أحداثُ الـ 11 من سبتمبر من منظور الشهيد القائد.. تحذيراتٌ مسبقة من الخطر الأمريكي
وصف الشهيد القائد تلك التحَرّكات بأنها تأتي ضمن مشروع متكامل يستهدف إعادة تشكيل وصياغة المنطقة
المسيرة: خاص
في صباح يوم الثلاثاء، 11 سبتمبر 2001م، اصطدمت طائرتان من طراز بوينغ ببرجي التجارة العالمي في منهاتن بنيويورك، وثالثة بمبنى البنتاغون في واشنطن، فيما أنهت طائرة رابعة مسارها في حقل فارغ جنوب شرق مدينة بتسبورغ، في هجومٍ هو الأول من نوعه، والذي يصادف اليوم الذكرى الحادية والعشرين لهذا الهجوم الذي وقعت أحداثه في الـ 11 سبتمبر 2001م، في الولايات المتحدة الأمريكية، وأسفر عن مقتل نحو 3000 شخص.
إذ لم تمر سوى لحظات قليلة فقط على هذا الاعتداء، انتشرت عبر العالم صور تظهر تحطم البرجين مثيرة للعديد من المخاوف والتساؤلات، أبرزها كيف تمكّن تنظيم “القاعدة” من تنفيذ مثل هذا الاعتداء الذي استهدف بالأحرى أول قوة اقتصادية وعسكرية في هذا العالم؟.
لكن سرعان ما ظهرت روايات بديلة بخصوص منفذي هذه الهجمات، ففي الولايات المتحدة مثلاً، ظهرت “حركة 9/11؛ مِن أجلِ الحقيقة” التي انتقدت ما وصفته بـ”أكاذيب وتناقضات الحكومة”، فيما سوقت هذه الحركة نظريتين، تزعم الأولى بأن السلطات الأمريكية كانت على علم بوقوع الاعتداءات ولم تحَرّك ساكناً، تتهم في النظرية الثانية نفس السلطات بالوقوف وراء الهجمات.
أما في فرنسا، فقد تم نشر كتاب في 2002م، تحت عنوان “الخدعة المروعة” نسب الكاتب فيه مسؤولية الاعتداءات إلى “فصيل من المجمع الصناعي العسكري” الأمريكي، وبالرغم من النفي والمعارضة الشديدة التي واجهها هذا السيناريو، إلا أنه لقي رواجاً كَبيراً على المستوى العالمي.
نظرةُ ما بعد المؤامرة
وعلى المستوى العربي والإسلامي كانت قراءة السيد حسين بدر الدين الحوثي، لهذه الأحداث بشيء من العقلانية والتبصر، والتي تكشفت حقائقها وطبيعة المخطّطات والأهداف التي سعت أمريكا إلى جنيها وحصاد أرباحها فيما بعد.
وفي هذا السياق، أوضح الشهيد القائد أن أحداث الـ 11 من سبتمبر لم تكن إلا ذريعةً أمريكيةً للانتقال إلى مرحلة جديدة من فرض الهيمنة على البلدان والشعوب لا سِـيَّـما الإسلامية منها.
فإدارة الرئيس الأمريكي “جورج بوش الابن”، سارعت إلى رسم خارطة الجناة، ورفعت شعار الحرب الصليبية المقدسة، وَ “من لم يكن معنا فهو ضدنا”، ومضت نحو تحقيق أهدافها الخبيثة فكانت حرب أفغانستان واحتلالها ومن ثم غزو العراق واحتلاله وما بين الحربين كان هناك مشاريع فرض الهيمنة على البلدان المختلفة من اليمن حتى مصر وكافة البلدان العربية والإسلامية.
لقد نوّه الشهيدُ القائدُ إلى أن الإدارة الأمريكية اتخذت هذه الأحداث فرصةً لإرهاب الدول والأنظمة والشعوب على حَــدّ سواء، فراحت تفرض أجنداتها على الجميع، مستهدفة المجتمعات والأنظمة والجيوش والأمن والتعليم والإعلام وكل المجالات.
وتطرق الشهيد القائد في أكثر من محاضرة إلى أن واشنطن عززت من حالة الخضوع لدى الأنظمة العربية، فبعد تلك الأحداث بدأت واشنطن تلوح بأنها ستحارب ما يسمى “الإرهاب” في هذا البلد أَو ذاك، وكان ذلك تلويحاً بشن الحرب فسارعت الأنظمة إلى إعلان الولاء والطاعة لواشنطن وهنا بدأت تفرض ما تريد.
وفي مشهدٍ كان الشهيد القائد قد أشار إليه، هي تلك الإجراءات الأمريكية حتى على حلفائها ممن فتحوا لها بلدانهم وتركوها تفرض ما تريد عليهم، وشهدنا كيف استغلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر أيما استغلال لا سِـيَّـما عندما استخدمت تلك الأحداث كوسيلة لابتزاز الأدوات والأتباع في المنطقة منها على سبيل المثال السعوديّة وبقية إمارات الخليج.
