عمقُ الألم وتهذيبُ القلم..بقلم/ أبو زيد الهلالي
{وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ}.. لا تبقى الحروف التي تكتبها الأقلام سطوراً على ورق أو غير ورق، بل إنها تنفذ في الصدور وتنعكس في الواقع وتغير الكثير من الأمور.
ولأن البعض من الرواد والناشطون الذين يحملون أقلاماً يعتقدون أن إشهار مواقف ناقدة أَو غير صحيحة، يعتقد بذلك أنه يعبر عن رأيه الخاص في مثل تلكمُ قضية وأنها الوسيلة المثلى لمعالجة الأخطاء وتقويم الواقع دون أن يضع في حسبانه أنه يمد إعلام العدوان بمادة خصبة يستغلها في حملاته الإعلامية العدائية.
ولأن عيون الإعلام المعادي ساهرة فهو يرصد كُـلّ ما يخدمه فيعمد إلى تضخيمه وتضخيم من أطلقه ووصفه بالقيادي أَو بالكاتب الشهير أَو بالمشرف… إلخ، فمُجَـرّد أن تعرف بأن الإعلام المعادي أعاد نشر ما كتبته وتعاطى معه وتبناه، يكفي لأن تدرك بأن ما نكتبه في وسائل إعلامية أَو بين الناس ينبغي أن يكون دقيقاً ولا نستخدم أساليب التشهير الذي يهدمُ أكثر من أن يخدم.
ونحن لا نكمم الأفواه وإنما نقول لمن كان حقاً ناصحاً ولديه ملاحظات أَو تقييماً على أداء عمل أَو أي قصور في أية جهة فليقدمها بمسؤولية وصدق إلى القيادة وهي أحرص منك على الناس، وهنا ينتهي دور من يبتغي الإصلاح دونما حاجة للوقوع في الإثارة الإعلامية غير النافعة للحق والخادمة للباطل.
نحن نواجه حرباً إعلامية واسعة وكبيرة، وأكثر ما يستفيد منها العدوّ ويعمل على تضخيمه وتأجيجه هو ما يقوله السطحيون واللاإباليون على مواقع التواصل الاجتماعي حتى إن العدوّ عمل على توسيع دائرة الانتقاد ودخل على الخط بأسماء وهمية تظهر أنها من أنصار الله أَو محبيهم فتعمد على انتقاد قرار هنا وهناك وتضخمه على أَسَاس أنها تسعى للمعالجة وهي إنما تخلق رأياً عاماً معاكساً تماماً.
وفي هذه الفترة التي انتشرت فيها وسائل الاطّلاع والتواصل الاجتماعي وكل ما يجعل من الاتصال بالمجتمع والمواطن سهلاً وسريعاً نحتاج إلى ترشيد وعمل أدبيات في الاستخدام وهذا يتطلب الوعي من المواطن البسيط ناهيك عن كبار الناشطين؛ لأَنَّ العدوّ يستخدم ما نقول وما نصور والكثير سمع كيف أن قناة العربية والحدث قبل سنوات خصصت تطبيق اسمته (أنا أرى) لكل يمني بإمْكَانه تصوير أي مشهد ورفعه مباشرة عبر التطبيق إلى القناة وهذا لإبراز كُـلّ ما هو سلبي في واقعنا الداخلي في وقت يصدر فيه النظامان السعوديّ والإماراتي أحكاماً قضائية وعقوبات قاسية على من يكتب تغريدة، ومنع التصوير الذي يعتبرونه من وجهة نظرهم أنه يضر بسمعة النظام وحتى أن السعوديّة علقوا لافتات في الشوارع هناك تحمل عنوان (لا تستخدم هاتفك فيما يضر وطنك).
وهنا لا نعني بأن نغلق المجال أمام النقد البناء الهادف للتقييم والتقويم وإنما اختيار المكان المناسب والزمان المناسب والكلام المناسب إلى الشخص المناسب ومن تراه بأنه سيكون رافداً في تصحيح ما رصدته.
هذا ما سيغلق المجال أمام الخصم حتى لا يستفيد منه العدوّ بل تحقّق الهدف المرجو الذي هو إصلاح الخلل أَو الخطاء، فالنصح والمشورة محل ترحيب الجميع لكن يستحسن اختيار طريقة بعيدة على التشهير والتجريح وَتصيُّد الأخطاء.