صواريخُ نوعية متطوّرة لقواتنا البحرية: لا مكانَ آمناً في البحر
المسيرة- محمد الكامل
أظهر العرضُ العسكريُّ للمنطقة العسكرية الخامسة في محافظة الحديدة مؤخّراً جانباً من القدرات العسكرية الهائلة للقوات البحرية اليمنية، حَيثُ تم الكشف عن صواريخ لأول مرة تمثل إنجازاً يمانياً وتوازن ردع للغزاة الطامعين في احتلال سواحلنا وممراتنا المائية.
وظهر في العرض العسكري “وعد الآخرة” صاروخ فالق 1، وهو صاروخ باليستي بحري بإمْكَانه الوصول إلى أية نقطة في البحر من أية محافظة يمنية، والصاروخ فالق 1 صناعة يمنية خالصة 100 %، كما برز خلال العرض الأضخم منذ بدء العدوان قبل ثمان سنوات، صاروخ المندب 2 اليمني الصنع وهو صاروخ مجنح يبلغ مديات كبيرة ودقة استهداف عالية، ويستطيع رصد أهداف بواسطة سيكر راداري مزود به، إضافة إلى عرض صاروخ المندب 1 الذي استخدم سابقاً لحماية السواحل اليمنية في مواجهة العدوان.
واستعرضت القوات البحرية اليمنية كذلك صاروخ “روبيج” الروسي الصنع، ومنه نوعان، نوع راداري والآخر حراري، ويحمل رأساً حربياً يبلغ نصفَ طن، وتم إعادة جاهزيته بواسطة خبرات يمنية بحتة، كما اشتمل العرض العسكري على عدة أنواع من الألغام البحرية، والدفاعات الجوية والأرضية، وقوة رمزية من الطيران المسيّر، الذي صنعتها الخبرات اليمنية.
ويعد الكشف عن صواريخ بحرية متطورة قادرة على إصابة أية نقطة في البحر من أية منطقة في الجغرافيا اليمنية، عاملاً مهماً، وله الكثير من الدلالات، والرسائل الهامة، في معركة الدفاع المقدس عن الوطن، ومواجهة العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم المُستمرّ للعام الثامن على التوالي، كما أنه يأتي في ظل التنافس الدولي المتصاعد في منطقة القرن الأفريقي وبالقرب من مضيق باب المندب، والمحاولات الصهيونية تدويل البحر الأحمر.
تغيرات استراتيجية
ويرى الكاتب والباحث أنس القاضي، أن أهميّة هذه الصواريخ تكمن في أنها تغطي افتقار بلادنا للفرقاطات والغواصات والبوارج البحرية، وأنه يُمكن استهداف العدوّ من البر.
ويصف القاضي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” هذه الصواريخ بالاستراتيجية؛ لأَنَّها تعطي بلدنا قدراتٍ عسكرية مهمة تنتقل من الدفاع إلى الهجوم على العدوّ في مناطق متفرقة من البحر الأحمر، ومن البحر العربي لاحقاً حين نحرّر السواحل الجنوبية الشرقية.
ويشير القاضي إلى أن الأهميّة الأكبر متعلقة “بالنتيجة” المتغير الذي سوف تخلقه هذه الترسانة العسكرية، وهذا المتغير هو أن بلادنا تجاوزت التحدي الجيو سياسي “جيوبوليتيكي”، وذلك ببناء قوات بحرية قادرة على حماية حدود اليمن البحرية، لافتاً إلى أن هذه الثغرة كانت سبب هزيمة حرب ١٩٣٤م واحتلال إريتريا لجزيرة حنيش ١٩٩٥م، وخسارة معارك عدن والمخاء وذو باب وأجزاء من الحديدة في العدوان الراهن.
