من سوريا شكراً أبطال اليمن
قاسم محمد حدرج *
غداً عندما تُفتَحُ الصفحاتُ المحفوظةُ في سجلات المخابرات المركَزية ويُكشَفُ النقابُ عن الوثائق المصنفة سري جدّاً والتي تحوي أسرارَ عاصفة الحزم وأهدافها الحقيقية، عندها سيدرك العالم بأجمعه بأن أبطالَ الـيَـمَـن قد غيّروا وجه التأريخ وأنقذوا البشرية من حُكم الشياطين، فما كان مخططاً للـيَـمَـن هو حلقةٌ في مسلسل تدمير الأُمَّــة العربية والإسلامية، وسيناريو هذا المسلسل كان يقضي باعتماد جامعَة الدول العربية كمرجع تظلُّمي لأصحاب الشرعيات المنقوصة بفعل الميليشيات المسلحة التي تناهض الحكم وتسعى إلَى تغيير الأنظمة بالقوة وعلى هذا الأساس ووفقاً للسياق المخطط له تقوم الجامعة العربية (السعودية) بتصنيف قوى المقاومة كمنظمات إرهابية وتعتمد الائتلاف السوري كممثل للشعب السوري، بحيث تصبح القيادة السورية هي الخارجة عن القانون ويتم إسناد دور الشرطي الدولي إلَى السعودية لكي تقودَ الأحلاف لضرب هذه القوى تحت مسميات الشرعية ومكافحة الإرهاب بغطاء دولي أُمَــمي يُضفي على أعمالها العسكرية غطاءاً قانونياً دوليا وفي ذات الوقت تشن حملة إعلامية مكثّفة ضد الجمهورية الإسلامية الإيْرَانية تتهمُها بدعم المنظمات الإرهابية (قوى المقاومة) والتدخُّل في الشؤون العربية على قاعدة مذهبية؛ وذلك بهدف تكبيل يديها عن الوقوف في وجه هذا المخطط تمهيداً للانقضاض عليها لاحقاً، فكانت البدايةُ من الـيَـمَـن التي وفقاً لجهابذة قادة عاصفة الحزم لن يستغرق إخضاعها سوى أيام معدودة فتنتقل عملياتها العسكرية بناءً على طلب الائتلاف السوري إلَى قتال الجيش العربي السوري بقصد إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، ومن ثم يأتي الدور على حزب الله المصنَّف عربياً بأنه منظمة إرهابية وَالذي يشارك في معركة الدفاع عن سوريا والمتهم بقمع أهل السنة في لبنان، وبالتالي ينبغي القضاء عليه وفي حال التدخل الإيْرَاني فسوف يكونُ عنوان المعركة هو الشرعية في مواجهة التطرف.
كُلّ هذا السيناريو والتعديلات التي أجريت عليه مراراً وتكراراً قد تم إسقاطه بفعل البطولات الأسطورية التي سطّرها الشعبُ الـيَـمَـني بجيشه وقواه المقاومة، فكانت الـيَـمَـن بحق خط الدفاع الأول عن دمشق وبيروت وطهران وجنّبت دول محور المقاومة مواجهة دولية بقالب مذهبي لا أحد يمكن أن يتنبأ بنتيجتها، وهو الأمر الذي دفع بالنظام السعودي إلَى كسر كُلّ المحرّمات وارتكاب المجازر والاستعانة بمنظماته الإرهابية بشكل علني مثل القاعدة وداعش عله يحدث خرقا ما يغطي به على خسارته المدوية التي يعلم مسبقا أنها ستكلفه غاليا ورغم ذلك كان الفشل حليفه أَمَـام هذا الصمود الذي عجزت كُلّ الأدمغة العسكرية عن إيجاد تفسير له لكونه خارجاً عن الأنظمة الكونية المتعارف عليها ولا يمكن أن ننسبه إلَّا إلَى القدرة الإلهية.
إزاء هذا الفشل في المرحلة الأوْلَى للعدوان كان لزاماً أن ينسحب هذا الأمر على باقي الميادين لا سيما السوري منها فانعكس تقهقراً سياسياً وعَسكرياً لمحور الإرهاب الذي تتزعمه السعودية، وهو الأمر الذي دفع بمستشارة وزير الخارجية الروسي للاستهزاء بأحمد العسيري الذي صرّح بأن السعودية مستعدة لإرسال قوات برية إلَى سوريا، بقولها: وهل انتهيتم من الـيَـمَـن. من هنا يمكننا القول بأن الإنجاز الـيَـمَـني في التصدي لعدوان دولي هو الأعجاز بعينه وبأنها واجهت بمفردها عين العاصفة واستوعبت وحيدة الزلزال الذي ضرب عمقها وامتصت قوته بحيث أتت توابع هذا الزلزال خفيفة على باقي المنطقة، مما ساهم في مواجهتها لهذا المد الزلزالي بكثير من الثبات وساهم إلَى حد كبير في تعديل كفة المعركة لمصلحة محور المقاومة؛ وبذلك نحن مدينون لكل رجل وامرأة وطفل في الـيَـمَـن ونحتسبهم شهداء للمقاومة، ولا يكفي أن نقول باسم كافة جماهير هذه المقاومة: ألف شكر للـيَـمَـن، لشعبه لجيشه لأبطاله.. فأنتم وسوريا كنتما قطبَي الرحى في مواجهة الشيطان أصالة في الـيَـمَـن ووكالة في سوريا.
ألف تحية لكل الـيَـمَـن من كُلّ الشرفاء في العالم.
* باحث سياسي وقانوني- لبنان