المعيارُ المادي.. ومخاطرُه..بقلم/ أبو زيد الهلالي
عندما تكون الماديات هي الغاية من التحَرّك في هذا المشروع القرآني، هنا سينكّس الإنسان رأسه، وسيسقط في يوم من الأيّام.
لكن نحن في ذلك لا نقول: يجب أن يزهد الجميع، لا، بل نقول: يجب أن تكون الماديات وسيلةً مساعدةً على الوصول إلى الغاية المنشودة، وهي الجهاد في سبيل الله، والعمل على كسب رضا الله.
هذا هو الذي يجب أن ينشُدَه كُـلُّ مؤمن من التحَرّك في هذه المسيرة القرآنية؛ لأَنَّ من تكون معاييرُهم ماديةً سيأتي اليوم الذي يسخطون فيه على القيادة بشكل مباشر وظاهر وقد قدم الله في القرآن نماذج مخزية كانت علاقتهم مع الرسول الأكرم محمد -صلوات الله عليه وعلى آله- علاقة مادية بحتة، فعندما كانوا لا يعطون من الصدقات وهي تعتبر مادياتٍ كانوا يسخطون على الرسول دون تحاشي عظمته ومكانته وسطرها الله بقوله جل وعلا: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْـمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَـمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إذَا هُمْ يَسْخَطُونَ}.
كانت نسبة الرضا والسخط عندهم بمقدار ما يأتي لهم من ماديات، وهذه حالة خطيرة يجب أن نحذر منها، والبعض قد يتقاضى من العمل أجراً وإن نقص عليه أي شيء من مستحقات معينة حاول أن يخرب في العمل حتى يُعطى ما يزعم أنها حقوقٌ شخصية له.
والأهمُّ من كُـلّ ذلك أن لا يتعامَلَ الإنسانُ مع مشاكِلِه الشخصية التي تحدث له ويسقطها على المشروع بأكمله كما يعمل بعض الأشخاص عندما يحصل في حقه أي تقصير سيتَّهِمُ الآخرين ممن فوقه بالفساد والخيانة.
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَـمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَـمِينَ}.
المشروعُ القرآنيُّ يتطلَّبُ من الجميع الالتفافَ حوله لا الالتفاف عليه.
نتمنى من الجميع أن يستوعبَ ذلك.