الحشودُ المليونية تواصلُ زحفَها نحو كربلاء الحسين (ع)
المسيرة | وكالات
تعد زيارةُ أربعينية الإمام الحسين -عليه السلام- هذا العام، الأولى بعد الانحسار الواضح والكبير لجائحة” كورونا”، التي تسببت في تراجع كبير بأعداد الزائرين خلال العامين الماضيين، سواء من داخل العراق أَو خارجه.
ورغم أنه ما زالت هناك بضعة أَيَّـام تفصلنا عن حلول ذكرى الأربعين، إلا أن الملاحظ بوضوح هو الأعداد الهائلة للزائرين التي أخذت بالتدفق سيرا على الاقدام نحو كربلاء المقدسة منذ الأول من شهر صفر، إذ قدرت بعض الجهات غير الرسمية اعداد الزائرين حتى الآن بحدود عشرة ملايين شخص، مع توقعات بتجاوزها العشرين مليون شخص بحلول الذكرى بعد أسبوع من الآن.
وابتداء من منطقة راس البيشة في قضاء الفاو التابع لمحافظة البصرة جنوب العراق، مُرورًا بمحافظات ذي قار وميسان والمثنى وواسط والديوانية، ازدحمت الشوارع والطرق والدروب الميسمية الزراعية بمواكب الخدمة الحسينية بشتى اشكالها ومظاهرها وصورها، ولم يخطأ من قال أنه لا يمكن لأي جهة أن تجري إحصاء دقيقاً لأعداد المواكب والهيئات التي تقدم خدماتها للزائرين من طعام وشراب ومنام ودواء؛ لأَنَّ هذه الخدمات باتت تقدم من كُـلّ البيوت بلا استثناء.
وفي ذات الوقت، راحت جموع الزائرين الأجانب، لا سِـيَّـما الإيرانيين، تتقاطر نحو كربلاء، حتى أن التقارير تشير إلى دخول مليوني زائر إيراني حتى الآن إلى العراق لأداء زيارة الأربعين، من مختلف المنافذ الحدودية في جنوب ووسط وشمال البلاد، هذا فضلا عن دخول الاف الزائرين الخليجيين من منفذ عرعر الحدودي مع المملكة العربية السعوديّة، وقد تسبب زخم الزائرين في تأخر دخول البعض منهم، بقرارات من السلطات الإيرانية لمعالجة التلكؤات والارتباكات في عمليات الدخول والنقل، ولعل زيارة وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي للعراق ولقاءاته مع كبار المسؤولين الإيرانيين جاءت ضمن هذا السياق.
وإلى جانب المنافذ الحدودية البرية، فَـإنَّ مطار النجف الدولي استقبل خلال الأسبوعين الماضيين مئات الرحلات الجوية التي اقلت عشرات الآلاف من الزائرين القادمين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعديد من البلدان الأُخرى.
وحظي الزائرون الأجانب باهتمام كبير وحفاوة بالغة من قبل عموم أبناء الشعب العراقي والمواكب والهيئات الحسينية والجهات والمؤسّسات الرسمية التابعة للحكومة الاتّحادية والحكومات المحلية وإدارات العتبات الدينية المقدسة، وسط وصايا وتوجيهات مختلف الزعامات والفاعليات الدينية والسياسية والمجتمعية بضرورة تقديم أفضل الخدمات والتسهيلات للزائرين، لا سِـيَّـما الأجانب منهم.
وفي هذا السياق، نقلت بعض وسائل الإعلام الإيرانية والعراقية رسالة شكر وجهها قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد على الخامنئي إلى الشعب العراقي، قائلاً: فيها “الشعب الإيراني يشكركم أنتم الإخوة العراقيون الأعزاء بكل كياناتكم، وبشكل خاص أنتم أصحاب المواكب”.
ولمعالجة أزمة النقل من المنافذ الحدودية إلى كربلاء المقدسة، سخرت العتبة الحسينية بناء على توجيهات المتولي الشرعي لها الشيخ عبد المهدي الكربلائي ثمانمِئة عجلة (اليات نقل من كُـلّ الأنواع) لخدمة الزائرين ونقلهم مجانا.
من جانبها، ولغرض التخفيف من عدم قدرة مقومات الدعم اللوجيستي في العراق على استيعاب الاعداد الهائلة من الزائرين، بادرت الجهات الإيرانية إلى إرسال عشرات الحافلات التابعة لأسطول نقلها البري إلى العراق للمساهمة في تفويج الزائرين، فضلا عن مساهمتها في الجوانب اللوجيستية الأُخرى.
ومن الملفت في زيارة هذا العام انتشار المظاهر والسلوكيات والممارسات التي تعكس حالة التلاحم والالفة والمودة والمحبة بين الزائرين بصرف النظر عن جنسياتهم وقومياتهم وانتماءاتهم الأُخرى، في تأكيد لحقيقة عالمية وإنسانية وشمولية الثورة الحسينية والمبادئ العظمية التي ضحى الأمام الحسين (ع) بنفسه واهله وعياله وصحبه؛ مِن أجلِ ترسيخها في كُـلّ الأماكن والتواريخ.