ويوضح القاضي أن الكشف عن هذه الصواريخ المتطورة يدل على أن مسار تحالف العدوان واستهدافه للأسلحة الاستراتيجية اليمنية يعطي نتائج عكسية، فمع دخول شعبنا عاماً جديدًا في ظل العدوان، تتنامى القدرات العسكرية الاستراتيجية.
الرسالة وصلت
من جانبه، يقول الخبير السياسي والعسكري أحمد الزبيدي: إن الأهميّة التي تكتسبها عرض هذه الصواريخ البرية البحرية من جهة أنها تأتي تأكيداً لما قاله قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في خطاباتٍ سابقة بأن الصناعة العسكرية وتطويرها لا تقتصر على القوة الصاروخية والطيران المسيَّر الذي رأينا فعاليته في عمق أراضي المعتدي السعوديّ والإماراتي، من المنطقة الشرقية مُرورًا بالرياض وانتهاءً بجدة والأراضي اليمنية المحتلّة جنوب ما يسمى مملكة بني سعود، ونقصد هنا جيزان ونجران وعسير، بل إن هذا التطوير يشمل القوات البحرية والدفاع الساحلي التي أصبحت لديها أسلحة متنوعة بما فيها هذه الصواريخ القادرة على استهداف أية نقطة في البحر الأحمر وربما ما هو أبعد.
ويرى الزبيدي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن على تحالف العدوان وعلى رأسه الأمريكي والبريطاني وكيان العدوّ الصهيوني أن يفهموا هذه الرسالة ويدركوا أن استمرارهم في عدوانهم ستكون عواقبه وخيمة إن لم يوقف هذا التحالف الإجرامي وأدواته في المنطقة عدوانهم على الشعب اليمني ويرفعوا حصارهم ويسحبوا قواتهم من كُـلّ الأراضي والمياه والجزر اليمنية في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي، لافتاً إلى أن الصواريخ والأسلحة البحرية الذي تم عرضها هي غيض من فيض والعمل مُستمرّ وعلى الأعداء أن يستوعبوا أن القوات المسلحة اليمنية تعطي الأولوية لقواتها البحرية ومن موقع الإدراك أن اليمن دولة بحرية وينبغي التعامل معها على هذا الأَسَاس.
ويتابع حديثه بالقول: “اليوم -بفضل الله تعالى- كُـلّ شيء يتغير في العالم والمنطقة ولصالح الشعوب المظلومة وفي مقدمتها الشعبين اليمني والفلسطيني وتسمية هذا العرض “بوعد الآخرة” يحمل هذا المعنى، والدلالة التي تشير بوصلتها إلى القدس والمسجد الأقصى، والدور الصهيوني بالعدوان على اليمن يقرب من تحقّق هذا الوعد الإلهي.
ويبين أن هناك دلالاتٍ أُخرى في صدارتها أن الهُــدن الثلاث التي أرادوا منها كسب الوقت ورهانهم أن الشعب اليمني سيتراخى عن الاستعداد لما يحيكونه من مؤامرات فقد تحول إلى وهم وهشيم تذروه الرياح، وقد حول الشعب اليمني وقواته المسلحة هذه الهُــدن إلى فرصة للمزيد من الاستعداد لمواجهة مؤامرات وغدر المعتدين، وردوا كيد المعتدين إلى نحورهم وما نعيق أبواقهم وإعلامهم والمبعوث الأممي إلا تأكيد لحقيقة أن الرسالة وصلت.
بدوره، يقول الخبير والمحلل العسكري العقيد مجيب شمسان: إن أهميّة الصواريخ البر بحرية التي تم استعراضها من خلال هذا العرض العسكري الذي قدمته المنطقة الخامسة تأتي لتوجّـه رسالة إلى الفاعلين الأَسَاسيين في العدوان على الشعب اليمني وعلى رأسهم أمريكا التي تجري مناورة مع قائدة العدوان على الشعب اليمني النظام السعوديّ، وبمشاركة قوى أُخرى ظاهرة وخفية، بأن المياه الإقليمية اليمنية اليوم باتت محمية بيد رجالنا الذين باتوا قادرين على صناعة مثل هذه الصواريخ، وَباتت قادرة على ضرب أي هدف بحري من أية منطقة في اليمن ومن أية محافظة يمنية.
