زيارةُ بيلوسي لتايوان تؤجج النار بين بكين وواشنطن
أمريكا تبحث عن تطبيق سيناريو أوكرانيا في تايوان
المسيرة | متابعات
تقتربُ الولاياتُ المتحدة من خطوط النار، هكذا وصفت الصينُ هذه المرحلةَ الشديدةَ التوترِ بين الجانبين، حتى أن الخلافات المتأججة بين بكين وواشنطن منذ عقود، قد وصلت إلى ذروتها، وعلى خلاف الحديث المتزايد عن احتمالية الصدام العسكري الوشيك، تعتزم الولايات المتحدة وتايوان الإعلان عن إجراء مفاوضات ثنائية لتعميق العلاقات الاقتصادية، فمنذ سنوات تطالب تايوان الولايات المتحدة بإجراء مفاوضات بشأن اتّفاقية تجارية، ولكن واشنطن كانت متردّدة في التواصل معها اقتصاديًّا أثناء مفاوضاتها بشأن المرحلة الأولى من الاتّفاق التجاري مع بكين “لأنها تسعى فقط وراء مصالحها الذاتية”.
بموازاة ذلك، لا يزال الغموض يلف جولة رئيسة مجلس النواب الأمريكي “نانسي بيلوسي” في آسيا بعدما وصلت إلى أولى محطاتها في سنغافورة، في ظل عدم تأكيد زيارتها إلى تايوان، الأمر الذي أبقى الوضع في حالة من الترقب والتوتر.
وبينما حذّرت الصين من إقدام “بيلوسي” على زيارة تايوان -التي تتمتع بحكم ذاتي وتعتبرها بكين جزءاً من البلاد، وهو ما تدعمه معظم دول العالم- معتبرةً ذلك تدخلًا في سياستها الداخلية، شدّدت واشنطن في المقابل على أن من حق “بيلوسي” أن تجري الزيارة في حال أرادت ذلك.
وفي هذا الصدد، قال منسّق مجلس الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية “جون كيربي”: “إنّه ليس لديه أي تأكيد بشأن زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي لتايوان”، مُضيفاً، “أن مسؤوليتنا هي أن نضمن سفرها بصورة آمنة، وفي النهاية هي التي تتخّذ قرارها”.
وكان قد أكّـد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية “تشاو لي جيان” في وقت سابق، أنّه “إذا قامت “بيلوسي” بزيارة تايوان، فسيكون هذا تدخلًا سافرًا في السياسة الداخلية للصين، وسيؤدي إلى عواقب وخيمة للغاية”.
ورأى المتحدث الصيني: أنّ “زيارة بيلوسي ستزعزع استقرار الوضع في مضيق تايوان، وتوجّـه ضربة إلى العلاقات الصينية الأمريكية”، مؤكّـداً أنّ “بلاده ستتخذ بالتأكيد إجراءات مضادة وحازمة”.
كما صرّح المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية “تان كيفي” الأسبوع الماضي: أنّ “الجيش الصيني لن يقف مكتوف اليدين إذَا زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي تايوان وستتخذ بكين إجراءات حاسمة لصد التدخل الخارجي”.
إلى ذلك، ذكرت وسائل إعلام يابانية أنه تم رفع ثماني مقاتلات من طراز F15 وخمس طائرات للتزود بالوقود من قاعدة عسكرية في اليابان في الهواء لمرافقة طائرة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.
ونقلت قناة NHK اليابانية عن مكتب دفاع أوكيناوا، أن “ما مجموعه 22 طائرة، بما في ذلك طائرات التزود بالوقود الجوي من طراز KC-135، حلقت إلى قاعدة كادينا العسكرية الأمريكية في أوكيناوا من قواعد خارجية”.
وفي عدد غير عادي، أقلعت خمس من هذه الطائرات في تتابع سريع بعد الساعة الثامنة مساء، أمس الثلاثاء، بالتوقيت المحلي، تلتها ثماني مقاتلات من طراز F-15 متمركزة في قاعدة كادينا الجوية، والتي أقلعت أَيْـضاً متجهة جنوب أوكيناوا.
في السياق، وفي تحدٍّ صارخ، ذكرت وسائل الإعلام، أن “طائرة تابعة للقوات الأمريكية تقل رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي دخلت مجال تايوان الجوي وهبطت في تايبيه”، وأكّـد مكتب رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، وصولها على رأس وفد إلى تايوان، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ 25 عاماً.
وأعلن مطار “سونغ شان” في العاصمة التايوانية تايبيه، مساءَ أمس الثلاثاء، أن “بيلوسي هبطت فيه”، كما أشَارَت مصادر إعلامية إلى تمركز أربع سفن حربية أمريكية، بما في ذلك حاملة الطائرات رونالد ريغان، في المياه شرق جزيرة تايوان في عمليات انتشار “روتينية” قبيل وصول بيلوسي للجزيرة، وسط توترات محتدمة بين الولايات المتحدة والصين التي تعارض بشدة هذه الزيارة وهدّدت بأن أمريكا ستدفع ثمنها.
في غضون ذلك، قالت الخارجية الصينية: أن “زيارة بيلوسي إلى تايوان استفزاز سياسي وردت فعلنا سيكون مبرّراً، ومثلة انتهاك خطير لسيادة الصين وسلامة أراضيها”.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الصينية إطلاق مناورات عسكرية بدءاً من يوم الخميس حتى الأحد، المقبلين، في ست مناطق بحرية تحيط بجزيرة تايوان من كُـلّ الاتّجاهات، وقالت: “سنبدأ عمليات عسكرية محدّدة لمواجهة زيارة بيلوسي إلى تايوان”، وأشَارَت القيادة العسكرية الشرقية إلى أنها، “سنجري تدريباً جويًّا مشتركاً في البحر والجو شمال وجنوب غرب وجنوب شرق جزيرة تايوان، وتابعت، “سننفذ إطلاق نار مباشراً في المياه الواقعة قبالة الساحل الشرقي لجزيرة تايوان”.
في سياقٍ متصل، وصفت الرئاسة الروسية “الكرملين”، زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، لتايوان، بأنها “استفزازية، ولن تؤدى إلا لتصعيد التوترات”.
واتهمت روسيا الولايات المتحدة بـ”زعزعة العالم” من خلال إحداث توترات بشأن تايوان، حَيثُ يثير احتمال زيارة بيلوسى إلى تايبيه غضب بكين، التي تعتبر الجزيرة جزءًا من أراضيها.
وفى منشور عبر “تليجرام”، كتبت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا: “واشنطن تزعزع العالم، لم يحل أي نزاع في العقود الأخيرة بل تم التسبب بنزاعات كثيرة”.
من جانبها، قالت الخارجية الصينية: إن “الجانب الأمريكي سيتحمل المسؤولية وسيدفع الثمن في حال المساس بمصالح الصين الأمنية السيادية”، وأضافت، “الولايات المتحدة تعمل باستمرار على تشويه مبدأ الصين الواحدة وإخفائه وتفريغه”، “هذه الخطوات مثل اللعب بالنار وهي بالغة الخطورة ومن يلعبون بالنار فسيهلكون بها”.