قراءةٌ في رسائل قواتنا المسلحة وقائدها الأعلى..بقلم/ عبد القوي السباعي
أربعة أشهر فقط من عُمُرِ الهُدنة، تخرجت خلالها العديدُ من الدُّفَعِ والدورات العسكرية، التي أظهر فيها منتسبو قواتنا المسلحة الأبطال معنوياتٍ عالية، ومهاراتٍ قتاليةٍ وبدنية فائقة، وجاهزية تكتيكية وفنية غير محدودة؛ استعداداً لخوض أية مواجهات عسكرية قادمة مع أعداء الوطن والأمَّة والتاريخ، وهي دُفَعٌ ستكون رافداً كَبيراً لجبهات القتال المعتمدة حَـاليًّا، والجديدة والطارئة فيما بعد الهُدنة، في رسالةٍ عسكرية مفادها أن “قواتنا المسلحة بالمرصاد لمن يفكر بابتلاع بلدنا، وسنكتب نهايته بإذن الله”، على حَــدِّ تعبير قائدها الأعلى، خلال إحدى العروض.
لقد أظهرت العروضُ العسكرية جيشاً قوياً موحداً، جيشاً تؤطرهُ واحدية القرار والانتماء، واحدية التوجّـه والهدف، واحدية الموقف والمصير، ويمتلك رصيداً ضخماً من الخبرات والقدرات والمهارات والمعنويات المرتفعة، وهو رصيد عملياتي اكتسبه ميدانيًّا خلال 8 سنوات من المواجهة المسلحة مع العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي الصهيوني، الذي عجز عن تحقيق أي انتصار عسكري على هؤلاء المجاهدين الأحرار، وهو ما أكّـدهُ القائد الأعلى للقوات المسلحة المشير الركن مهدي المشاط، في خطابه الأخير، قائلاً: إن “أداء الجيش على امتداد مسرح العمليات مع قوى العدوان، أثبت من جديد أن اليمن مقبرةُ الغزاة”.
هذه العُرُوْضُ العسكرية عكست قدرةَ وإمْكَانيةَ “يمن الـ 21 من سبتمبر” الكبيرة في صناعة الأسلحة، وفي مقدمة ذلك الطائرات المسيَّرة، والصواريخ البالستية، سواءٌ أتلك التي شاركت في دك أهداف في عمق دول العدوان، أَو تلك التي لم تشارك حتى الآن، إضافة إلى الأسلحة الأُخرى والمتنوعة، والتي سبق أن تم التأكيد في مناسبات سابقة بأنها صناعة يمنية 100 %، لذا ظهرت قواتنا المسلحة الفتية في أبهى قوة، مصداقاً لكلام قائد الثورة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- بأننا “قادمون في العام الثامن بجحافل جيشينا”، وهي رسالة على ما يبدو أن العدوّ الأصيل والوكيل بات يستوعبها جيِّدًا ويعمل لها ألف حساب.
وممّا حملت العروض العسكرية، رسالة تؤكّـد أن قواتنا المسلحة، التي وافقت على مرحلتي الهُدنة الأولى والثانية، على الرغم من أن مهمتها القتال وصناعتها الحروب، غير أنها مدت يديها للسلام، في إشارة للعدو “إن أرادوا السلام، فنعم.. وإن أرادوا الحرب فنحن لها”، وهو ما أوضحه الرئيسُ المشير الركن مهدي المشاط، إذ تابع بالقول: “إننا في موقف الدفاع عن بلدنا ولا نشكل خطراً على أحدٍ إلا من يتآمر على بلدنا”، إذ لم تكن القيادة العسكرية تغفل عَمَّا يحاك ضدها من مؤامرات، ولذلك كانت عناوين تلك الدفع واضحة للعدو ومنها، “قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ”، “إن عدتم عدنا”، وغيرها من العناوين التي بلا شك وصلت رسائلها الواضحة.