ويوضح شمسان أن هذا إنجازٌ عسكري يمني غير مسبوق، على اعتبار أن مثل هذه القدرة البحرية أَو إصابة هدف بحري من أية منطقة جغرافية، يعد سابقة بحرية يمنية خالصة، تنسف كُـلّ أحلام تحالف العدوان في السيطرة على هذه المنطقة أَو إزاحة الجيش واللجان الشعبيّة من المناطق الحاكمة لا سِـيَّـما وأن من أهم أهداف العدوان اليوم هو تأمين مساحة الكيان الصهيوني في البحر الأحمر، مُضيفاً وبالتالي أتت هذه الرسائل بأنواع الصواريخ سواء ما عرض منها من خلال صواريخ مندب 1 ومندب 2 كصواريخٍ مطورة أَو ما عرض من خلال “روبيج” التي تعتبر ناسفة للمدمّـرات حاملات الطائرات ومعروفة بقدرتها ومدى تأثيرها وتدميرها الكبير، لافتاً إلى أن هذا ما بات يخشاه العدوّ اليوم كَثيراً، وقد تم إعادة فاعليتها وجاهزيتها بعد أن حاولت قوى العدوان ومرتزِقته وكل المتآمرين تعطيلها، مُشيراً إلى أن ذلك تم بأيادٍ يمنية خالصة.
ويقول إنه من حَيثُ الإنجاز اليمني غير المسبوق في صاروخ فالق 1 الذي يعد الإنجاز الأول يمنياً من حَيثُ قدرته على إصابة أية نقطة بحرية من أية محافظة يمنية.
ويواصل حديثه: “وبالتالي نحن أمام رسائل بحرية صاروخية متعددة من الجانب اليمني ترسل كُـلّ أهداف تحالف العدوان سواء في السيطرة على السواحل اليمنية أَو في تجاوز السواحل إلى المناطق الحاكمة بمعنى أن كُـلّ تحَرّك في الساحل الغربي أَو في سواحل اليمن سيكون هدفاً مرصوداً لقواتنا الصاروخية البحرية والتي باتت قادرة على إصابة أي هدف بحري متحَرّك في أية نقطة في البحر الأحمر أَو في السواحل الأُخرى، منوِّهًا إلى أن هذه من أهم الرسائل التي وجهت إلى تحالف العدوان وعلى رأسهم الكيان الصهيوني الذي اليوم بات ينظر إلى الخطر الدائم من اليمن حَيثُ، يصنف القدرات الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر بأنها تمثل دائرة تهديد أَسَاسية، مؤكّـداً أننا اليوم ضاعفنا التهديد من خلال إيصال هذه الرسائل عبر صواريخ روبيج وصواريخ مندب 1 ومندب 2 وصاروخ فالق 1 الذي تم بصناعة يمنية خالصة.
ويؤكّـد أن هذه الصواريخ تدل على مدى التفوق اليمني اليوم والتطور الذي وصلت إليه القوات المسلحة اليمنية في عملية التصنيع العسكري، ومن ناحيةٍ أُخرى تعكس بدرجة أولى الأهميّة التي توليها القيادة في هذا الجانب لتحقّق عملية الردع وتحافظ على السيادة ومكتسبات ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، كما أن الإنجاز العسكري المتقدم بات اليوم يوازي الكثير من القدرات في الدول المتقدمة، لا سِـيَّـما في الظروف والإمْكَانات أَو التحديات القائمة التي استطاع من خلالها اليمنيون أن يحولوا التهديدات إلى فرص والتحديات إلى فرص، وَاستطاعوا من خلالها أن ينجزوا مثل هذه الإنجازات العظيمة.