الغطرسةُ الأمريكية تضحّي دوماً بحلفائها..بقلم/ محمود المغربي
في العقود الماضية كانت الدولُ الأُورُوبية تشتري النفطَ والغازَ من روسيا بأسعارٍ رخيصة جِـدًّا ودون تحمُّل تكاليف ومخاطر نقل الغاز عبر سفن وناقلات الغاز، وقد كان لهذا الأمر الدورُ الأكبرُ في استقرار ونمو الاقتصاد الأُورُوبي، كما أن الأسواقَ الروسية كانت المستهلِك الأبرز للمنتجات الأُورُوبية.
اليوم وبعد الهرولة الأُورُوبية خلفَ الأطماع والغطرسة الأمريكية وغياب الرؤية الصحيحة تواجهُ الدولُ الأُورُوبية نقصاً حاداً في إمدَادات الطاقة يهدّدُ بإيقاف عجلة التنمية في الكثير من دول الاتّحاد الأُورُوبي، ويدفع بالدولة ذات الاقتصاد الأكبر في أُورُوبا ألمانيا إلى قطع الكهرباء عن المؤسّسات الحكومية ومبنى البرلمان لتوفير الطاقة بعد أن وصل مخزونُ البلاد من الغاز إلى أدنى مستوى.
مع العلم بأن المشكلةَ الكبيرة والآثار السلبية من تخفيض حصة أُورُوبا من الغاز الروسي لم تبدأْ بعدُ والكارثة الحقيقية لهذا الأمر سوف تظهر عند إيقاف ضخ الغاز الروسي إلى أُورُوبا بشكل كامل وفي موسم الشتاء القادم، حَيثُ يستحيل على سكان أُورُوبا مواجهة البرد الشديد دون تدفئة.
أيضا هناك انكماشٌ اقتصادي كبير وتضخم في الأسعار والإنتاج الاقتصادي الأُورُوبي؛ نتيجة هذا الأمر، بالإضافة إلى نقص كبير في زيت الطعام وقائمة طويلة من المعادن والمواد التي كانت تأتي من روسيا وهي الآن متوقفة نتيجة العقوبات الأمريكية والأُورُوبية على روسيا والتي أصبحت كحبلِ مشنقة حول رقبة القارة العجوز.
في المقابل لم نشهد أية آثار سلبية كبيرة على الاقتصاد الروسي نتيجة العقوبات المفروضة عليها ونتيجة انخفاض الصادرات النفطية والغازية والمعدنية الروسية إلى أُورُوبا، بل إن العائدات المالية الروسية من بيع ما يقارب 40 % من النفط والغاز الروسي تفوق ما كانت روسيا تجنيه من عائدات مالية قبل الحرب على أوكرانيا وقبل العقوبات نتيجة ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.
كما أن لدى روسيا أسواقاً بديلة يمكن أن تستوعبَ النفط والغاز الروسي مثل الأسواق الصينية والهندية وغيرها من الأسواق الآسيوية.
وهذا يجعلُ من دول الاتّحاد الأُورُوبي أكبرَ الخاسرين في معركة أمريكا الخاسرة مع روسيا، وهذا الأمر ليس بجديدٍ، فخلال المِئة العام الماضية كانت دول أُورُوبا هي من تدفعُ ثمنَ التحالفات مع أمريكا.
ومن يراقِبِ الشأن الدولي سوف يجدْ أن أمريكا تضحّي دائماً بحلفائها.