رسائلُ روسيا لأمريكا وللنفط البديل: اليمن حليف استراتيجي قوي.. بقلم /أحمد عبدالله الرازحي
في مقال سابق لي نشرته صحيفة رأي اليوم في 17 من فبراير الماضي وبعنوان “لماذا تسلّم سفير موسكو لدى اليمن رؤيةَ أنصار الله للحل في اليمن وفي هذا التوقيت الحساس بالذات”.
حينها كانت أولى خطوات روسيا لتعزيز علاقتها باليمن؛ لما له من أهميّة استراتيجية وما يمثِّلُه من قوةٍ إقليميةٍ فرضت نفسها للدفاع عن أراضيها اليمنية ضد هيمنة أمريكا وأدواتها في الشرق الأوسط المتمثلة في السعوديّة والإمارات اللتين تتصدران العدوان على اليمن منذ 2015م.. وتسلم السفير الروسي كان أولى رسائل روسيا لأمريكا والسعوديّة بالذات أننا سنحرّك “ملف اليمن” وسندعم اليمن في كُـلّ المجالات!!
اليمن ذو الموقع الاستراتيجي والذي تمثلت قوته اليوم في حركة “أنصار الله” التي لها مواقفُ عدائية منذ نشأتها ضد السياسة الأمريكية وتواجه بقوة مشروع أمركة العالم، وحيث ارتمت غالبيةُ الأحزاب اليمنية في أحضان الريال السعوديّ والإماراتي ولم تُعِر اليمن واليمنيين المعتدى عليهم والمحاصرين أي اهتمام فأصبح أنصار الله هم من يمثل اليمن في الواقع وكقوة استراتيجية ولاعب إقليمي وَيمكن أن يكون حليفا قويا لمواجهة المشروع الأمريكي في المنطقة والعالم.
أدركت روسيا منذ بدء المواجهة الروسية الأطلسية في أوكرانيا أن “أنصار الله” اليمن أصبح قوةً عظمى وَعنصرا فعالا في أمن الشرق الأوسط وحليفا قويا لمجابهة أمريكا ومشروعها في المنطقة؛ لهذا سعت روسيا للتقارب مع أنصار الله شيئاً فشيئاً وبناءِ علاقات روسية يمنية بشكل أسرع وأكبر.
وأنا أتابع مقابلة مع الأُستاذ محمد عبدالسلام رئيس وفد المفاوضات وناطق أنصار الله، حَيثُ صرّح لقناة الميادين أن زيارته الحالية إلى موسكو تناقش مع الجانب الروسي التأثير الواسع للأحداث في اليمن، خُصُوصاً بعد المستجدات في أوكرانيا وأن هناك تغيُّراتٍ حقيقيةً في الموقف الروسي وإدراك أن اليمن يستطيعُ أن يكون مؤثراً استراتيجياً وأنه طالما هناك عدوان وحصار فَـإنَّ من حقنا أن نتحَرّك في العالم مع كُـلّ المتضررين من المشروع الأمريكي ومنهم روسيا.
وَأَضَـافَ أن “الزيارة إلى موسكو تأتي في ظرف استثنائي وحسّاس لإيجاد تصور يستفيد منه أبناء اليمن في مثل هذه المرحلة وأن هناك تحدياتٍ جديدة نشترك فيها مع روسيا وإيران ودول محور المقاومة ودول أُخرى متضررة من الهيمنة الأمريكية، كما أن هناك تغيراً في المزاج الإقليمي والدولي والسعوديّة مدركة بأن الحماية الأمريكية لم تعد مضمونة”.
واليوم وأنا أقرا كتاباً أصدره الأربعاء جنرال روسي سابق “يوري بالويفسكي” الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية.. تحدث في مقدمة الكتاب حمل عنوان “الحروب الأجنبية نموذج جديد” كشف فيه أن الصواريخَ الباليستية والذخائر الخفيفة نسبياً المتاحة لجماعة أنصار الله “الحوثيين” لا تزال تخلق مشاكلَ خطيرةً لأنظمة الدفاع الجوي في السعوديّة والإمارات.
وأكّـد بالويفسكي أنه وعلى الرغم من امتلاك السعوديّة والإمارات لأنظمة دفاعية جوية غربية حديثة إلَّا انها قابلة للاختراق بسهولة وهذا ما ثبت من خلال تعرض الدولتين لضربات قوية في عمقهما وكلفتهما الكثير من الخسائر على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والعسكرية.
هذه الرسائل الروسية لم تعد مبطنة ومخفية بل أصبحت رسائلَ واضحةً، وهي أن على دول الخليج وخُصُوصاً السعوديّة أن تنأى بنفسها ولا توقع نفسها في الحرب الأمريكية ضد روسيا وإلا فالروس لديهم حليف قوي في اليمن وأصبح لها علاقات معه على أُسُسٍ متينة لا تزعزعها التهديدات.
ولأن لروسيا ترسانةً عسكريةً قوية ستعمل على أن تمُدَّ اليمن بأقوى الأسلحة الدفاعية والهجومية في حال أقحمت السعوديّة نفسها ضد روسيا لصالح أمريكا.
وإذا حدث ودعمت روسيا أنصارَ الله في اليمن بسلاح صاروخي وطائرات حديثة ستكونُ السعوديّة وَالخليج في مهب الريح وستنهار في أولى ساعات المواجهة مع اليمن!
التساؤل الذي يبحث عن إجَابَة: هل ستنهي أزمةُ أوكرانيا حرب اليمن? وهل ستقدم روسيا الدعم العسكري لأنصار الله لضرب مصالح أمريكا وأدواتها في المنطقة!! وهل نشهدُ قريباً عقد صفقات بيع أسلحة روسية لليمن?
لا شيء مستبعَد وستكشف الأيّام القادمة مفاجأةً لم يتوقعْها أحد.