السياسي الأعلى: لا تنازُلَ عن وحدة الوطن وثرواته
رسائلُ جديدةٌ تحذر من عواقب الالتفاف على متطلبات معادلة السلام الفعلي
المسيرة | خاص
جدّدت صنعاءُ تأكيدَ تمسُّكِها بوَحدة الوطن واستعادة ثرواته، في رسالةٍ جديدةٍ برفض كُـلّ إجراءات وتحَرُّكات تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي ومحاولاته لفرض تفكيكِ البلد وتبديد ثرواته كأمر واقع في المحافظات المحتلّة، وهو الأمر الذي يجدد تثبيت معادلة السلام الرئيسية التي تتضمن إنهاءَ العدوان والحصار والاحتلال، ويقطع الطريق أمام أية مساع للالتفاف عليها.
وشدّد المجلسُ السياسي الأعلى، الاثنين، على التمسك بوَحدة اليمن الجغرافية والاجتماعية وسيادته على ثرواته.
ويأتي هذا التأكيد في الوقت الذي تحاول فيه قوى العدوان فرض مؤامرة تقسيم اليمن كأمر واقع، من خلال دعم مشروع ما يسمى “الانفصال” ودعم المليشيات التي يستخدمها الاحتلال الإماراتي لتفتيت البلد جغرافياً واجتماعياً.
ودفعت دول العدوان مؤخّراً بمليشيا ما يسمى “المجلس الانتقالي” التابعة للإمارات للسيطرة على محافظة شبوة الغنية بالنفط والغاز، في خطوة جديدة لتكريس مشروع التقسيم وتبديد الثروات، في الوقت الذي تحاول فيه تجنب التداعيات والعواقب تحت غطاء الهُـدنة.
ويمثل تأكيد المجلس السياسي الأعلى رسالة واضحة بهذا الخصوص مفادها أن لا تنازل عن وحدة وثروات البلد تحت أي ظرف، وهو ما يعني استحالة الذهاب إلى أية عملية سلام أَو تهدئة منقوصة تنطوي على استمرار الاحتلال والسيطرة على الموارد.
وفي هذا السياق أَيْـضاً، أكّـد المجلس السياسي الأعلى على أن “من يُعرِّض اليمن أَو ثرواته للخطر يتحمل المسؤولية الناجمة عن ذلك، سواءٌ أكان أطرافاً أَو شركات أَو دولاً أَو تحالفات”.
ويُعتبَرُ هذا إنذاراً مباشراً جديداً لدول العدوان التي تسعى لإبقاء سيطرتها على الموارد النفطية والغازية في المحافظات المحتلّة لحرمان اليمنيين من عائداتها التي تعتبر الإيرادات الرئيسية للجمهورية اليمنية.
وتصدر مِلف إيرادات النفط والغاز مؤخّراً واجهة المشهد، حَيثُ كشفت صنعاء أرقاماً صادمة للعائدات التي ينهبها تحالف العدوان ومرتزِقته من مبيعات النفط والغاز، حَيثُ تكفي هذه العائدات لتغطية فاتورة مرتبات موظفي الدولة بشكل منتظم، كما تتيح فرصة لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لليمنيين.
وشن نشطاء، الأحد، حملةً واسعةً على مواقع التواصل الاجتماعي، فضحت حجم النهب التي تتعرض له ثروات البلد وعلى رأسها النفط والغاز، من قبل دول تحالف العدوان ومرتزِقتها منذ سنوات.
وكانت صنعاءُ أكّـدت على أن نجاح الهُـدنة يرتبط بشكل أَسَاسي بالتوصل إلى اتّفاق واضح يضمن صرف مرتبات موظفي الدولة من إيرادات النفط والغاز ورفع الحصار، وأكّـدت أن فترة التمديد الحالية ستكون هي الأخيرة إذَا لم يتم التوصل لهذا الاتّفاق، وأنها ستذهب إلى تصعيد أوسع في هذه الحالة.
وحمّل المجلس السياسي الأعلى دول العدوان ومرتزِقتها “مسؤولية العبث بالثروات وعدم صرف مرتبات الموظفين” في تأكيد إضافي على التمسك بضرورة معالجة هذا الملف.
وكشف وزير النفط والمعادن في حكومة الإنقاذ أن شركاتٍ أجنبيةً عقدت اتّفاقاتٍ غيرَ قانونية مع العدوّ وخالفت عقودها الأصلية؛ مِن أجلِ التلاعب بعملية إنتاج وبيع وشراء النفط الخام، ومساعدة تحالف العدوان ومرتزِقته على نهب العائدات.