ولعل من أبرز الدلالات للعروض العسكرية وتخرج الدفعات من مختلف المناطق العسكرية، أنها توصل رسالة إلى تحالف العدوان، بأن عليهم أن يخضعوا لمتطلبات السلام الحقيقي ويجنحوا للسلم، ما لم فَـإنَّ قواتنا المسلحة بما لديها من إمْكَانات وقدرات كبّدت العدوّ خسائرَ فادحة خلال الفترة الماضية، قادرة أَيْـضاً على دك معاقله العسكرية والاقتصادية دفعةً واحدة، وانتزاع حقوق اليمنيين، حَيثُ كانت، وهو ما أكّـدهُ المشير المشاط ناصحاً: “نكرّر نصحنا لقوى العدوان، ونؤكّـد أن كلفة السلام أقلُّ بكثير من كلفة الحرب”.
فكانت رسالة واضحة مفادُها أن أياديَنا التي مُدَّت للسلام إلى الطرف الآخر قادرة على انتزاع الحقوق في حال لم يستجب تحالف العدوان لمطالب اليمنيين المحقة والعادلة، والمتمثلة بإيقاف العدوان ورفع الحصار.
فاليوم قواتُنا المسلحة اليمنية الفتية تمتلكُ بهذه الأسلحة وبهذه القوة البشرية الهائلة المنتظمة في مختلف العروض العسكرية عقيدة قتالية إيمَـانية راسخة، وتدريباً عسكرياً عالياً، يعطيهم من اليقظة العسكرية والجاهزية الفنية والقتالية، ما يمكن توفيره في كافة المسارات في إعداد المقاتل العصري، من حَيثُ العقيدة والتدريب الذي عكسته هذه العروض، وكذلك من حَيثُ اليقظة، في عرض كُـلّ تلك الأسلحة وعرض تلك القوة، في ظل حصار وهُدنة هشة كان بإمْكَان تحالف العدوان ومرتزِقته كما هو عادتهم أن يستأنفوا بضربات عسكرية خاطفة، خَاصَّة وهم يراقبون عبر الأقمار الصناعية المدعومة من أمريكا وبريطانيا، ولذلك يمكن القول إن هذه العروض العسكرية وبهذه القوة وبهذا الزخم الهادر وخلال 4 أشهر، هو إنجاز عسكري فريد وغير مسبوق وعلى مختلف المستويات، عكست مدى عجز وفشل قوى العدوان وخوفها وتوجسها من القادم.
ولذلك فَـإنَّ قراءة أهم الرسائل الموجهة لقوى العدوان ترجمها المشير المشاط في سطرٍ واحد، أكّـد فيها: أن “الخطة الأمريكية التي كانت تعمل على ضرب الوحدة الوطنية الجامعة” قد فشلت أمام هذا الزخم، الذي ترجمه أبطال قواتنا المسلحة بتلاحمٍ وثيق مع أبناء الشعب الرافد بالمال والرجال، في رسالةٍ مفادها: إن “كنتم تحاولون الاستفادة من الهُدنة لتمرير بعض المؤامرات والأساليب التي لم تعد تنطلي على أحد، وتريدون من خلال الهُدنة أن تكون استراحة محارب لترتيب صفوفهم وأوراقهم وإعادة تمركز قواتهم وبناء المتارس والتحصينات والمواقع العسكرية”، فَـإنَّ الأعداد الضخمة المحتشدة للقوى البشرية وللأسلحة والمعدات والآليات التي تم عرضها في العروض العسكرية، لتعبر عن وحدات وتشكيلات متكاملة البناء والتنظيم للمعركة العسكرية الحديثة والمتطورة، وفي كافة المناطق والمناخات المختلفة.
كما أرادت القيادة العسكرية توجيه رسائل على المستوى الاقتصادي، والتي أشار إليها الرئيس المشاط: “سنقطع اليد التي تنهب ثروات اليمن”، تلك اليد التي نشاهدها بشكل مُستمرّ من خلال إدخَال ناقلات النفط العملاقة لنهب الثروة النفطية اليمنية، وكذا رسائل على مستوى المسار السياسي والإعلامي، من خلال الدوس بالأقدام أثناء العرض، على العلم الأمريكي و”الإسرائيلي”، في رسالةٍ تؤكّـد لأصحاب نظرية “دي أمريكا” وكذا للمهرولين نحو التطبيع والانبطاح، والذين دائماً ما يحاولون تلميع صورة أمريكا القبيحة والنظام الكرتوني الهش وعلى اعتبار أنها القوة العظمى والعصا الغليظة، إلا أن رموزها وأعلامها تداس تحت أقدام أبطال قواتنا المسلحة، جيشاً ولجاناً.