لقد حذّر الشهيدُ القائد في تلك الفترة من خطورة التحَرّك الأمريكي بعد تلك الأحداث واصفاً لهذا التحَرّك، بأنه يأتي ضمن مشروع متكامل يستهدف إعادة تشكيل وصياغة المنطقة، ليس الجغرافيا السياسية والأنظمة فحسب، بل والمجتمعات كذلك، إضافة إلى أنه فرض حالة من الإرهاب على الدول والأنظمة والشعوب فمن أراد أن يعترض على الإجراءات والتحَرّكات الأمريكية كان يرفع أمامه شعار “الإرهاب” ومحاربته، وهو ما أكّـده في محاضرة الإرهاب والسلام.
المتتبعُ لمشروع المسيرة القرآنية سيلاحِظُ ارتباطَ الظهورِ من حَيثُ الزمن بأحداث الـ11 من سبتمبر، وإن كانت بدايات المشروع تعود إلى قبل ذلك التاريخ، عبر سلسلة من التحَرّكات التي كانت ثمرتها “الشباب المؤمن”، إلا أن تلك الأحداث ألقت بظلالها على العالم بأسره والأمر ذاته بالنسبة لليمن.
في اليمن تصدى الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، لما يجري من خلال قراءته لتلك الأحداث والوقائع، فسعى محذراً من عواقبها، من حَيثُ الاستغلال الأمريكي لها، لدرجة أنه أكّـد على أن الإدارة الأمريكية تقف خلفها وهو ما أتضح لاحقاً من خلال فرض الهيمنة الأمريكية واستهداف الشعوب والدول لا سِـيَّـما الإسلامية منها.
والملفت في تحَرّك السيد حسين بدر الدين الحوثي هو أنه يكاد يكون الصوت الأول إن لم يكن الأوحد في تلك المرحلة الذي وقف ليوضح طبيعة المخطّط وحقيقة المشروع الأمريكي في وقت كان فيه معظم القادة والمسؤولين بل والأحزاب منها التي تتخذ الإسلام شعاراً ومنهجاً قد اختارت الخضوع وراحت تتخلى عن شكليات محدّدة لا تزال تربطها مظهراً بالإسلام.
من الأصوات العالمية، الصحفي الفرنسي “تييري ميسان” كان قد قدم فيما بعد من خلال أُطروحة فاضحة مستخدماً علوم هندسية، تفاصيل تكشف زيف ادِّعاءات الإدارة الأمريكية، إلا أن نظريته رغم رواجها لم تلقٍ أذناً صاغية، لكن قراءة الشهيد القائد لهذه الأحداث أتت بشكلٍ مغاير، من حَيثُ الهدف، فجاءت أحداث العقدين الماضيين لتؤكّـد مصداقية تلك النظرة الثاقبة له، فالولايات المتحدة رفعت شعار ما يسمى بالإرهاب؛ مِن أجلِ فرضِ سيطرتها على الدول والشعوب وراحت أساطيلها تجول البحار والمحيطات مهدّدةً الجميع.
سِرُّ تحَرّك الشهيد القائد المبكر
ومصداقاً لرؤية الشهيد القائد فقد ارتكب الأمريكيون خلال 20 عاماً أبشع الجرائم بحق الأفغان وكذلك بحق الشعب العراقي إضافة إلى استهدافهم بقية الشعوب العربية والإسلامية بوسائل شتى وطرق متعددة فكان التدخل الأمريكي في هذه البلدان يتجاوز أعراف الدبلوماسية والعلاقات بين الدول وأصبحت الأنظمةُ والسلطات في معظم البلدان مُجَـرّدَ أدوات يتحكم بها السفير الأمريكي وجنرالات البحرية الأمريكية.
لقد أَدَّت الحرب الأمريكية والاحتلال الأمريكي إلى وقوع ملايين العرب والمسلمين من الضحايا لا سِـيَّـما في العراق وأفغانستان ناهيك عن ضحايا آخرين قُتلوا بشكلٍ مباشر أَو غير مباشر إضافة إلى المتضررين من التحَرّك الأمريكي والخسائر المادية في أكثر من بلد، ليس في تلك الفترة ولكن حتى الآن.
إذ لا يزال العالم يعيش حتى اليوم مرحلة ما بعد تلك الأحداث التي استفادت منها واشنطن بالدرجة الأولى فبالرغم من الضحايا الأمريكيين الذين سقطوا فيها إلا أن إدارتهم كانت المستفيدة الكبرى منها فباسم تلك الأحداث والانتقام مما يسمى بـ”الإرهاب” قتل مئات الآلاف وتضرر الملايين من تلك التحَرّكات الأمريكية والسياسات القائمة على استخدام القوة والاحتلال والغزو للبلدان والدول، والتي أثبتت فشلها.
لقد كانت النظرة الصائبة والقراءة الثاقبة التي أنطلق منها الشهيد القائد في تشخيص الواقع لتلك الفترة، ومستبصراً لما ستؤول إليه الأمور مستقبلاً تجعلنا اليوم على دراية تامة بمجريات الأحداث، فعلى الرغم من الفشل الذريع في العراق وكذلك في أفغانستان إلا أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لا تزالُ ترى في شعار محاربة ما يسمى بـ”الإرهاب” كوسيلةٍ ناجحة للاستمرار في نهب الشعوب وابتزاز الأنظمة والدول وفرض أجندتها على العالم.
وما هو حاصل اليوم في بعض المناطق اليمنية الخاضعة لقوى العدوان والارتزاق من تواجد أمريكي تحت هذا الشعار إلا خير دليل على همجية هذا النظام، الذي يجب أن يواجه بكل قوة وحزم ووعي.