خطرُ استمرار الهُـدنة..بقلم/ منصور البكالي
الهُـدنة كيف تدار؟ وعلى أي أَسَاس؟ والخروقات مُستمرّة وحجز سفن المشتقات متكرّرة والمظالم الكبرى التي يعاني منها الشعب متواصلة لا مرتبات، لا إفراج للأسرى، لا مطارات مفتوحة في وجوه المرضى ورجال المال والأعمال، لا شيء مما يتطلع إليه الشعب اليمني أَو يزرع فيه الأمل بانتهاء العدوان ورفع الحصار، سوى شعوره بأن واقع الحياة في قادم الأيّام أكثر سوداوية، وأشد معاناة وقسوة.
هذا ما يسأله ويجيب عليه أحرار شعبنا اليمني بمختلف مكوناتهم السياسية والجغرافية، الذين يرون وطنهم الواحد يمضي في ظل الهُـدنة إلى التشرذم والتمزق وفق ما كان يخطط له العدوّ الأمريكي خلال فترة الحوار الوطني.
فأية هُـدنة هذه والشعب يرى المحافظات الحرة باتت كما كان يراد لها، لا نفط، ولا غاز، ولا ثروات، ولا منافذ بحرية، سوى ميناء الحديدة الذي يمنع العدوان الأمريكي السعوديّ وأدواته سفن الغذاء والدواء من الدخول إليه إلا بتصريح منه واحتجاز الكثير منها برغم التصاريح، فيما يرى العدوان ومرتزِقته في المحافظات المحتلّة يتقاسمون ثرواته ومقدراته ويتصارعون على الحصة الأكبر منها.
ففي ظل الهُـدنة بدأ العدوان تقسيم اليمن وتقسيم ثرواته بين أتباعه وأدواته، ليهب كُـلّ صنف منهم مساحة من الأراضي والثروات اليمنية لتنفيذ مخطّطاته وأجندته فيها، ويقتطع له هو ما يريد منها كما هو الحال في محافظة سقطرى، وما يجري من بناء للقواعد الصهيونية والأمريكية والبريطانية وغيرها في باب المندب ومحافظة المهرة، وما يدور اليوم في شبوة وحضرموت سوى مؤشر لهذا التقاسم والصراع على الثروات، وليس مرحلة تصفيات من قبل طرف لآخر كما يصور البعض.
وبهذا التقسيم إن نجح لا سمح الله مع إطالة الهُـدنة، أنجز العدوّ الأمريكي رسم الحدود بين أتباعه جغرافياً مع الحفاظ عليهم جميعاً وتسخيرهم في ما بعد التقسيم لتجديد مواجهة الجيش واللجان الشعبيّة، وتغذية أتباعهم وأنصارهم في المحافظات الحرة، وشراء المزيد من الولاءات، والخونة والعملاء الجدد؛ بهَدفِ زعزعة الجبهة الداخلية، مع إبقاء الحصار وإشعار بقية المواطنين بأن صنعاء ومواقفها مجحفة بحقوق الشعب، وأنها لا تبالي بمرتبات الموظفين ولا بهموم وأحزان الأسر المضحية، ولا تستطيع تلبيتها، ولا تريد السلام.
ومن هنا نؤكّـد بأن الاستمرار في تسجيل خروقات العدوان ومرتزِقته للهُـدنة، دون ردة فعل أَو دون تحَرّك جدي يفضي إلى استعادة كافة الأراضي اليمنية وتحريرها من الغزاة والمحتلّين وأدواتهم، منقصة وتخل عن القيام بالمسؤولية، وتراجع عن القيم والمبادئ القرآنية والإيمَـانية والثورية، وتضييع لتضحيات الشعب وما قدمه من قوافل الشهداء والجرحى، والأسرى والمفقودين، يضع القيادة السياسية والعسكرية في موقف المساءلة عنهم، ويصور الهُـدنة بأنها نوع من الاستسلام والهزيمة المنكرة.
بل إن من أشد مخاطر الهُـدنة إن استمرت تراجع زخم التحشيد إلى الجبهات، وضعف الموقف الشعبي الداعم والمساند للجبهات وللحكومة وأداء مختلف مؤسّسات الدولة والسلطات المحلية، واستغلال العدوّ وأدواته لضرب الجبهة الداخلية ونشر دعايات التضليل تحت عناوين طائفية ومذهبية وحزبية، تضعف من مكانة الدولة وقدراتها، أمام سيطرة الغزاة على ثروات اليمن ومقدراته وانتهاك سيادته الوطنية، وخنق الشعب بالتحكم بدخول الدواء والغذاء والمشتقات النفطية التي تنهب كُـلّ يوم أمام مرأى ومسمع كُـلّ أبناء الشعب، دون تحَرّك.