ديمومةُ المشروع القرآني ضمانةٌ إلهية
هنادي محمد
- المشروعُ القرآنيُّ الذي نهض وتحَرَّكَ به الشهيدُ القائدُ السيد/ حسين بدر الدين الحوثي “رضوانُ الله عليه” لم ينطلِقْ بمحضِ صدفةٍ وفكرةٍ نشأت بشكلٍ مفاجئ، بل كانت ولادةُ نوره بعد دراسة عميقة وشاملة للأحداث بمنظورٍ قرآنيٍّ خالصٍ وصافٍ، ميزانُهُ الحقائقُ وعينُهُ الثاقبة الوقائع والنتائج، وبعد إجراء تحليلٍ مناعيٍّ لواقع الأُمَّــة كان لا بد من إيجاد مضادٍ وحَلٍّ ومخرَجٍ ينقِذُها من ذلك الضلال المعشعش والتبعيةِ لأعداء الله، فأشرقت شمسُ المسيرة القرآنية من قِمَمِ جبل مران.
انطلق القائد برفقة فتيةٍ معدودين لم يمتلكوا أية إمْكَانات، لكنهم تفردوا بميزة عظيمة جعلت منهم اليوم جحافلَ من الجيوش، فتيةٌ آمنوا بربهم فزادهم إيمَـاناً وهدًى وبصيرةً ونوراً، هذا الإيمَـانُ الذي فجّرَ ثورةً فكريةً وثقافيةً انتشلت الأُمَّــةَ من ضياعها وأيقظتها من سُباتها وغفلتها، وجعلت لها هدفاً وحدّدت توجّـهاً صائباً يجعلُ منها أُمَّـةً قويةً مستقلةً قادرةً على ضرب عدوها ودفع الأخطار عنها.
هذا المشروعُ تميّز بالعديد من الميزات التي جعلته يتوسعُ وتمدَّدُ منذ أعوام.
الميزةُ الأولى والأهمُّ أنه مؤيَّدٌ من الله -جلّ شأنُهُ-، ولذلك امتلك القوةَ التي أذهلت العالم.
الميزة الثانية أنهُ لا يقوم على أَسَاسِ رؤًى شخصيةٍ أَو تنظيرات فردية، بل يستند في رؤاه على القرآن الكريم الذي لا يُقدِّمُ إلا الحق والصواب، ونتائجُه لمَن سار عليه وعمل به الفوزُ والنصر والفلاح.
الميزة الثالثة أنه مكتوبٌ له الديمومةُ بضمانة إلهية؛ لأَنَّه وعدُ الله صادقِ الوعد والوعيد.
واجه المشروعُ القرآنيُّ صعوباتٍ ومعوقاتٍ، ولو لم يكن مشروعَ حَقٍّ لتلاشى وانتهى منذ زمن، لو لم يكن منها إلَّا تلك الحروب الست الظالمة، إلا أن تلك المرحلةَ أسّست لما هو أعظم، وهو واقعُ المشروع اليوم، كما أنه تعرَّض لحملات دعائية تضليلية كبيرة استهدفت أُسُسَ المشروع الثلاثة: المنهج، القيادة، الأُمَّــة؛ بهَدفِ شَلِّ حركته وإعاقته، وأمام كُـلّ محاولة سعى فيها أربابُ الشر ودعاة الباطل والضلال ولم يحصدوا إلا الفشلَ والخيبة والخسران المبين.
ومن المبادئ والمنهجيات المهمة التي ساعدت على إسقاطِ كُـلِّ المؤامرات وتماسُكِ الواقع الداخلي للمجاهدين والمنتمين للمشروع القرآني هو «مبدأُ التَّسليم» الذي مثّلَ حجرةَ عثرة أمام المنافقين والأعداء في أن يتمكّنوا من إحداثِ زعزعة وخلخلة صفوف وشرخٍ بين القيادة والأمة فتتحقّقُ لهم أُمنيتُهم المنشودةُ في إطفاءِ نورِ الله، واللهُ أتمُّ نوره وفضله ومَنِّته على عباده المخلصين.
وُوجهت كُـلّ مؤامرة بوعي وبصيرة نافذتين، وبحكمةِ القيادةِ القرآنية وحنكتها، وبصدق وإخلاص وثبات الأُمَّــة وإيمَـانها التام بأحقية مشروعها وقضيتها.
لم يصل هذا المشروع إلى ما وصل إليه إلا بعد أن اجتاز مراحلَ طوالاً ومكائدَ عظاماً وتضحياتٍ جساماً، هو كذلك اليوم قادرٌ بالله أن يتجاوَزَ ما هو أكبرُ من المخطّطات مهما تعدَّدت مسمياتُها، واختلفت أساليبُها ومنفذوها؛ لأَنَّه مشروعُ الله في أرضه، والعاقبــةُ للمتَّقيـن.