التعليمُ في اليمن.. بين المعاناة والأمل..بقلم/ رويدا البعداني
في ظلِّ أوضاع عصيبة لم تشهدها البلاد منذ عقود، تطل علينا أولى أَيَّـام العام الدَّراسي 2022/ 2023 بملامحَ يتيمة، وخُطًى عرجاء، وأنفس موجعة من الاحتراب الذي حَـلّ وخلف وراءه الكثير من الدمار وَالمآسي والأزمات، وبسببه تراجع مستوى التعليم في جميع المناطق اليمنية، ومن هنا كان لا بُـدَّ من التعاون الجاد بين أولياء الأمور ووزارة التربية والتعليم لدعم المعلمين والمعلمات والرفع من معنوياتهم، كذلك تحفيز الطلاب والطالبات للعودة إلى المدارس.
إن دورَ ولي الأمر لا يقتصر على توفير المستلزمات الدّراسية ودفع رسوم التّعليم فقط، وإنما لا بُـدَّ من المتابعة المُستمرّة والرعاية الدائمة والاهتمام الجيد بطفله، إن الغالبية العظمى يغفلون عن جانب مهم في حياة ابنه / ابنته وهو الدعم المعنوي والإحساس بالدفء الأسري، ومنح الطفل الحب ومده بالطمأنينة والسكون النفسي الذي يضمن سلامة نفسيته، فالطفل إن لم يحظ بهذه الأولويات لن تمنحه كنوز الدنيا رغيف سعادة، سيظل يشعر بالجوع وجيبه مليء بالنقود.
وثمة أطفال ثُكلت طفولتهم، وسُلبت منهم حقوقهم، وأجهضت أحلامهم، وتاهت مظلوميتهم بين دهاليز السياسة وكانت ضحية الاحتراب، هؤلاء الأطفال ستراهم حتماً في الأزقة يبحثون عن مأوًى يتسعُ لشجونهم ومآقيهم، أَو في الأسواق يقارعون هجير الشمس ليواروا سوءةَ فقرهم، ويجابهوا عوز أهاليهم، وهناك من يجول ويصول منذ الصباح وحتى آخر الليل وبيده مناديل وأحلام أَيْـضاً، لا ليشتري بها أقلاماً ودفاتراً كما يفعل البقية وإنما ليقتني بثمنها دواء لأمه المسّنة، ويقتات بالباقي خبزاً لأسرته، هؤلاء الأطفال تحملوا مسؤولية تخاذل عنها الكبار وبضياعها هوت هُـوِيّة الأطفال، وإن لم يجدوا الاحتواء والرعاية فحتماً لن يتعلموا.
وعلى حافة الوجود الإنساني هناك جندي مجهول قُطع راتبه وضاقت حياته المعيشية؛ بسَببِ قوى العدوان الجائر التي نهبت إيرادات الدولة التي تتمثل في النفط والغاز، ومع ذلك ما برح جبهة الصبر والتحدي شاحذاً همته بضراوة، حاملاً رسالته المجيدة على كاهله المثقل بمسؤوليات حياتية أُخرى، لم يزل يطقطق بالطبشور منذ سنين خلت، لم يزل يتحمل عناء المعيشة، ويتكبد وعورة الطريق، ودهامة اليوم والأمس في حين لم يلتفت إلى معاناته أحد ولم يقدم له بعضاً من حقوقه، بل يواجهونه بالعقوق والنكران، وكأنه لم يبن أجيالاً واعدة كادت تحطمها الحروب، وتنهشها براثن العدى.
ومما لا جدال فيه أن التعليم هو سفينة نجاة اليمن في بحر العواصف، وهو النور الذي يضيء ظلمات الحياة، وإن لم نعمل في ضوء ذلك على الاهتمام به وبالمعلم وَالطلاب فستظل اليمن تتقاذفها أمواج الظلم والقهر والجهل والتخلف.