21 سبتمبر.. أيقونة الثورات اليمنية..بقلم/ صلاح حيدرة
لا نزايد حين نقول إن ثورة الـ21 من سبتمبر أعادت الاعتبار للثورات السابقة وانتصرت لها، وأنصفت تضحيات الثوار، وأنها بما أنجزته اليوم صارت أيقونة الثورات اليمنية.
بالعودة للماضي نجد أن أكثر ما يؤلم عند قرأتنا للتاريخ اليمني المعاصر خصوصاً ما تلى ثورة الـ 14من أكتوبر و26من سبتمبر من تحركات سياسية مضادة قضت على آمال الشعب وبددت التضحيات ، وذلك بالنظر إلى ما تلاهما من أحداث دامية وإخفاقات في بناء اليمن القوي المستقل.
نحن كجيل جديد عندما نقارن إنجازات الثورات في بلادنا مع إنجازات دول شهدت ثورات في نفس العقد لا نجد وجهاً للمقارنة وهذا لا يعني أننا ننتقص من تلك الثورات، بل نلقي اللوم على تلك المشاريع الدموية التي أعقبت ثورتي أكتوبر و26 من سبتمبر، حيث ضاعت ثمار الثورتين بين أطماع مشاريع ضيقة بددت تضحيات الثوار وذهب كُلّ لتنفيذ أجندته الخاصة مستعيناً بالخارج، بل نستطيع القول إن الأنظمة التي تلت الثورات اليمنية وضعت البلاد تحت الانتداب الخارجي غير المباشر للمستعمر، الذي ظل يهندس المؤامرات، ويدير دوامة العنف والاغتيالات للنيل من أي توجه وطني ثوري، وما جريمة اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي الذي بدأ يلامس أهداف الثورة إلا دليل واضح على ذلك، وما حدث عقب ثورة أكتوبر المجيدة للجنوب من موجة تصفيات وصراعات إلا صورة من تلك المؤامرات التي استمالت أعداء الثورة وعملائهم لإفراغها من الأهداف وصولاً إلى ثورة الـ11من فبراير التي كانت تعبيراً عفوياً وانفعالاً طبيعياً عن تلك الخيبات التي حصدها الشعب طيلة عقود وهو يتذكر في كل مناسبة تضحيات الثوار وضياع الآمال، لذا كانت الأحداث التي سبقت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر من تدمير لمكتسبات الجيش ومن اغتيالات جماعية للجيش، وتصفيات للقيادات العسكرية والسياسية النزيهة، وحوادث إسقاط الطائرات الحربية، وإفساد الحياة وتأزيم الوضع الاقتصادي، وتزايد العمليات الإرهابية وتهميش المظلوميات في عموم اليمن وأبرزها مظلومية صعدة والقضية الجنوبية والتهامية وغيرها من الأحداث التي كانت تؤكد حالة تهالك و تهاوي البلاد في مستنقع خطير دبر له أعداء الحرية و التبعيين للخارج والعملاء.
تلك الأحداث شكلت مقدمات أطل من خلالها المستعمر بأبشع صوره منفذاً الأجندة التدميرية لليمن تمهيداً لتمزيق البلاد وإدخالها في مرحلة جديدة من الوصاية والقضاء على أي آمال للشعب والقيادات الوطنية التي حملت المشروع الوطني تحت راية الجمهورية اليمنية من المهرة الى الحديدة ومن صعدة حتى سقطرى، واغتيال طموحات اليمن الذي بدأ يستيقظ من سباته.
ولو لم تكن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لكان اليمن قد ذهب إلى ما هو أبشع ، حيث كانت المؤامرات تقود البلاد نحو فتن سوداء كان الاقتتال الداخلي على خلفيات مناطقية ومذهبية وحزبية وارداً و لرأينا في ظل تلك البيئة الملتهبة والمتمزقة انتشار العصابات المسلحة وغياب الأمن وانهيار الاقتصاد كلياً ولتوسعت معها الجماعات الإرهابية الوهابية والداعشية تقيم دول و إمارات في مختلف مناطق البلاد ولكنا شاهدنا المشانق والصلب والقتل على الهوية.
لقد سبق تلك المؤامرة حملة واسعة لإعلام العدوان ومن أنساق ورائيه بهدف تأجيج وإذكاء الفتن..
صورة مرعبة كلما تجلت نحمد الله على هذا المسلك الثوري الذي قاد البلاد إلى صناعة تاريخ وملحمة ثورية ستتفاخر بها الأجيال القادمة.
لذا لم تكن ثورة الـ21 من سبتمبر ثورة وحسب بل حياة جديدة كتبت لليمن واليمنيين، وفتحت طريق نضال يقود اليمن للمجد والخلاص من تركة الماضي، وعبث الدخلاء والعملاء، مسطرة أوديسة جهادية يمنية خالصة ستكون ملهمة للرواة وكتاب القصص والشعراء والمحدثين وغيرهم لقرون.
نتذكر في تلك المرحلة حالة الضبابية التي كانت تلف المشهد السياسي موحية برعب منتظر تجعل النجاة من تلك الفتنة أمراً مستحيلاً.
