الحصارُ والقرصنةُ في تصاعد والمعاناة في ارتفاع.. الغطاءُ الأممي كـ “شِراع” لسفن القراصنة
بالتزامن مع تصاعد الخروقات والجرائم:
تحالف العدوان يصعّد من القرصنة ويتهرب أكثر من دفع المرتبات محتمياً بغطاءٍ أممي
النفط: دخول 33 سفينة من أصل 54 والإحاطات الأممية سبب في تشديد الحصار
المسيرة: خاص
بعد انقضاء أربعة أشهر، ومرور قرابة الشهر على التجديد الأخير للهُـدنة الإنسانية والعسكرية، التي ما تزال مشتعلة بفعل استمرار الخروقات وأعمال القرصنة والتنصل عن باقي الالتزامات الإنسانية في مقدمتها الرواتب، يواصل تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي التأكيد على سعيه لتفخيخ جهود السلام، وتمسكه بسلوكه الجاعل من الهُـدنة وسيلة لتمرير أهدافه ومخطّطاته، بعيدًا عن تنفيذ الالتزامات التي بنيت على أَسَاسها “الهُـدنة”، لتكون الأخيرة محل تهديد مُستمرّ من قبل الطرف المعادي، على الرغم من استمرار صنعاء في التمسك بضبط النفس والبحث الحثيث عن مساعي سلام حقيقية، آخرها ذهاب اللجنة الوطنية إلى العاصمة الأردنية للمرة الثالثة على التوالي، رغم أن تحالف العدوان قد استبعد كُـلّ فرص السلام.
ومع تعاظم الخروقات وتسجيل نحو 700 خرق لاتّفاقي “مسقط” و”ستوكهولم”، يمعن تحالف العدوان في ارتكاب الانتهاكات الفاضحة التي من شأنها مفاقمة معاناة اليمنيين، حَيثُ كثّـف من أعمال القرصنة على سفن المشتقات النفطية، أمس الأول، وهو ما يهدّد العمر المتبقي من الهُـدنة، حَيثُ احتجز سفينتين نفطيتين جديدتين، بعد استمرار احتجازه لسفينة المازوت الخَاصَّة بكهرباء الحديدة، وهو الأمر الذي يكشف حجم المراهنة السعوديّة على استخدام معاناة المواطنين كورقة حرب ضد الطرف الوطني، وكلّ هذه الانتهاكات تتم برعاية أممية واضحة، حَيثُ ما يزال الوسيط الأممي كعادته يتعمد العجز أمام ممارسات العدوان.
المتحدث الرسمي لشركة النفط اليمنية، عصام المتوكل، قال، أمس الأول، في بيانٍ مقتضب، إنه: “بدلاً من الالتزام ببنود الهُـدنة المؤقتة والإفراج عن سفينة المازوت التابعة للكهرباء، أقدم تحالف العدوان بقيادة أمريكا على احتجاز سفينة الديزل (سندس) وسفينة المازوت (فوس باور) بالرغم من تفتيشهما وحصولهما على تصاريح دخول من الأمم المتحدة وبذلك يرتفع عدد السفن المحتجزة إلى 3 سفن، مستنكراً الموقف الأممي الذي يعبر بصورة واضحة عن اصطفاف المنظمة الأممية إلى جانب منظومة العدوان والحصار التي تقودها أمريكا وتنفذها دول تحالف العدوان بقيادة السعوديّة والإمارات.
أرقامٌ تثّبت معادلةَ التواطؤ الأممي
وفي سياق المعطيات التي تؤكّـد التمسك الأمريكي السعوديّ الإماراتي باللعب على وتر مفاقمة المعاناة تحت غطاء أممي، أوضح متحدث شركة النفط أنه “تم الاتّفاق على دخول 54 سفينة نفطية وصل منها 33 سفينة فقط منذ بدء الهُـدنة المؤقتة، أي أن التزام تحالف العدوان ببند ميناء الحديدة لم يتجاوز الـ 60 %”، مُشيراً إلى أن تحالف العدوان يحتجز 3 سفن حَـاليًّا منها سفينتا مازوت لقطاع الكهرباء وسفينة ديزل وجميعها حاصلة على تصاريح الأمم المتحدة.
وقال المتوكل في تصريحات خَاصَّة للمسيرة إن: “المبعوثَ الأممي وخلفه الأمم المتحدة لم يتحَرّكوا بالشكل المطلوب للضغط على تحالف العدوان لإدخَال سفن المشتقات النفطية”، في حين أكّـد المتوكل أن الشعبَ “لم يلمس سلاسةً في دخول السفن النفطية كما ادعى المتحدث الأممي منذ بدء الهُـدنة”، في إشارة إلى التغطية الأممية الواضحة على أعمال القرصنة الأمريكية السعوديّة.
