استقلاليةُ القرار اليمني.زبقلم/ د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
دأب المرتزِقةُ على ترديد أن صنعاء تُرهِنُ قرارَها لدى إيران وأنها لا تتخذُ أيَّ قرار إلَّا إذَا وافقت إيران، فإذا وافقت صنعاءُ على سلام أَو حوار، قالوا: إيران ترغب في تهدية الأوضاع؛ لأنها سوف تنخرط مع أمريكا في حوار حول البرنامج النووي.. وَإذَا رفضت صنعاء الحوار أَو التهدئة، قالوا: إيران تريد الضغط على أمريكا في الحوار حول البرنامج النووي.. وَإذَا صعّد الجيشُ واللجانُ، قالوا: توجيهات من إيران، وَإذَا حدثت تهدئة قالوا إيران تريد…!
وهذا كله الهدف منه البحث عن غريم آخر لتبرير هزائمهم العسكرية والسياسية، وأما إذَا أردنا الحقيقةَ كما هي فيكفي أن نتابعَ ما حدث خلال العمل على الهُدَن الثلاث، فكما يعلمُ الجميعُ بأن المبعوث الأممي والمبعوث الأمريكي إلى اليمن قاما برحلات مكوكية بين سلطة عمان التي يستقر فيها رئيس الوفد الوطني الأُستاذ محمد عبدالسلام وبين السعوديّة التي يستقر فيها قرار المرتزِقة الذين يطلقون على أنفسهم شرعية، ولم يتم التوافُقُ على الهُدنة الأولى إلَّا بعد أن تمَّت الموافقةُ على معظم شروط صنعاء، وعلى رأسها فتح مطار صنعاء والسماح لعدد من السفن بالدخول إلى ميناء الحديدة والموافقة على الجوازات الصادرة عن صنعاء، وكل تلك الشروط اعتبرها المرتزِقة حقًّا من حقوق شرعيتهم لا يمكن التنازل عنها، وما حدث أنهم تنازلوا عنها بأوامرَ من السعوديّة، وتكرّر نفس السيناريو في الهُدنة الثانية والثالثة.
وخلالَ العمل على الهُدن الثلاث لم نسمع أن المبعوثَ الدولي أَو الأمريكي أَو حتى السويدي قد ذهب إلى طهرانَ للتفاوض على أية هُدنة، أَو أن إيران أرسلت مبعوثًا إلى صنعاء للضغط عليها حتى توافق على الهُدنة، أَو أن أمريكا قدمت تنازُلًا لإيران لتسمحَ بتمرير الهُدنة، ولكن ما جرى كان حصرياً بين صنعاء ومسقط والرياض، وخلال محاولة تمرير الهُدنة الثالثة وصل إلى صنعاءَ مبعوثٌ أُورُوبي والسفير الألماني في اليمن ووفد من المكتب السلطاني العماني؛ بهَدفِ إقناع صنعاء التي كانت تُصِرُّ على صرف الراتب مقابلَ تمديد الهُدنة، فإذا كان قرار صنعاء في إيران فلا داعيَ للضغط عليها وكان الأحرى بالجميع التوجّـه إلى طهران لإقناعها بالموافقة على الهُدنة.
وهنا نؤكّـد القرار أن اليمني مستقل وليس مرتهناً لأحد، والضابط الوحيد للقرار اليمني هو مصلحةُ الوطن والمواطن.