ثورة 1979م جددت أمل الشعوب المقهورة..بقلم/ بشير عبد الوهَّـاب
خلال العقود الأخيرة من الألفية الثانية عملت الدول الأُورُوبية على إرسال جنودها وترسانة سلاحها إلى معظم المناطق العربية والإسلامية لا سِـيَّـما المناطق الزاخرة بالثروات لاستعمارها ونهب تلك الثروات والسيطرة على كُـلّ مقدراتها جاعلة من سكان تلك الدول والمجتمعات جنوداً وعمالاً أشبه ما يقال عنهم عبيداً، ومع بداية القرن العشرين دخلت القارة الأُورُوبية بصراعات بينية أضعفت من سطوتها على المستعمرات المترامية الأطراف البعيدة عن مراكز اتِّخاذ القرار وخلالها ظهرت حركات كفاح مسلح وجماعات رفض مجتمعية تحت عدة مسميات وعناوين، قومية عربية ويساريه اشتراكية، ودينية، وتحت رايات مختلفة فساهمت في رفع فاتورة الاستعمار مقابل العائد فتحتم على الفكر الاستعماري إعادة صياغة مفهوم جديد للاستعمار، فتم صياغة نظرية المعادلة الصفرية، صفرية التكاليف والخسائر ومضاعفة العائد والفائدة وضمان استمرارية تدفق الموارد المنهوبة من الدول المستعمرة مع الحفاظ على كُـلّ أدوات الاستعمار مستثنية تدخلها المباشر دون خسارة جنديٍّ واحدٍ، ومعلنةً إعلاناً شكليًّا انسحابها تاركةً المهمة لوكلاء من أبناء ونخب تلك المجتمعات والدول وربطهم بالمحافل الماسونية ليتم اختيارهم بعناية وتقييمهم على معايير أكثرَ صرامة ودقة تضمن ولاءهم الدائم والقيام بالدور المنوط بهم على أكمل وجه.
وقد أعلنت معظم الدول العربية والإسلامية استقلالها عن الاستعمار واعتماد يوماً وطنياً للاستقلال يُحتفل بهِ كُـلّ عام ومع ذلك لم تصل تلك الشعوب إلى ما كانت تتطلع وتصبو إليه، فالقرار ما زال بيد المستعمر البعيد عبر الوكيل القريب وما ظهرت من حركات أَو أحزاب أَو كيانات رافضة لذلك النوع من الاحتلال والاستعمار المخصب إلَّا وأخمدت أَو تم احتوائها وبرغم تنوع الحركات الثورية وتكدسها إلا أنه لم يظهر نموذج ثوري متكامل الأركان يستوعب ذلك المكر والدهاء ويشكل نواة صلبة للمقاومة والنضال للاستعمار وأدواته الجديدة.
إلى أن قامت الثورة الخمينية عام 1979 م، حَيثُ برزت بأُسلُـوب حديث محصن من كُـلّ الاختراقات يضمن ديمومة واستمرار العمل والفعل المقاوم لمختلف شرائح وتكوينات المجتمع ومن الوهلة الأولى عملت على قطع كُـلّ ما له صلة بالاستعمار لافظةً أدواته إلى قعر المحيط لتسيطر على كُـلّ مقدرات الوطن سواءً النفط أَو غيرها وإلغاء كُـلّ حقوق الامتيَاز الممنوحة قسراً لتلك الشركات التابعة للاستعمار، رافضةً لكل أشكال السلب والنهب والاستبداد بدول العالم الثالث، لم يمر سوى بضع سنوات حتى مثلت نموذجاً ثورياً جيداً انتهجته كُـلّ شعوب العالم المتطلعة للحرية والاستقلال، الرافضة للهيمنة والاستبداد الغربي.
وهذا الجموح والنزوة الثورية الأصيلة النابعة من عمق الحضارة الإسلامية وبرغم المؤامرات والدسائس جعلت من الجمهورية الإسلامية رقماً صعباً طيلة أربعين عاماً.. لا يشق لها غبار.