لم تمتلك كل النخب السياسية وقتها رؤية ولم تستطع استشراف المستقبل في ظل العتمة السياسية لكن لله خلق هم مفاتيح للخير مغاليق للشر.
وفي ظل ظروف هكذا ضاقت بنا الأرض بما رحبت حتى بعث الله قائداً متبصراً ملهماً يقود المرحلة لإنقاذ اليمن من ذلك السيناريو الظلامي والدموي الذي أراده الأعداء لليمن.
إن التدخل الخارجي بقيادة السعودية الذي استبق صدور قرار مجلس الأمن ودون علم قيادات تلك المرحلة المشؤومة كشف قناع العدو الحقيقي والتاريخي لليمن عدو الثورات فلم يستمهل الحلول الممكنة والوساطات المتوقعة والقرارات المرتقبة بل سارع بشكل مباشر في تدمير البلاد وقتل الشعب خشية من عزيمة الثورة المتأججة التي هدفت إلى عدم بقائه متحكماً بالعملية السياسية عابثاً بالسيادة فثارت ثائرته الهوجاء .. وشرع بقصف اليمن بحقد دفين وذعر من مألات الثورة التي شخصت أن مشاكل اليمن واخفاقاته طيلة العقود الماضية هو نتيجة تدخله الخبيث في كلّ مناحي الحياة .
انتهجت الثورة مبكرة نهجاً سلمياً أخوياً مسؤولاً حيث سارعت للتوقيع على ميثاق السلم والشراكة وظلت متمسكة بالشراكة حتى اليوم وهو دليل على أنها لم تكن ثورة إقصاء واستحواذ ولم تقد المناهضين إلى المشانق ولم تملأ السجون بالسياسيين من باقي الأحزاب ولم تنفرد بالسلطة كما هو شأن الثورات الأخرى بل ركزت على توظيف قدرات ومهارات الجميع في إعادة بناء مؤسسات الدولة واحتوت كلّ الراغبين بالانخراط في الجيش واللجان وحفظ الأمن، وهو دليل أنها ثورة ضد القوى الخارجية في الداخل وعملائهم.
وقد ظن خصوم حركة أنصار الله الذين تزعموا الثورة حينها أن هذا النهج سوف يليه تجريف وإقصاء وتهميش وكثر المشككين حينها من مرضى القلوب لكن السنوات أثبتت مدى الوعي لهذا الطرف السياسي الذي حمل على عاتقة مسؤولية المرحلة في ظل حرب شعواء لم يفقد أعصابه ولم يخرج عن طوره وظل يمنح الفرص ويؤهل ويدرب وينصح ويعفو حتى استقام الوضع في فترة وجيزة إلى حال لم يكن متوقعاً محققاً بذلك نجاح على مختلف المستويات والأصعدة مستنداً إلى منطلقات ثورة الـ21 من سبتمبر منصفاً الثورات السابقة من خلال فعالياته وتوجهاته، مستذكراً كل التضحيات التي قدمها الشعب اليمني في كل الثورات، مستلهماً الدروس والعبر، مصوباً كل جهوده للنهوض باليمن إنسانياً وتنموياً وعسكرياً بقدر الإمكانيات المتاحة في ظل الحصار والحرب.
لقد أخذتنا الثورة إلى مسار أكثر شرفاً مما كان يراد لليمن، وما نشهد اليوم من انجازات عسكرية وأمنية وتنموية واستقرار اقتصادي ملموس وتحسن متقدم في المؤسسات الخدمية الحكومية ما هي إلا ثمار حرصت القيادة الثورية ممثلة بالسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والقيادات الوطنية الشريفة التي استشعرت المسؤولية الوطنية في ظل ظروف صعبة وقاهرة ..جعلت اليمن يخرج اليوم كالعنقاء من تحت الرماد أكثر قوة وبأساً وإصراراً وعزيمة على مواصلة المسيرة نحو تحقيق استقلال كامل للوطن وسيادة غير منقوصة في يمن لكل اليمنيين دون تدخل خارجي.
لقد بترت ثورة الـ21 من سبتمبر الأذرع الخارجية التي اغتالت آمال وتطلعات الشعب في الثورات السابقة.. وأغلقت عقود من الارتهان، وحققت شراكة مميزة مع باقي المكونات السياسية والوطنية ولا تزال تمد يد السلام والأخوة لكل المغرر بهم للعودة إلى جادة الصواب والإسهام في بناء اليمن الكبير والقوي والمستقل الذي لا يقبل المساومة على السيادة ولا يراهن إلا على الله وعزيمة شعب له حضارة جذورها ضاربة في عمق التاريخ ليستعيد بذلك دوره الريادي والتاريخي في المنطقة والعالم ..وطن وشعب يضع له ألف اعتبار من قبل الأصدقاء والأعداء، وكلنا أمل في ظل القيادة الثورية أن تصل اليمن في فترة زمنية قياسية لأن تكون واجهة العالم الجديد فالأيام دول والأحداث اليوم في مختلف بقاع الأرض تصوغ هذا العالم الجديد وتشير إلى ولوج العالم منعطف تاريخي مختلف تقودنا معه ثورة الـ21 من سبتمبر إلى النصر الكبير بإذن الله.. وحكمة القيادة.