لبنان: الترسيم البحري حُسم ولا تنازل عن أي نقطة برية
المسيرة | وكالات
أيام قليلة تفصل عن آخر محطة تفاوضية بما خص ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و الكيان الصهيوني.
وريثما تنقضي فترة الأعياد اليهودية، يكون الوسيط الأمريكي عاموس هوكشتاين جاهزاً للحصول على آخر جواب “إسرائيلي” يمكّنه من إرسال مسودة الاتفاق إلى لبنان، ويتوقع أن يكون ذلك بين الأربعاء والخميس.
بحسب الظاهر، فإن هوكشتاين حصل من “إسرائيل” على موافقة أساسية تتعلق بالبنود الخاصة بحدود البلوكات الخاصة بالطرفين، وبالإحداثيات الخاصة بها، وتثبيت حق لبنان في كامل حقل قانا، وعدم وجود أي نوع من الشراكة في الأعمال أو الأرباح بين الجانبين، إضافة إلى آخر جواب إسرائيلي حول ما سمي بالمنطقة الأمنية داخل المياه الإقليمية اللبنانية.
وقال مصدر مطلع أمس الثلاثاء: بأن “ما حصل خلال اجتماعات نيويورك حسم عدة نقاط سهلت على لبنان وضع الوسيط الأمريكي في أجواء ما يمكن للبنان القبول به، وقال المرجع: إن لبنان رفض قبل أسبوع تسلم مسودة الوسيط الخطية؛ لكونه كان يعرف أنها تتضمن عرضاً للمنطقة الأمنية لا يمكن القبول به من أية جهة لبنانية؛ لكن ما تسبب بإرباك لبعض الوقت، هو سير رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بفكرة المقايضة بما يجعل المنطقة الأمنية تابعة لسيادة “اسرائيل” مقابل مساحة موازية يحصل عليها لبنان في عمق البحر، إلا أن المداخلات التي جرت على أكثر من صعيد أسقطت الفكرة، وعادت الأمور لتثبت عند الآتي:
– المنطقة المسماة أمنية تقع ضمن المياه الإقليمية اللبنانية، وهي محتلة حالياً من قبل “اسرائيل”، ولبنان بكافة أطرافه الرسمية والسياسية ليس في وارد التخلي عنها تحت أي ظرف.
– أي حل لمشكلة هذه المنطقة لا يجب أن يكون مرتبطاً على الإطلاق بالحدود البرية، وأية إجراءات خاصة يمكن اعتمادها في هذه المنطقة لا تمس على الإطلاق، بأي شكل من الأشكال، كل ما هو على البر، خصوصاً نقطة رأس الناقورة والنقطة B1.
– لبنان مستعد للبحث في أطر وحلول تجعل هذه المنطقة خالية من أي وجود عسكري، لكن “اسرائيل” ترفض فكرة المنطقة العازلة، وهي من ضمن اقتراح أثاره رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن تكون المنطقة خاضعة لإشراف قوات الطوارئ الدولية ولا يقترب منها أي من الجانبين.
– لبنان تثبت من الإحداثيات التي تحفظ حقوقه الكاملة في البلوكات كافة، وهو يحتفظ بحقه في كامل خزان حقل قانا، وليس له علاقة بأية معالجات جانبية تجري مع “اسرائيل” من قبل الشركات العالمية العاملة في الحقل”.
وبحسب المرجع، فإن المتوقع أن يبادر هوكشتاين بتقديم مسودة اقتراح يفترض أن تتضمن علاجاً لمشكلة المنطقة الأمنية يكون مطابقاً لموقف لبنان الرافض بالتخلي عن أي شيء، وقدر المرجع أن القيادة “الإسرائيلية” ستقبل بمقترحات لا تجعل المشروع يتعطل، وأن الأمريكيين والأوروبيين يقومون باتصالات لمساعدة حكومة يائير لابيد على مواجهة الضغط الذي تتعرض له من المعارضة “الإسرائيلية” بقيادة بنيامين نتنياهو، ووصل الأمر بديبلوماسي غربي رفيع إلى القول للمعنيين بالمفاوضات: دعكم من حديث نتنياهو، فأمريكا هي من يتولى الأمر”.
وأوضح المرجع أنه بعد تلقي لبنان المسودة الخطية، سيبادر الرئيس ميشال عون إلى عقد مشاورات مع الرئيسين بري وميقاتي ومع القوى المعنية على الصعيد الوطني تمهيداً لاتخاذ موقف رسمي موحد يتم إبلاغه إلى الوسيط الأمريكي، لتنتقل المباحثات إلى مرحلة جديدة يكون عنوانها تثبيت الاتفاق في اجتماعات منفصلة تعقد في الناقورة.
وبحسب ما هو مفترض، فإن جلسات الناقورة ليست للتفاوض على مواد الاتفاق، بل لتثبيتها والتثبت منها قانونياً وإدارياً وتقنياً، وأن الرئيس عون سيبدأ مشاورات مع الأطراف كافة قبل تشكيل الوفد المعني بهذه المرحلة والذي يفترض أن يشكل من متخصص في القانون الدولي والمعاهدات الدولية إلى جانب خبراء عسكريين وإداريين وتقنيين مهمتهم التثبت من الوارد في نص التفاهم.
