحسينٌ ملموس اقتصاديًّا وإنسانياً ابتداءً بالفتح الكلي والفوري للمطار والميناء
– صرفُ المرتبات لكل الموظفين والمتقاعدين مطلَبٌ لا يحتاج تنازُلَ أي طرف
المسيرة: نوح جلاس
بعدَ يوم من وصول الوفد العماني إلى العاصمة صنعاء برفقة رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام، تؤكّـد المستجدات أن صنعاء ما تزالُ متمسكةً بموقفها بشأن تمديد الهُدنة، في ظل غياب استجابة رسمية من قبل الأمم المتحدة وتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، رغم بقاء أقلَّ من 24 ساعة على انتهاء الهُدنة التي استمرت 4 أشهر دون أن تحقّق المستوى المطلوب في تخفيف المعاناة الإنسانية التي يكابدها الشعب اليمني.
وفي خضم المستجدات التقى الرئيس المشير الركن مهدي المشاط، أمس الاثنين، بالعاصمة صنعاء وفد سلطنة عُمان الشقيقة، لمناقشة القضايا المرتبطة بالهُدنة والمقترحات التي طرحها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة هانس غروندبرغ لوفدنا الوطني، وكذلك المقترحات المتعلقة بمعالجة القضايا الإنسانية والاقتصادية.
وخلال اللقاء رحب الرئيس المشاط بوفد سلطنة عمان الشقيقة، مثمناً الجهود الإيجابية المُستمرّة للسلطنة في تخفيف معاناة الشعب اليمني ودعم جهود إحلال السلام في اليمن، مؤكّـداً أن هذه الجهود محل تقدير من قبل اليمن قيادةً وشعباً.
وجدد الرئيس المشاط حرص الجمهورية اليمنية على تحقيق السلام العادل الذي يحقّق للشعب اليمني حقه في السيادة والاستقلال، مُشيراً إلى ضرورة أن يرافق أية هُدنة تحسين ملموس للوضع الاقتصادي والإنساني للشعب اليمني بما في ذلك صرف مرتبات كافة موظفي الدولة ومعاشات المتقاعدين، في إشارة تؤكّـد أن التمسك بالمطالب الإنسانية المشروعة هو المدخل الذي تصر صنعاء أن يكون الوحيد نحو تحقيق تهدئة رامية إلى سلام عادل ومشرِّف ويضمن إزاحة معاناة الشعب اليمني.
ولفت المشير مهدي المشاط، إلى أن مطالب الشعب اليمني المتمثلة في وقف العدوان ورفع الحصار عن اليمن ابتداءً بالفتح الكلي والفوري لمطار صنعاء الدولي، وميناء الحديدة، وصرف مرتبات كافة موظفي الجمهورية اليمنية من إيرادات النفط والغاز هي مطالب محقة وعادلة، ولا تنطوي على أي تعجيز أَو تستدعي تنازلاً من الطرف الآخر، مؤكّـداً أن تنفيذ تلك الخطوات ستخلق أجواء داعمة للسلام وستسهم بشكلٍ ملموسٍ في تخفيف معاناة المواطنين جراء العدوان والحصار.
ومع هذا التأكيد العادل والمحق فَـإنَّ تحالف العدوان والأمم المتحدة –حال رفض مطالب صنعاء الإنسانية– سيتبين للجميع أنهم طرفٌ واحدٌ مصطفٌّ لإبقاء المعاناة الإنسانية؛ باعتبَارها ورقة ضغط وحرب غير مشروعة، وهو ما ترفضه صنعاء، لتكون أبواب الاحتمالات مفتوحة أكثر أمام تصعيد سعوديّ قادم ورد يماني صاعق قد يعجل من ما تبقى من فترة العدوان والحصار على اليمن بعد مرور قرابة 8 سنوات على شنه بإعلان جاء من واشنطن.
وفي اللقاء لوّح الرئيس مهدي المشاط أن صنعاء جاهزة للسلام كما أنها أيضاً مستعدة للتصدي لأي تصعيد قادم، هو الأمر الذي يجعل الخيار بيد تحالف العدوان ورعاته الدوليين، في حين أن المشاط فضل أن يكون المسار القادم مسار سلام يضمن حقوق الشعب المشروعة، وكذلك يضمن المصالح المشروعة لدول المنطقة والإقليم، حَيثُ شدّد رئيس المجلس السياسي الأعلى على أهميّة انخراط تحالف العدوان بقيادة أمريكا في إجراءات داعمة لبناء الثقة ومقتضيات السلام، في إشارة تؤكّـد تفوق رغبة السلام لدى صنعاء أكثر من غيرها، فيما اعتبر المشاط أن تمسك تحالف العدوان وأدواته ورعاته بالحصار جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية تتنافى تماماً مع ضرورات السلام.
