كربلاءُ دماءٌ منسية..بقلم/ إلهام الأبيض
أطل علينا شهرُ محرم وفي جوفِه وجعٌ كبير، يحملُ في جعبته ذكرى داميةً، يعودُ محرم متخضَّباً بدم الحسين “عليه السلام”، يحملُ بين طياته أوجاع ومظلومية آل بيت محمد الذين أودعهم رسول الله أمانة في أُمَّـته.
أتى محرَّمٌ بين طياته (حادثة كربلاء) بكل أوجاعها، بكل ما تحمل من مآسٍ ومحنٍ وجرائمَ وسفكٍ لدماء آل بيت رسول الله “صلوات الله عليهم أجمعين”، ذكرى استشهاد الثرى ومن حولهِ الثريا “الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام” سبط رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
تعود علينا هذه الذكرى الدامية وما زلنا نحن في أرض اليمن نحييها بكل ما آتانا الله من تولٍّ لرسول الله وآل بيته وأعلام الهدى جيلاً بعد جيل، نعم نحييها ونعيدُ على الملأ ذكراها ونستذكرُ من جديدٍ على مر الدهور لنستفيدَ منها قوة الإرادَة وقوة العزم وصلابة الموقف والثبات، الثبات الدائم المبدئي، فعندما نستذكرُ الإمامَ الحسين وواقعةَ كربلاء بكل ما يمثّله في موقعه في الأُمَّــة في مقامه العظيم، كما قال رسولُ الله “صلى الله عليه وآله وسلم” عنه وعن أخيه الحسن “إنهما سيدا شباب أهل الجنة”، شخصيةٌ مثل الإمام الحسين له هذا المقام العظيم والعالي سيد شباب أهل الجنّة بمعية أخيه الحسن “عليهما السلام”، إنه في موقع التقوى والإيمَـان، في موقع القُدوة والأسوة.
كربلاء التي سُفكت فيها أطهرُ الدماء وأزكاها وأحبها عند الله ورسوله، وما كربلاءُ إلا تفريطٌ في واقع الأُمَّــة آنذاك، وهي المأساة التي تعيشُها الأُمَّــةُ إلى يومنا هذا، وهي قلةُ البصيرة والوعي التي تجعلُ الأُمَّــةَ ضحيةً وهي من تقدم قاداتها للظالمين على طبق التفريط والتخاذل، وفعلاً إن خطورةَ قلة الوعي والبصيرة تجعلُ من الأُمَّــة منقادةً تحت أعلام ورموز الضلال والظالمين من الطغاة والمجرمين.
ذلك التفريطُ الذي حكى عنه الشهيدُ القائدُ في ملزمة دروس عاشوراء هو الذي جعل أهلَ العراق قبل أهل الشام يصلون إلى كربلاء فيحاصرون الحسين “عليه السلام” وأهلَ بيته، وجعلهم قبل أهل الشام يوجّهون النبال إلى صدره، وهم من عاش بينهم الإمام عليٌّ “عليه السلام” يحدّثهم ويعظهم ويرشدهم.. لماذا؟ ما الذي أوصلهم إلى هذا الحد؟ هم فرطوا، وعندما يفرط الإنسان فيما يسمع ستأتي البدائل المغلوطة، ويأتي الضلال والشقاء وتكون الضحايا أثمن الأرواح وأعظمها.
علينا أن نفهمَ ونستوعبَ أن حادثةَ كربلاء ليست حديثةَ يومها وليست واقعةً حصلت في محضِ صدفة، وهي نتائجُ لتقصير وتفريط مَن كانوا حول الإمام علي من قبل الإمام الحسين ومن قبل الإمام علي، التفريطُ والتقصيرُ ممن كانوا حول رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم”.
لكربلاء دروسٌ مهمة ونحن اليوم نحتاجُها ونحن الشعبُ الذي هو معروفٌ على مر الزمان بأنه مرتبطٌ بأهل بيت رسول الله منذ بزوغ فجر الإسلام.
نحتاجُ هذه الدروسَ ونحن في مواجهة العدوان الصهيو أمريكي سعوديّ الغاشم، أن نقارِنَ بين تضحياتنا اليوم ونحن مستجيبون لله وَمجاهدون في سبيله في مواجهة غزاة محتلّين وبين ما سيحصلُ فيما لو تخاذلنا وفرّطنا وقصّرنا في القيادة التي نحن اليومَ تحت رايتها ستكونُ النتيجةُ كربلاءَ جديدةً.