ما بينَ زوَّار كربلاء وزوَّار البيت العتيق!..بقلم/ منير الشامي
من يتابع ويتأمل وفودَ العشق الحسيني وهي تتدفق هذه الأيّام نحو مقام علم الجهاد الثالث للأُمَّـة سيدنا ومولانا إمام الثائرين الحسين بن علي -عليهما السلام- تدهشه المشاهد العظيمة للوافدين من كُـلّ أرجاء المعمورة على كربلاء بالملايين لزيارة سيد الشهداء وإحياء أربعينية عاشوراء يدرك حقائق كبيرة وأمور خفية وقف الكثير أمامها في حيرةٍ من أمره وتفسيراتٍ جلية لكثيرٍ من الوقائع والأحداث طالما حيرت العقول والألباب في البحث عن أجوبة لها دون أن تدركها، فيراها ظاهرة بينة تؤكّـد له جانباً من عظمة ثورة الإمام الحسين -عليه السلام- وهو جانب الهداية لدين الله الحق الذي ضحّى الإمام -عليه السلام- بروحه ودمه ليحييه وأحياه فعلاً من ذلك اليوم وحتى قيام الساعة.
والحديث عن هذا الجانب لا يمكن حصره فهو واسع لا يحصر وشامل لا يوجز ولذلك فسنختصر التوضيح على بعض النقاط فقط وكما يلي:
١ـ من المعلوم أن عدد الزائرين لكربلاء كُـلّ عام يزيد عن أعلى عدد لحجاج بيت الله الحرام حدث بأكثر من خمسة أَو ستة أضعاف ويمكث عشاق الحسين هناك أكثر مما يمكث الحجاج في مكة ومع ذلك لم نسمع يوماً عن حادث واحد تسبب بموت أي زائر حتى في فترة انتشار داعش ومحاولة استهدافها لعشاق الحسين لم تنجح بينما لا يمر عام إلا ونسمع عن حوادث تودي بالمئات والآلاف من حجاج بيت الله ما يؤكّـد أن حوادث الحج مقصودة ومرتبة وتهدف إلى تخويف الناس عن حج بيت الله، بمعنى أن نظام بني سعود يتعمد ارتكاب هذه الجرائم؛ بهَدفِ الصد عن بيت الله الحرام.
٢ـ قد يقول قائل لماذا يفوق عدد زوار الإمام الحسين -عليه السلام- عدد حجاج وزوار بيت الله الحرام ويستدل بذلك على أن عشاق الحسين يقدمون زيارة الحسين على أداء فريضة الحج والإجَابَة هي أنه ليس هناك حواجز أمام زوار الحسين -عليه السلام- بينما زوار بيت الله الحرام وضع نظام بني سعود أمامهم حواجز كثيرة وكبيرة لا يستطيع الكثير من المسلمين التغلب عليها وأولها أنه يحدّد سقفاً محدّداً لعدد الحجاج من كُـلّ دولة ولا يمكن زيادة ذلك السقف حتى بحاجٍ واحد وثانيها أنه فرض رسوماً كبيرة على الحج أخرجت مئات الملايين من المسلمين عن دائرة الاستطاعة بينما زوار كربلاء لا رسوم عليهم وبإمْكَان أفقر مسلم أن يصل إلى كربلاء فلا رسوم يتحملها ولا جبايات وهناك لن يحتاج إلى نفقات فالموائد الحسينية في مدينة كربلاء تقدم من أهالي كربلاء بالمجان والميسورين من زوار الحسين يمولون الكثير من مشاريع الموائد الحسينية ويعدون الكثير من المساحات المناسبة للمبيت ليلاً وهذا الأمر هو ما يفترض أن يكون في بيت الله وهو ما كان يعمله سيد قريش عبدالمطلب بن هاشم وأسلافه من قبل الإسلام لكن بني سعود استبدلوا خدمة الحجاج بفرض الجبايات الكبيرة عليهم والرسوم المجحفة وكل ذلك يدخل ضمن أساليب الصد عن بيت الله الحرام.
٣ـ يتساءل الكثير لماذا قام نظام بني سعود بتدمير المعالم الإسلامية في مكة والمدينة وغيرهما وقضى على وجودها بينما فرضت حماية عسكرية على حصون خيبر لحمايتها والحفاظ عليها رغم أن المعالم الإسلامية من حَيثُ قيمتها التاريخية كتراثٍ إنساني تفوق ثروة النفط بمئات المرات وكان من الممكن أن تدر ثروات طائلة بصورة مُستمرّة؛ باعتبَارها معالم أثرية لأعظم رسالة سماوية وأعظم شخصية إنسانية في تاريخ الأرض ولماذا مارس الإرهابيون وحاملي الفكر الوهَّـابي المنحرف تدمير المعالم الإسلامية في كُـلّ منطقةٍ وصلوا إليها والإجَابَة واضحة هي أن ذلك يؤكّـد تأكيداً قطعياً على أن نظام الرياض سعى منذ ظهوره وما يزال في محاولةٍ لطمس الهُـوِيَّة الإسلامية والثقافة الإسلامية وفرض الثقافة الصهيونية في بلاد نجد والحجاز بطريقة مباشرة منه وفي بقية الأقطار الإسلامية عن طريق أتباعه من الجماعات الإرهابية وحملة الفكر الإرهابي.
وسيظل يعمل مِن أجلِ ذلك ما دام على هذا الوجود وهذا هو الفرق بين عشاق الحسين وخدام الصهيونية ولذلك فلا حَـلّ أمام الأُمَّــة إلا بإسقاط هذا النظام أَو على الأقل تشكيل هيئة إسلامية تدير الحرمين وتشرف عليهما حتى يحكم الله للمتقين.