21 سبتمبر.. ثورةٌ وطنيةٌ بامتيَاز..بقلم/ عبدالواحد الشرفي*
تميزت ثورة 21 سبتمبر بنهجها السلمي ومنطلقاتها الراسخة في الحرية والاستقلال وأهدافها السامية في إقامة العدل وإحقاق الحق ودفع الباطل وتحقيق الرخاء والتقدم، وضربت أروع الأمثلة في التسامح مع خصومها لتؤسس لمشروع ثوري مغاير لما سبقها من حركات سياسية ثورية فهي لم تنصب المشانق لمعارضيها أَو لمن لم يقف معها كما حدث في العهود السابقة التي تم فيها إعدام نخبة من إعلام اليمن ورجالها المحسوبين في الغالب على الأنظمة السابقة فكرياً وسياسيًّا ومذهبيًّا دون أية محاكمات تذكر، كما تم سجن البعض الآخر إرضاءً لشهوة القتل والبطش والانتقام التي تغذيها أفكاراً متطرفة، وتحكمها نفسيات معلولة أفرزت تصرفات مراهقة طائشة تفتقد للحكمة والاتِّزان والبصيرة والصواب، حتى في قضية إدارتها للسلطة فيما بعد والتي دب فيها الصراع والنزاع بين فصائلها المتناحرة التي عادةً ما كانت تستقوي بالخارج المتحكم فعلياً بسلطة القرار السياسي وَأفسحت المجال للطامعين في نهب خيرات اليمن لإلحاقها بمراكز نفوذهم وتوظيفها في إطار صراعهم السياسي، وظلت سيطرتهم على اليمن لسنوات وعقود، ورزحت تحت الوصاية والهيمنة المصرية حتى إتمام عقد صفقة التسوية السياسية بين القيادة المصرية والمملكة السعوديّة فيما سمي باتّفاق الخرطوم عام 67م، وآلت الوصاية فيما بعد للأخيرة التي ظلت عائقاً أمام مشروع بناء الدولة اليمنية وتنميتها والنهوض بها.
ويمكن القول إن حقبة حكم الشهيد إبراهيم الحمدي من عام 74م إلى عام 1977م قد شكلت مرحلة استثنائية في محاولة الشروع في وضع اللبنات التأسيسية للدولة اليمنية، رغم وجود أذرع للسعوديّة في مجلس القيادة وَالحكومة وسارعت للقضاء على هذا المشروع الوليد باغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، كما اغتالت بالأمس القريب الشهيد صالح الصماد الذي أطلق شعار “يد تبني ويد تحمي” لبناء وحماية الدولة اليمنية المدنية، إلا أن هذا المشروع ما زال قائماً كأحد الأهداف الرئيسية لثورة الواحد والعشرين من سبتمبر التي وجدت لتبقى بما تمثله من أهداف نبيلة وقيادة ربانية حكيمة ممثلة بالسيد العلم عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، وقيادة سياسية صادقة حافظت منذ الوهلة الأولى للثورة على مؤسّسات الدولة من الانهيار وحالت دون وقوع البلد في أتون الفوضى والخراب والصراع وحالة عدم الاستقرار الأمني والاجتماعي، وأثمرت جهود قوى الثورة في القضاء على بؤر الإرهاب والتكفير والاختلالات الأمنية لينعم المواطن اليمني بالاستقرار والأمن والطمأنينة التي لم يعشها منذ عقود خلت.
وعملت قوى الثورة على محاربة الفساد واستعادة موارد الدولة من أيادي الفاسدين والعابثين الذين ظلوا يتقاسمون خيرات وثروات ومقدرات البلد ويرحلونها إلى أرصدتهم في البنوك الخارجية، وتعرضت ثورة 21 سبتمبر للعدوان الإجرامي والتدخل الأمريكي وَالسعوديّ والإماراتي الهادف لإجهاضها ودفن مشروعها الكبير.
إلا أنها نجحت في تعزيز قيم الصمود والثبات والسير في مسار البناء والتطوير رغم وحشية العدوان والحصار الذي استهدف بالمقام الأول الثورة ومشروعها التحرّري والتنموي الذي أعاد للوطن السيادة والاستقلال والعزة والكرامة، وعكست الثورة الإرادَة اليمنية الحرة التي لا تقهر والتي حقّقت التطوير في المجالات العسكرية والزراعية والصناعية، وستصنع ثورة الشعب اليمني التحولات، وتحقّق الإنجازات والانتصارات على قوى الهيمنة والاستكبار والطغيان.
* عضو مجلس الشورى