وكان رئيس الوفد الوطني، محمد عبد السلام، حذّر مؤخّراً من أن هذه الشركات ستكون عُرضةً للاستهداف بعد الهُـدنة، وهو ما يشير إليه أَيْـضاً تصريح المجلس السياسي الأعلى.
وكثّـفت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخّراً تحَرّكاتِها لتوسيع عملية نهب الموارد، حَيثُ أفادت تقارير بأنها أشرفت على إبرام صفقات جديدة مع الاحتلال الإماراتي وأدواته وشركات أجنبية لنهب الثروات النفطية والغازية في محافظة شبوة بعد أن تم الدفع بمليشيات “الانتقالي” للسيطرة عليها.
وأكّـد المجلس السياسي الأعلى أن “ثروات اليمن المتمثلة في الغاز وغيره، ينبغي أن تسهم في البنية التحتية وفي تقديم الخدمات للمواطنين في الوقت الحالي”.
ويعبر سلوكُ تحالف العدوان ورُعاتِه عن إصرارٍ واضحٍ على الالتفاف على الاستحقاقات المشروعة للشعب اليمني ومنها المرتبات، وهو ما يعني عدم وجود نوايا لتنفيذ خطوات عملية تهيئ للسلام، الأمر الذي قد يعرض الهُـدنة للفشل بشكل نهائي.
وتعبر تأكيداتُ المجلس السياسي الأعلى بالمقابل عن يقظة وطنية تجاه مراوغات العدوّ، وعن تمسك ثابت بمتطلبات معادلة السلام الرئيسية المتمثلة بإنهاء العدوان والحصار والاحتلال، والتي حاول العدوّ سابقًا الالتفاف عليها لكنه فشل.
وكان رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، أكّـد قبل أَيَّـام على أن صنعاء لا تعترف بأية إجراءات يحاول الاحتلال فرضها في المناطق الواقعة تحت سيطرته، بل وأكّـد على التوجّـه لاستعادة كُـلّ المناطق المحتلّة.
وفي هذا السياق أَيْـضاً، أكّـد المجلس السياسي الأعلى على أهميّة استمرار عملية التدريب والتأهيل التي تشهدها القوات المسلحة، مثمناً العروض العسكرية الواسعة والمُستمرّة، وأوضح أن “الدفع المتخرجة ستمثل رافداً مهماً لقوة اليمن وصموده وحمايته من أطماع الغزاة”.
وفي ذلك رسالة أُخرى لتحالف العدوان بأن محاولات الالتفاف على متطلبات معادلة السلام الفعلي، سيتم مواجهتها بخيارات عسكرية فعالة ومزلزلة، وهو ما تم تأكيده أكثر من مرة خلال الفترة الماضية.
وينقضي النصف الأول من فترة التمديد الأخيرة للهُـدنة بعد أَيَّـام قليلة بدون وجود أية مؤشرات إيجابية –حتى الآن- من جانب تحالف العدوان فيما يتعلقُ برفع الحصار أَو صرف المرتبات، وهو ما يجعل تحذيرات القيادة السياسية والعسكرية الوطنية على واجهة المشهد.
ويرى مراقبون أن تحالف العدوان لا زال يسيءُ تقديرَ موقف صنعاء وانفتاحها على التهدئة وخطوات التهيئة للسلام، حَيثُ يرى فيها “فرصة” لكسب الوقت وترتيب صفوفه وهو ما يعبر عنه بوضوح الاستمرار في نهب الثروات ومحاولة تكريس مؤامرة “التقسيم”.
ومن المرجح أن يواصل تحالف العدوان استخدام حق الوصول إلى ميناء الحديدة ومطار صنعاء كأوراق للمساومة بالتوازي مع مواصلة المراوغة في ملف المرتبات؛ مِن أجلِ كسب المزيد من الوقت، وهو ما يؤكّـده استمرار تعنته في تنفيذ الالتزامات البسيطة لاتّفاق الهُـدنة على الرغم من تعهد المبعوث الأممي أكثر من مرة بالعمل على وقف ذلك التعنت.
لكن معطيات الواقع وتأكيدات صنعاء تشير بوضوح إلى أنه لم يعد هناك وقت كاف أمام دول العدوان، وأنه قريباً سيصطدم بضرورة التعاطي الإيجابي مع متطلبات السلام وعلى رأسها صرف المرتبات ورفع الحصار، أَو سيكون عليه مواجهة تداعيات مزلزلة قد لا يستطيع التعافي منها.
وكان عضوُ الوفد الوطني عبدُ الملك العجري، حذّر قبلَ أَيَّـام من أن صبرَ صنعاء أوشك على الانتهاء وأن الفترة الحالية هي “الفرصة الأخيرة” أمام تحالف العدوان لتدارك موقفه ورفع يده عن الاستحقاقات الإنسانية للشعب اليمني.