يشار إلى أن نائب وزير الخارجية حسين العزي حضر لقاء الرئيس المشاط بالوفد العماني، في حين أكّـد في تغريدة له عصر أمس الاثنين، أن “مطالب صنعاء قانونية وإنسانية وغير تعجيزية ولا تستدعي أية تنازلات من أحد ولا تمس بحقوق أي بلد”، وهو الأمر الذي يجعل صنعاء متمسكةً أكثرَ من أي وقت مضى بهذه المطالب، وذلك استناداً على الإصرار الواضح لتحالف العدوان بتضييع هذه المطالب والذي يشير إلى رهان كبير من قبل تحالف العدوان على استخدام هذه الورقة كأهم خيار لديه بعد يقينه بفشل أوراقه العسكرية.
وفيما أكّـد العزي أن المطالب مشروعة، إلا أنه تساءل بقوله: “ما الذي سيترتب على فتح المطار مثلاً أَو على وقف الاحتجاز التعسفي لسفن الوقود؟!”، ليضع تحالف العدوان والأمم المتحدة أمام إجَابَة حتمية، أما الإعلان الصريح والواضح بأن الخطة لديهم هي استخدام الملف الإنساني كورقة حرب –وهذا ما تتحاشاه المنظومة العدوانية والأممية– أَو الاستجابة للمطالب الإنسانية بحيث يلامس الشعب تحسناً ملحوظاً في ثمار الهُدنة، وكذلك عندها يعرف من هو الطرف الذي استمر في تجويعه وحصاره لسنوات.
وَأَضَـافَ العزي: “إن مطالبنا تبدو داعمة للسلام بينما مواقفهم للأسف تتمسك بالحصار وبالانتهاكات فقط”، مؤكّـداً أن “هذا في الواقع سلوك إجرامي معيق للسلام”.
ولفت العزي إلى أن “سلوكيات التحالف تطيل أمد الحرب وتنتهك الحقوق وكل القيم الإنسانية”، في تأكيد على أن رفض تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي لمطالب صنعاء، يعتبر شرارة لتصعيد واسع قادم طبخته دول العدوان على نارٍ هادئة بعد استغلالها للهُدنة وضبط النفس الذي تحلت به صنعاء، غير أن المؤشرات تؤكّـد أن صنعاء لن تمرر ما حاكه “التحالف” لا سيَّما مع تصاعد القدرات العسكرية التي ظهرت بها خلال الأربعة الأشهر الماضية.
وفي ختام تغريداته تساءل نائب وزير الخارجية حسين العزي: “لماذا يتمسكون بحجز السفن وبأي حق يحرمون المواطن اليمني من السفر دون قيود ومن ثرواته النفطية والغازية؟”، فيما أكّـد الاستعداد الكبير لصنعاء سلماً أَو حرباً بقوله: “إنهم يفرضون علينا الحرب بشكل واضح لذلك لا لوم علينا سنقاتل مع شعبنا اليمني؛ مِن أجلِ السلام ودفاعاً عن حقوقه المشروعة” في إشارة إلى أن المرحلة القادمة ستشهد عمليات نوعية كبرى تقوم بها القوات المسلحة اليمنية، تجبر تحالف العدوان ورعاته على النزول من فوق الشجرة والاستجابة للمطالب الإنسانية، لا سِـيَّـما أن المراحل السابقة التي شهدت ردعاً يمنياً واسعاً ونوعياً رافقها تحَرّك أممي وسعوديّ وإماراتي جاد لوقفها بأي السبل، غير أن تلك الأطراف لم تأتِ من الأبواب المفتوحة والواضحة ولجأت للالتفافات والمناورات، وهو الأمر الذي لم تعد صنعاء تقبل به مطلقاً.
ومع أن المعطياتِ الراهنة تفتح الباب على مصراعيه أمام التكهنات الملوحة بملامح المرحلة القادمة، إلا أنها باتت بين خيارين فقط، إما أن تستجيبَ الأممُ المتحدة وتحالُفُ العدوان ورعاتُهم الدوليون للمطالب اليمنية وبدء خلق خيوط للسلام، أَو أن الرهان الأمريكي السعوديّ على استثمار معاناة اليمنيين سيقود إلى انفجار عسكري مليء بكُلِّ أشكال التصعيد، وفي المقابل مليء بالردع اليمني الاستراتيجي الذي يصل بالجميع إلى ما توعد به الرئيس مطلع العام بأنه سيجعلُ العالَمَ يسمعُ زئيرَ الشعب الميني إذَا صم آذانَه عن آهاته وأوجاعه جراء الحصار والعدوان، وغداً لناظره قريب.