لم يكن عرضاً عسكرياً فحسب..بقلم/ رقية المعافى
وكأنَّ الحديدةَ صمدت وصبرت وضحّت ليسطعَ من أرضها زخمٌ بشري هائل، وجيشٌ ما هو إلا غيضٌ من فيضِ أُولئك الصادقين الأوفياء في كُـلّ الجبهات والمعسكرات.
حملَ العرضُ العسكري للمنطقة الخامسة دلالات ورسائل للداخل والخارج، وعلى العدوّ الفاغر فاه من هول العرض أن يدرك هذه الرسائل وأهمها القوة البشرية الممثلة بالجيش اليمني العزيز.
ففي خطابهِ أثناء العرض العسكري للمنطقة الخامسة فصّل وبيّن ووضّح الحديث عنه السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي، وأشَارَ في طيّاتِ أحرفه النيّرة إلى ما يحتاجه العالم العربي لبناء جيش قوي وطني، فإذا عُدنا بالذاكرة إلى ما قبل ردهة من الزمان لوجدنا الجيش اليمني وسياستهُ التي كانت مشحونة بالنعرات المذهبية والطائفية وأما هو فمشحون بالعقد النفسية والاجتماعية، لا يعرفُ من وطنه إلا المال وما يُصرف له شهرياً من غذاء، نصفه مطحوناً ومظلوماً والنصف الآخر مرفهاً وثرياً، يُساق إلى الحروب بلا قناعة أَو معرفة فيقاتل ويهب روحه ودمه في سبيل أطماع السلطة وسياساتها العدائية ولعل أبرز تلك الحروب العسكرية الطاحنة هي حرب ١٩٩٤م والحروب الست على محافظة صعدة والتي راح ضحيتها آلاف الجنود بدون وجه حق!
أما عن حال المعسكرات فيُرثى لهُ؛ باعتبَارها أهمَّ مقومات القوة في الوطن، لقد كانت تضجّ بالجنود البسطاء الذين همهم إشباعُ جوع أُسرهم وكسب المال بأية طريقة ولا يهمّ حلالاً أكانت أم حراماً.
فانتشرت السرقة والرشوة والكذب والوساطة والمكر والسهو عن أداء العبادات كالصلاة وقراءة القرآن والتفقه في الدين والتزود من المعارف والعلوم ومن هدي القرآن الكريم.
وأما عن الضباط وقادة الألوية وبقية العناصر بمختلف رتبهم العسكرية فحدث ولا حرج عن عبثهم وفسادهم وكسبهم للمال والسلاح والغذاء المخصص لأُولئك الجنود المرابطين في معسكراتهم.
وأما عن عقيدتهم وولائهم للوطن الذي كانوا يدعونه فقد انكشفَ ذلك وافتضحَ أمرهم في أول غارةٍ للعدوان السعوديّ الأمريكي، أبوا أن يحملوا السلاح وقعدوا في منازلهم يتفرجون ويحللون الأحداث وكأن الأمر لا يعنيهم، ما عدا قلّة قليلة انطلقت تدافع وتحمي وتؤدي واجبها المناط بها.
عرضٌ أثبت فعلاً أن الجيش اليمني أُعيد تأسيسه وبناؤه بناء إسلامياً صحيحاً فأصبح جيشاً يملكُ صدق الانتماء لليمن، والولاء لله ورسوله وأوليائه، قلوبهم نظيفة من الحقد والبغض والكراهية، ألسنتهم تسبح الخالق وتحمدهُ بكرةً وأصيلاً، أرواحهم صادقة وفية لربها وقيادتها وشعبها ووطنها، معسكراتهم تنير بذكر الله وأداء الصلوات في أوقاتها، متحابون فيما بينهم لا يحملون أية نزعةٍ مذهبية أَو عرقية فكلهم سواء وأكرمهم أتقاهم! يتنافسون في بذل الجهود والجهاد وصُنع البطولات والانتصارات، عقولهم محرّرة فتبدع وتبتكر وتخطط وتنتج وتصنع الأسلحة بمختلف أنواعها.
وبهذا أصبحوا قوةً عظمى لا يستهان بها، قوة تُشحن طاقتها من قلوبهم الأبية الحُرة التي تأبى الضيم وتذود عن الحمى وتقاتل ببسالة منقطعة النظير والأهم من ذلك امتلاكها البصيرة التي تنير الطريق فتؤدي بهم إلى النصر العظيم.
ها هو ذا الجيش الذي يمتلكه اليمن، إنهُ ثروة اليمن وعدتهُ وعتاده، سندهُ وذخيرتهُ ودرعهُ الحامي فاطمئن يا أيها الشعب العظيم. واحذر أيها العدوّ الأمريكي من هذا الجيش الذي لا يمكن اختراقه؛ لأَنَّه البنيانُ المرصوص.
ألم أخبركم أنه لم يكن عرضًا عسكريًّا فحسب؟!