ونوّه المتوكل إلى أن “دول العدوان والأمم المتحدة حصرت الاستيراد بالموانئ الإماراتية وسداد ثمن السفن مقدماً لصالح البنوك الإماراتية”، مؤكّـداً أن “الأمم المتحدة تتحَرّك فقط لجمع المساعدات المالية باسم الشعب اليمني بينما لا تتحَرّك لرفع الحصار عنه”.
ووسط كُـلّ هذا الانخراط الواضح مع أعمال القرصنة والحصار بحق أبناء الشعب اليمني في ظل الهُـدنة التي كان من المفترض أن تكون أزاحت جزءً كَبيراً من المعاناة بدلاً من استمرارها، ما تزال التظاهرات الشعبيّة الغاضبة في تصاعدٍ مُستمرّ إزاء استمرار تحالف العدوان في القرصنة على سفينة المازوت “جولدن إيجلي” الخَاصَّة بكهرباء الحديدة، وهو ما يشكل عاملاً آخر من عوامل مضاعفة المعاناة في صفوف المواطنين، نظراً لارتفاع درجات الحرارة.
وصدر بيان عن وقفة احتجاجية لموظفي النفط بحضور مدير الشركة عمار الأضرعي أمام مكتب الأمم المتحدة بصنعاء، أكّـد أن احتجاز سفينة المازوت يضاف إلى قائمة الممارسات التعسفية والخروقات التي يرتكبها تحالف العدوان بقيادة أمريكا في ظل صمت الأمم المتحدة التي لم يلتزم مبعوثها منذ بدء الهُـدنة المؤقتة بإزالة العراقيل والإيفاء بإدخَال السفن المتفق عليها.
ودعا البيان إلى سرعة الإفراج عن سفينة المازوت اللازمة للقطاع الكهربائي لضمان استمرار تقديم هذه الخدمة للمواطنين والتخفيف من معاناتهم نتيجة العدوان والحصار، مطالباً بمنع القرصنة البحرية على سفن المشتقات النفطية؛ كون سفن الوقود سلعة مهمة ذات طابع إنساني يجب توفيرها للمواطنين.
ودعا البيان الأمم المتحدة ومبعوثها إلى تحمل مسؤوليتهم الكاملة؛ لأَنَّهم المعنيون بالإشراف والمتابعة على تنفيذ بنود الهُـدنة المؤقتة، وإلزام قوى تحالف العدوان بإطلاق سفينة المازوت المحتجزة وعدم القرصنة على سفن الوقود.
الوسيط الأممي.. من القيام بالمسؤولية إلى تحمل تداعيات تركها
من جهتها، أدانت وزارة الكهرباء والطاقة، احتجاز دول تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي لسفينتي المازوت “جولد إيجلي” و”فوس باور” في عرض البحر الأحمر، مشيرةً في بيانٍ لها إلى أن منعَ دخول سفن المازوت إلى ميناء الحديدة لتفريغ حمولتها الخَاصَّة بمحطات التوليد الكهربائية يعد خرقاً واضحًا لبنود الهُـدنة.
ولفتت إلى إمعانِ دول تحالف العدوان في حصار الشعب اليمني وتوسيع معاناته من جراء انقطاع التيار الكهربائي عن المستشفيات ومراكز الغسيل الكلوي وآبار المياه.
وحمّل البيانُ دولَ تحالف العدوان والأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عن تلك التصرفات غير القانونية، وغير الإنسانية، مطالباً المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية وكل أحرار العالم الضغط عليها، للإفراج عن السفن النفطية لتفادي وقوع كارثة إنسانية.
ومع كُـلّ الممارسات التصعيدية المتنوعة بين القرصنة واستمرار الجرائم والخروقات، فَـإنَّ تحالف العدوان يعلن تنصله عما التزم به عند التجديد للمرة الثالثة مطلع أغسطُس الجاري، حَيثُ يعتبر التهرب من تنفيذ الالتزامات المتأخرة، تأكيداً واضحًا بعدم جدية تحالف العدوان في تنفيذ أيٍّ من الاتّفاقات التي وقع عليها، على الرغم من أن جميعها ذات طابع إنساني.
وإضافة إلى سلسلة الاحراجات المتوالية على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي؛ بسَببِ تصاعد الغطرسة الأمريكية السعوديّة، فَـإنَّ التهرب من صرف المرتبات –الشرط الرئيس الذي تم على ضوئه تجديد الهُـدنة– يضع الأمم المتحدة في موقفٍ مخزٍ أظهرها منخرطة بصورةٍ مباشرة مع تحالف العدوان والحصار والإجرام، وبهذا تكون كُـلّ الأطراف الوسيطة والمعادية مصطفة ضمن مسار موحد مليء بالابتزاز والمساومة على معاناة الشعب اليمني وحاجاته، وهذه هي الممارسات التي تعطي الطرف الوطني الأحقية الكاملة في الخوض في أيِّ خيار من شأنه رفع المعاناة واستعادة حقوق الشعب، لتتحمل الأمم المتحدة –قبل دول العدوان– المسؤولية الكاملة عن انفجار الوضع وتوسع المعركة.