صراعُ الأدوات في الجنوب.. وتكاتُفٌ أمريكي غربي لضبط إيقاع الصراع..بقلم/ فهد شاكر أبو رأس
بعد سنوات من الخدمة والتنافس بين أدوات العدوان ومرتزِقته، في سباق تقديم الخدمات للمحتلّ ومساعدته في التمكين من احتلال وطنها وانتهاك سيادته، تشتعل حرب التصفيات بين الأدوات في جنوب الوطن على أشدها.
حرب تصفيات، أضرم المحتلّ نارها بين أدواته وعملائه في الجنوب، بعد أن مكنته تلك الأدوات من رقابِها ومن تسيير وجهتها كيفما شاء وأراد وعلى اختلاف مشاربها وعمالتها لقوى الغزو والاحتلال بمختلف توجّـهاتها ومقاصدها، بعد أن قدمت له الخدمات تلو الخدمات، وقاتلت معه ضد شعبها ووطنها، لما يقارب الثمانية أعوام، جاءت المكافأة لها بأن أغرى المحتلّ بعضها على بعض في نهاية مطافها الخياني لوطنها وبيع دينها وأرضها، محاولاً بذلك سلخ جزء جغرافي من أرض الوطن ليكون موطئ قدم لأمريكا وأدواتها في اليمن.
وفي ظل احتدام الصراع بين العملاء والوكلاء المحليين للغزاة في كُـلّ من محافظة شبوة وحضرموت، وسعي المحتلّ الحثيث لبسط نفوذه وسيطرته على منابع النفط والثروة، تتكاتف الجهود الغربية والأمريكية لضبط إيقاع المواجهات في الجنوب بين الأدوات، لمنعها من الانزلاق في متاهات مجهولة المصير في معسكرات العدوان، وفيما يأخذ المبعوث الأمريكي على عاتقه مهمة إعادة رسم خطوط التماس، تعقد رباعيةُ العدوان اجتماعها في لندن؛ مِن أجلِ مناقشة ما أسمتها بتفاقم الأزمة الاقتصادية في اليمن، في مؤشر واضح على ارتباط تلك الموجهات القائمة بين الأدوات في شبوة وحضرموت بالتصعيد العسكري والتواجد الأمريكي في المحافظات اليمنية المحتلّة جنوب الوطن، للتخلص من الأوراق المهترئة لواشنطن، وأدواتها المنتهية الصلاحية، والإبقاء فقط على ما تعتبره واشنطن رهاناً رابحاً في فرض هيمنتها وتمرير مشروع التقسيم والأقلمة في اليمن.
وعلى وقع الاستمرار للخروق الميدانية المتواصلة لبنود الهُـدنة الأممية وتنصل قوى العدوان عن التنفيذ لاستحقاقاتها الإنسانية، وإصرارها على تقطيع أوصال المحافظات اليمنية، حملت اللجنة العسكرية الوطنية على أكفها مقاربات إيجابية جديدة، وطارت بها من صنعاء إلى عمان آملة في التعامل بجدية من قِبل الأمم المتحدة مع الملف الإنساني اليمني، إلا أن قوى العدوان والأمم المتحدة لا تريد بأن يكون لدى طرف صنعاء أية مقاربات جديدة بخصوص الملف الإنساني اليمني، والهُـدنة الإنسانية بالنسبة لها مُجَـرّد فرصة لانتهاك سيادة اليمن والعبث بثرواته الاقتصادية والسيادية، وتثبيت التواجد العسكري الأجنبي في اليمن براً وبحراً، وفي مياهه الإقليمية، ولم تفِ قوى العدوان على مدى الخمسة الأشهر الماضية من عمر الهُـدنة بكامل التزاماتِها، ولا حتى التزمت الأمم المتحدة بتعهداتِها، ولا يبدو من خلال هذه المؤشرات أن ثمّة نية جادة وصادقة من قِبل قوى العدوان والأمم المتحدة لتحسين شروط الهُـدنة الإنسانية، أَو العمل على توسيعها لناحية صرف مرتبات الموظفين وتعزيز الرحلات التجارية من وإلى مطار صنعاء الدولي، بل عمدت بحرية العدوان مؤخّراً إلى احتجاز السفن النفطية وحالت دون أن تصل تلك السفن إلى ميناء الحديدة، وهي بهذا السلوك إنما تفوت على نفسها فرصة ذهبية كان يُفترض عليها أن تقتنصَها لإنهاء عدوانها على اليمن ورفع حصارها عنه، لا أن تلف وتدور، وتورط نفسها أكثر فأكثر في هذا المستنقع الخاسر والعائد عليها بالزوال لا محالة.