الصراعُ على شبوة..بقلم/ عبدالرحمن مراد
انتهت معركة شبوة كما كان متوقعاً لها، وأصبح الإخوانُ يرثون أحوالَهم، ويسطّرون البطولات الزائفة، يمجدون أفعالهم، بل ذهب بهم الخيال إلى القول إن ثمة ثأر بينهم وبين الانتقالي؛ بسَببِ الهزيمة السابقة التي تكبدها في شبوة، والحقيقة أن العملاء هذا هو مصيرهم منذ أبي رغال وَابن العلقمي وانتهاء بخونة اليمن الذين باعوا العرض والأرض في الجنوب على امتداده وبكل ثرواته، واليوم نسمع عويلهم وصراخهم.
لم يكن الإخوان أصحاب مشروع حقيقي كما دلت الأيّام والوقائع، بل كانوا أدَاة بطش ونهب وسلب وبناء إمبراطورية مالية، فكل الدلائل تقول إن الإخوان في اليمن جمعوا من الأموال طوال زمن الاضطرابات والحرب والعدوان ما تنوء به العصبة أولي القوة، وهو ظاهر غير خفي، تجده متناثراً في البلدان، بدءاً من تركيا عاصمة خلافتهم، مُرورًا بماليزيا، وإندونيسيا، وانتهاء بدولة الحبشة، التي استثمروا فيها الكثير من الأموال، إذ بنوا عشرة آلاف وحدة سكنية، وفتحوا هناك شركة اتصالات، وبنكاً، وبنوا فنادق، هذا فضلاً عن الأموال التي استثمروها في تركيا أبرزها مصنع للحديد والصلب، هذا الاشتغال الذي عليه الإخوان كشف عنهم الغطاء الذي كانوا يتدثرون به، فقضايا الأُمَّــة التي كانوا يزايدون بها، وينتشرون في المولات والمساجد وفي القرى لجمع التبرعات لها ويخفون تحت تلك العناوين مقاصدهم ومآربهم اتضح للناس اليوم، إذ انتشروا في كُـلّ بقاع الدنيا بذات الصفة في استغلال ما تركه العدوان على اليمن من مآس –وهم جزء منه– ففرشوا شيلانهم وتسولوا وتاجروا بالصور التي تقشعر منها الأبدان في كُـلّ بقاع الدنيا وجمعوا من وراء ذلك مالاً كَثيراً وما زالوا يقومون بالمهمة دون كلل أَو يأس.
اليوم يتم تقليم أظفارهم في شبوة بعد أن عاثوا في البلاد والعباد فساداً وبيعاً، ودمّـروا كُـلّ مقدرات الأُمَّــة اليمنية باستغلالهم الرخيص لها، وقد شربوا من ذات الكأس التي كانوا يسقون به سواهم منذ حرب صيف 94م إلى اليوم المشهود، فبيوتهم وممتلكاتهم تحولت إلى غنائم لغيرهم وما يزال في خاطر الأيّام الكثير من القصص والحكايات التي سوف يسردها الزمن على الأجيال للعظة والعبرة.
ما حدث في شبوة لم يكن إلا مشهداً قصيراً من سيناريو محتمل التنفيذ في قابل الأيّام فالبوصلة تتجه إلى تعز بعد شبوة لتحريرها من استغلال الإخوان ومن ثم سيذهبون إلى مأرب وُصُـولاً إلى الخلاص منهم في حضرموت وفي منفذ الوديعة الذي تحول إلى سوق نخاسة يتاجرون فيه بالبشر.
فكرة الإخوان لن تنتهيَ انتهاء كليًّا من سماء المشهد السياسي اليمني ولا العربي ولكنها فكرة قابلة للبقاء المشروط، فوجودهم لن يكون مؤثراً في قابل الأيّام، ولكنه سيكون وجود الضرورة الذي يحفظ حالة التوازن السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وقد استغرقوا أنفسهم في الموضوع الاقتصادي استغراقاً كليًّا لذلك سيكون موقفهم السياسي محكوماً عليه بالضعف والهوان، فرأس المال كما يقال يكون جباناً، وقد بدأت علامات ذلك من خلال مواقفهم الهزيلة والضعيفة من العدوان على غزة خلال ما سلف من زمن، كما أن موقفهم من التطبيع أكثر جبناً وهواناً فقد مالوا إلى السكوت، بل سارع الكثير من رموزهم إلى القبول بالتطبيع وهي مواقف معلنة وغير خافية على أحد.
يدرك الكثير أن حركة التعطيل في التاريخ المعاصر سببها الإخوان، منذ حوارات موفمبيك وانتهاء بحوارات فتح الحصار على تعز، ورعاة الحوار يفهمون ذلك جيِّدًا ولذلك عمدوا قبل الشروع في مناقشة التسوية السياسية في اليمن إلى حركة تطهير الميدان من أي تواجد مؤثر للإخوان حتى لا يجدونهم حجر عثرة، فالقوم ألفوا الثبات ولذلك ففكرة التغيير لا يمكنهم تقبلها، ويقفون ضدها ويحاربونها، هذا هو تاريخهم لا يمكن إحداث متغير دون القضاء على مراكز نفوذهم وسلطتهم، ويبدو أن التحالف قد استفاد من تاريخ الإخوان بشكل جيد فاتخذ قرار إضعافهم.
تلك النهايات المخزية للإخوان في شبوة هناك ما يماثلها في قابل الأيّام، ولا سبيل لهم إلا مراجعة حساباتهم، والعودة إلى جادة الصواب، وترميم ما تصدع في الوجدان العام، والاعتراف بالذنوب التي اقترفوها في حق اليمن، حتى يعيدوا ما فقدوا، ويستعيدوا أنفسهم من حالة الذل والهوان التي وصلوا إليها.
لقد وجدوا بالأمس مبرّر الشرعية كمحمول لكل تطلعاتهم أما اليوم فالشرعية التي يتشدقون بها هي نفسها من تحاربهم وتسعى إلى تخليص الناس من شرورهم واستغلالهم المقيت.