خطابُ الرئيس المشَّاط بمناسبة الذكرى الـ (60) للسادس والعشرين من سبتمبر

 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ..

الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّـدٍ الأَمِيْنِ وَعَلَى آلِــهِ الطَّيِّبِيْنَ الطاهرين، وارْضَ اللَّهُّمَ عَنْ صَحَابَتِهِ المُنْتَجَبِيْنَ، وَبَعْــدُ.

بمناسبةِ حُلولِ الذِّكرى الستين للسادس والعشرين من سبتمبر أَتَوَجَّـــهُ باسمي ونيابةً عن زملائي في المجلس السياسي الأعلى بخالِصِ التهاني والتبريكات إلى جماهيرِ شعبِنا العزيزِ وكُلِّ الشرفاء من أبناءِ وبناتِ اليمنِ في الداخل.

 

أَيُّـهَا الإخوة والأخوات

ليس الأمرُ صدفةً ولا ضربةَ رمل، أَو قراءةً في فنجان، حين تطلُ علينا هذه الذكرى ونحن ما نزالُ نواجِهُ حرباً ضروساً من نفسِ تلك الجِهاتِ الخارجية التي حاربت ثورةَ السادسِ والعشرين من سبتمبر قبل ستين عاماً، وإنما الأمرُ هنا دليلٌ قاطعٌ على حجم التآمر الطويل ضد أحلام وآمال اليمن واليمنيين.

وعلى أن هذه الجهاتِ نفسِها لم ترفعْ نيرانَها عن الشعب اليمني في يومٍ من الأيّام، وحتى حربُها العسكريةُ في ستينيات القرن المنصرم لم تتوقفْ إلَّا بعد الاطمئنانِ التامِّ بأن الثورةَ والجمهوريةَ وكُلَّ المفرداتِ الرنَّانةِ الجميلةِ قد أسندت إلى من سيتولى إفراغَها من محتواها، ولعلَّ مثولَنا أمام هذا الواقع المثخَنِ بالجراح، والمكتظِّ بالتركة الثقيلة من الفقرِ والجوعِ والمرضِ والفسادِ والتبعيةِ والارتهان، وبقاءَ كُـلِّ ذلك بعد ستين عاماً من قيامها لَهو خيرُ شاهد ودليل على أن الخارجَ المعاديَ للسادس والعشرين من سبتمبر ما غفل ولا غفا يوماً عن حربه الضروس ضد هذه الثورة، وضد أيِّ مشروع يُعيدُ لها الاعتبار، وأنه ما سمح يوماً بالاقتراب من تثميرِ النضالات والتحولات المهمة في تاريخنا وتحويلها إلى واقع مجيد أَو حياة كريمة أَو دولة عزيزة، أَو جيش قوي، حتى غدت مفرداتُ الفشل والتبعية والحديقة الخلفية هي كُـلَّ المعاني التي تتبادر إلى الذهن كلما تناول المثقفون والمتابعون مخرجاتِ تلك الحقبة الطويلة من تاريخ البلاد.

 

أَيُّـهَا الشعبُ اليمني العزيز.. أَيُّـهَا الإخوة والأخوات

إنَّ هذا التوصيفَ ليس للمزايدة ولا للمكايدة، وإنما هو واقعٌ مؤسِفٌ عاشه وعايشه كُـلُّ حر ومصلح في هذا البلد عبر كُـلّ المحطات، منذ إسنادِ الثورة والجمهورية إلى الأدواتِ المرتهنة للخارج، مُرورًا بمرحلة الحمدي، وانتهاءً بمرحلة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيد، في عملٍ ممنهجٍ لإبقاء اليمن هزيلًا وتابعًا للخارج المعتدي قديمًا وحديثًا، وها نحنُ اليومَ نقدِّمُ مجدّدًا نهراً من الدِّماءِ والتضحياتِ الغاليةِ في معركةٍ تُمَثِّــلُ الامتدادَ الطبيعيَّ لمعركةِ كُـلِّ الخَيِّرين من الآباءِ والأجداد الشرفاء المحبين لبلدِهم من مختلف التوجّـهات، ذلك أنه يوجدُ أخيارٌ وأشرارٌ ويوجدُ أوفياءُ وخونةٌ في كُـلّ مرحلة وفي كُـلّ حدث وثورة من مراحل وأحداث وثورات التاريخ.

