خدمةٌ ممولةٌ أم قصورُ وعي؟!..بقلم/ عبد القوي السباعي
تمضي الأحداثُ والمتغيرات الميدانية في إطارها الداخلي وفي ظل الهُـدنة الأممية الهشة مسرعةً بكل تفاصيلها الشائكة وعلى نحوٍ مريب، خُصُوصاً بعد بروز بوادر عدائية لخلق هندسةٍ اجتماعيةٍ عكسية، وبرمجة الجماهير اليمنية في المناطق المحتلّة خُصُوصاً والمحرّرة بوجهٍ عام، على النحو الذي يتواكب مع برامج وبروباغندا تحالف العدوان وأذنابه الاحتياط.
ونجد في أوساطنا الإعلامية من ينساق معها بدون وعي أَو إدراك لما يدور خلف هذا التوجّـه أَو ذاك، فمثلاً، هناك مجموعة من الحمقى ينساقون بغباء للترويج بقصد أَو بدون قصد وتقديم خدمة مجانية، على اعتبار أنهم يهاجمون ويستهدفوا أشخاصاً أَو أفراداً هم بالواقع مُجَـرّد خونة وعملاء كانوا وما زالوا وسيظلون عنوان السقوط والارتماء في حضن الأعداء.
هؤلاء الحمقى من إعلامين وناشطين، ربما رُمي لهم الطعم حقاً فوقعوا في شراكه، فنراهم يخوضون في معارك وهمية لا أَسَاس لها في الواقع، ولأن العدوّ فقد كُـلّ أَو معظم وسائله الاتصالية والدعائية التي كانت تستهدف جمهوراً بعينه، لم يجد سوى وسائل إعلامية أَو دعائية (أشخاص أَو مؤسّسات)، من أوساطنا لينفذ إلى الجمهور المستهدف في الداخل، ويستخدمها لنقل صورة دائمة ومُستمرّة عنه، هو لا يهتم ما إذَا كانت هذه الصورة سلبية أم إيجابية، ما دامت تأتي رسائلها في تذكيرٍ دائمٍ به، وتعمل على ترسيخ صورته في ذهنية المتلقي الذي بدأ ينساها، إن لم يكن قد محاها من ذاكرته، ويظل بعضنا وبعض وسائل محسوبة للأسف علينا هي أدَاة هذا الترويج والضخ.
تلك المعارك الجانبية والممولة احتمالاً، قدمت وتقدم للخائن العميل خدمة مجانية لم يكن يحلم بها في أفضل حالاته حتى وهو موجود هُنا، فقوة تلك النفايات عُمُـومًا هو مع استمرار الدعاية المكرسة لها أَو ضدها، وما هذا الضجيج الإعلامي المفتعل إلا هدف تم الإعداد له مبكراً.
ودليل تقديم خدمات استراتيجية لـ (س) أَو (ص)، لـ (أ) أَو (م) من الخونة والعملاء، هو لفت الأنظار نحوها بصورة دؤوبة، في مثل هذا التوقيت بالذات، في تساوقٍ غير منطقي مع البروباغندا المعادية التي تسعى لخلق هندسةٍ اجتماعية عكسية من التضامن والالتفاف، إذ لن يأتي استهدافك له بهذه الطريقة، إلا بنتائج عكسية، وهو أفضل ما يتمناه، رغم فشله مرات عديدة وهو يحاول تقديم نفسه كمنقذ.
لأنك لا تمتلك الرؤية الواضحة، والتخطيط والتنسيق والوعي بترتيبات الدولة العميقة التي تحيط بك من كُـلّ الجهات، لهذا سيظل الهدف البعيد الذي يسعى لتحقيقه بواسطتك، يتمثل في زرع الفكرة في عقول الجماهير، وتخليد الصورة النمطية، على أنه المظلوم والمرغم على الصمت طوال هذه المدة، وعلى أنه الوطني الحريص على هذا الشعب والمؤتمن على ثرواته.
على العموم نقول لك ولهُ وللجميع: الأرض اليمنية ملكٌ لمن يدافع عنها، ملكٌ لمن يبذل الأرواح فداء.. ويجزل العطاء.. ويقدم الدماء.. في سبيل عزتها وكرامتها.. في سبيل استقلالها واستقرارها.. في سبيل حريتها ونمائها، بكل إخلاصٍ وتفانٍ ووفاء.
اليمن ملكٌ لمن يسعى جاهداً للذود عنها.. لصيانتها وحمايتها، ملكٌ لمن ضحى ويضحي.. لمن تصدى ويتصدى للغزاة الطامعين في احتلالها والسيطرة عليها ونهب ثرواتها، على مدى ثماني سنوات.
اليمن ملكٌ لأبنائها الأبرار.. ملكٌ لأبنائها المخلصين الأخيار، إذ لم تكن يوماً ولن تكون مرتعاً خصباً للغزاة المحتلّين، أَو ملكاً لأُولئك العملاء والمرتزِقة، أَو صكاً يُطوى في جيوب الخونة والمأجورين والنهابين، بل ستظل اليمن على عداءٍ مُستمرّ مع أُولئك الذين كفروا بها، وجحدوا عطاءها وفضلها عليهم عقود من الزمن، وجلبوا في الأخير العدوّ الغازي والمحتلّ الأجنبي إليها.
رغم هذا وذاك، حتى ولو جاء اليوم بعد سنواتٍ ثمان، وقد وجد بعضهم أنفسهم في موقع الانحطاط والخزي والخسارة، ليرفعوا أصواتهم بالتوبة.. هذه هي اليمن.. تتسع للجميع، ليأتوا كمواطنين صالحين، وما داموا كذلك، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، والعاقبة للمتقين.