وقال المرجع: إن “ما ستنتهي إليه اجتماعات الناقورة ليس حفل توقيع على اتفاق بين جانبين، ولن يكون هناك أية ورقة مشتركة موقعة من الطرفين، وإن لبنان أبلغ الجانب الأمريكي أنه يرفض بصورة مطلقة إعطاء صفة المعاهدة على هذا التفاهم، وإن ما سيجري سيكون عبارة عن رسالة يوقعها لبنان ويرسلها إلى الأمم المتحدة تتضمن الإحداثيات الخاصة بحدوده البحرية ومناطقه الاقتصادية الكاملة، كما سترسل “اسرائيل” ورقة مطابقة لكنها منفصلة، وبعدها يتم الإعلان عن الاتفاق غير المباشر الذي يتبعه بدء العمل على الأرض في عمليات التنقيب والاستخراج”.
وفي السياق نفسه، قالت وسائل إعلام عربية: إن “الجانب الفرنسي عاد وأبلغ الجهات اللبنانية الرسمية والحزبية المعنية بأن إدارة شركة توتال تؤكد التزامها الحضور مباشرة بعد الإعلان عن الاتفاق، وأن الشركة ستقوم بوضع برنامج عمل منفصل بين لبنان و”اسرائيل”، وأنه لن يكون هناك أي شيء مشترك بين الجانبين، وأن الشركة هي نفسها المسؤولة من تلقاء نفسها عن أي حل مالي أو غير مالي يخص ما تعتبره “اسرائيل” من حقوقها في حقل قانا، وأن لبنان غير معني بهذا الملف لا شكلاً ولا على صعيد الأرباح”.
لكن شركة توتال أثارت النقطة المتعلقة بالحصة التي كانت شركة نوفاتيك الروسية تملكها في التحالف الذي يضم توتال إلى جانب شركة إيني الإيطالية، وأعرب الفرنسيون عن رغبتهم بشراء هذه الحصة، لكنهم سمعوا أن هناك اقتراحاً من وزير الطاقة وليد فياض بأن يعمد لبنان إلى شراء حصة الشركة الروسية وأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وعد بتوفير المبالغ المطلوبة، وهو أمر قد يثير مشكلات كبيرة؛ كون الرئيس بري لفت إلى أن امتلاك لبنان حصة في هذه الشركة سيحوله إلى شريك في شركة على تواصل تجاري وغير تجاري مع “اسرائيل” وهو أمر يدخل في خانة التطبيع، لكن في لبنان من يفكر بأن شراء الحصة الروسية وبدء العمل سيرفع من قيمة الشركة وأن لبنان يمكن أن يعمد إلى بيع حصته لاحقاً لأطراف معنية لا سيَّما منها قطر.
وفي هذا الإطار أبلغت مصادر رسمية إلى صحيفة الجمهورية قولها، إنّ ملف الترسيم أمام محطة حاسمة في الأيام القليلة المقبلة، والأجواء تميل إلى الايجابية أكثر من أي وقت مضى.
وأكّدت المصادر، أنّ الجانب اللبناني لمس في المحادثات التي أُجريت في واشنطن على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، حماسة لافتة لدى الأميركيين في إنهاء هذا الملف في القريب العاجل بما يخدم مصلحة الطرفين المعنيين بترسيم الحدود البحرية أي لبنان و”إسرائيل”.
وكشفت المصادر، أنّ الجانب الأمريكي أكّد أنّ عناصر الاتفاق ممكنة، وهو سيسعى جهده من موقعه كوسيط بين الجانبين لبلوغ هذا الاتفاق قريباً جداً.
وفي السياق ذاته، نُقل عن مسؤول في السفارة الأميركية في بيروت قوله، إنّ الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و”إسرائيل” آموس هوكشتاين يتابع جهوده للوصول إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية، مشيراً إلى أنّ الإدارة الأمريكية مستمرة في تضييق الثغرات بين كل الفرقاء، وتعتقد أنّ التسوية المستدامة ممكنة، مرحّباً بروح التعاون لدى الطرفين للتوصل إلى حل.
أضاف المسؤول الأمريكي: إنّ حل النزاع حول الحدود البحرية هو أولوية لإدارة الرئيس جو بايدن، ولدينا إيمان راسخ بأنّ الاتفاق سيوفر استقراراً مستداماً وازدهاراً اقتصادياً للطرفين.
وفي سياق متصل، حذّرت مصادر لبنانية مسؤولة ما تبيته “اسرائيل”، ربطاً بملف الترسيم، وقالت لـلجمهورية: إنّه “على الرغم من التطمينات التي ترد من أكثر من مستوى أميركي وغربي، وكذلك من الأمم المتحدة، إلّا أنّ القلق قائم من إقدام “إسرائيل” على أية خطوات تصعيدية عدوانية، لزرع العراقيل أمام أي اتفاق محتمل حول ترسيم الحدود، وتأجيله إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية”.
وأشارت المصادر، إلى أنّ هذا الأمر أُبلغ إلى الأمريكيين، الذين شدّدوا من جهتهم على تجنّب الأطراف جميعاً القيام بأية خطوات أو أعمال تهدّد الاستقرار القائم في المنطقة، مؤكّدين أنّ الولايات المتحدة تضع ملف الترسيم ضمن أولوياتها وتسعى مع الجانبين اللبناني و”الإسرائيلي” لتحقيق اتفاق بحري، وما تكوّن لدى هذه الإدارة حتى الآن، يصنّف في خانة الايجابية الملموسة التي يفترض أن تُترجم قريباً باتفاق علني بين الجانبين.