 

أَيُّـهَا الشعبُ اليمني

واليومَ والحمدُ لله يستطيعُ المتابِعُ والمراقبُ الحصيفُ والمنصفُ أن يدركَ هذه الحقيقةَ، فقد التقى بالفعلِ كُـلُّ أشرار الماضي والحاضر في خندقِ العدوان الخارجي، والتقى في المقابل كُـلُّ أحرار الوطن في خندقِ الدفاع عن حرية واستقلال يمننا الحبيب وكرامة شعبه.

 

أَيُّـهَا الإخوة والاخوات..

إنَّ من المهم في مثل هذه الذكرى أن نعزِّزَ حالةَ الوعي الوطني والسياسي، وأن نلتحمَ أكثرَ وأكثرَ ببلدنا وأرضنا، وأن يرتقيَ جميعُنا إلى مستوى التضحيات التي يجترحُها شعبُنا اليمني العظيم؛ مِن أجلِ حريتِه واستقلاله، وأن لا نقعَ مجدّدًا فريسةً لأبواق الخيانة والغِشِّ والخِداعِ والتضليلِ ممن يحاولون المزايدةَ والمكايدةَ على حساب الوطن والشعبِ والمبادئ، فهم أبعدُ الخلقِ عن الوَحدةِ والحرية والثورة والجمهورية،

ومن المعيبِ جِـدًّا أن يغشُّونا من جديدٍ بعد أن مارسوا الغِشَّ والزيفَ لعقود طوال، وبعد أن فضحهم اللهُ، وأصبحوا بشكل علني خدامًا صغارًا في بلاط المعتدين والمحتلّين وأعداء الشعب والوطن والثورة والجمهورية.

إنني أُهيبُ بكُلِّ أصحابِ الأقلامِ الحُــرَّةِ، وبثوَّارِ الحادي والعشرين من سبتمبر ومَن تبقى من شرفاء السادس والعشرين من سبتمبر أن يتصدوا معاً لأكاذيبِ أُولئك الخونةِ وأدعياءِ الزيف والتضليل.

وأختمُ بالتأكيدِ على ما ورد في خِطابِنا بمناسبةِ العيدِ الثامِنِ لثورة الشعب الفتية، وأُنَبِّهُ – في نفس الوقت – دولَ العدوان والعالم المتواطئ إلى خطورةِ عدمِ التعاوُنِ في تلبيةِ مطالِبِ صنعاءَ؛ باعتبَارها تُمَثِّــلُ حقوقًا إنسانيةً خالصةً للشعب – كُـلِّ الشعب – ولليمنِ كُـلِّ اليمن، ولا يجوزُ بحالٍ من الأحوال القفزُ عليها؛ لكونها مطالبَ محقةً وعادلةً، ولا تنطوي على أي تعجيز أَو أسقفٍ مرتفعة، ولا تستدعي أَيْـضاً أيةُ تنازلات من أحد.

وأُذَكِّرُ الجميعَ بأن الحديثَ عن السلامِ والأمنِ لا قيمةَ له من دون احترام حقوق شعبنا وبلادنا، وأن التمسكَ بحصار الشعب اليمني وحرمانه من ثرواته النفطية والغازية هو جريمةُ حرب وجريمةٌ ضد الإنسانية، وعائقٌ كبيرٌ أَيْـضاً في طريق السلام وبناء الثقة التي نحتاجُها للمضي نحو وقفِ إطلاق نار دائم، لا بل يعد تمسُّـكًا واضحًا بالحرب، وتتحمَّـــلُ دولُ العدوان كَامِلَ المسؤولية عَنْ كُـلِّ ما قد يترتَّبُ على ذلك من تعقيدٍ أَو تصعيدٍ أَو أضرار سواءً على المستوى المحلي أَو الإقليمي أَو الدولي، وهذا لا شك أمرٌ لا نتمناه، ولكنه محتملٌ جِـدًّا في حالِ لم نجدْ عقلاءَ في الطرفِ الآخرِ يشاركوننا الحرصَ على السلامِ والاحترامِ لمطالِبِ شعبِنا الداعمةِ للسلام.

تَحْيَا الجُمْهُوْرِيَّةُ اليمنية – المجدُ والخلودُ للشهداء – الشفاءُ للجرحى – الحرية للأسرى

النصرُ والعزةُ لشعبِنا اليمني العزيز

وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com