الرئيس الأَسَـد: مستعدون لمواجهة برية سعودية- تركية نتوقّعها، قوات المملكة على حدود سوريا.. هل ينفخ الأمريكي صفّارةَ بدءِ الصراع الكبير؟!
تقرير- محمد الباشا
بات من الواضح لدى المتابعين للتحرُّكات التي تُقدِمُ عليها المملكة السعودية، ومنها حشودُها العسكرية على حدود سوريا، في ظل النهج الجديد الذي يسيرُ عليه ابنُ الملك، الأميرُ الأربعيني الطامحُ سريعاً باعتلاء العرش، أنَّ السعوديةَ على استعدادٍ للإقدام على أية خطوة مطلوبةٍ في المشروع الأمريكي ووفقَ المخطط المرسوم سَلَفاً من قبل صاحب “الشرق الأوسط الجديد”، كل هذا تحتَ الراعي الأمريكي الذي يتزعَّمُ كُلَّ ما يجري في المنطقة؛ لأن “أمريكا لا يمكنها البقاء خارج إطار المواجهات بالمنطقة باعتبار أنه لا ينبغي ترك أحد يتصرف نيابةً عنها برعاية مصالحها“.. هكذا قالها صريحةً السفيرُ السابقُ لدى اليمن ستيفان سيش في تصريحات نقلتها عنه الـ CNN، وفي هذا الإطار سبق وفعلت ـ أيْ أمريكا – بعدوانها على اليمن المستمر منذ 26 مارس من العام الآنف.
ولا تبالي السعوديةُ للمآلات التي ستترتبُ على إقدامها المتهور وغير محسوب النتائج، حتى وإن كان في ذلك حربٌ إقليمية كبرى –كما يرى مراقبون- قد تؤدّي لا محالةَ إلى نهاية المملكة؛ ويرجّحون بأن ما يدفعُها لهكذا سياسة حادة، أنها ترى نفسَها في خطر الزوال، أو كذلك تصوّر لها أمريكا؛ كي تكونَ طيعةً في خدمةِ المشروع الأمريكي، وستقتحمُ الصعابَ مطمئنةً ما دامت تتكئ على سَنَدٍ أمريكي تخوضُ حروبَه في الأساس وهو المستفيد الأول منها، ولذا ترى أنه لن يتركَها من الطريق في المنتصف.
وعلى الفور لقيت تصريحاتُ مستشار وزير الدفاع أحمد عسيري في 4 فبراير الجاري، بجهوزية السعودية لإرسال قوات برية إلى سوريا بمجرد اتخاذ التحالف الدولي قراراً بذلك، ترحيبَ وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر الذي قال بأن “اتخاذ دول التحالف الدولي قرارات من هذا القبيل سيسهل مهمة واشنطن في الحرب على تنظيم داعش“.
تقاريرُ إعلامية أفادت أن السعودية أرسلت، مطلع الأسبوع، قواتٍ ومقاتلاتٍ إلَـى قاعدة تركية تستخدمُها عادةً القواتُ الأمريكية، وما هو معروفٌ لدى المتابعين بأنها كانت أحدَ منطلقاتها في الحروب التي خاضتها في المنطقة من أفغانستان إلى العراق، ما قد يوحي باحتمالِ تنفيذِ تدخل بري في سوريا قريباً.
القاعدةُ التي استقبلت قواتٍ ومقاتلاتٍ سعودية، كما أفادت التقارير الإعلامية الحديثة، تسمى قاعدة انجرليك وتقعُ على مسافة 8 كيلومترات من مدينة أضنة التركية قريباً من الحدود السورية.
وبحسب “روسیا الیوم”، نقلت صحيفة “الاندبندنت” السبت، عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قوله، “السعودية أعلنت عزمَها التصدي لتنظيم داعش”، مضيفاً “نحن جاهزون لإرسال طائرات وجيش“.
ويبدو أن ثمة إصراراً من قبل أمريكا وحلفائها في المنطقة على التدخل البري المباشر واقتحام حرَم السيادة السورية، إلا أن أحداثاً كبيرة تشهدُها المنطقة أدّت إلى إرجائها وعدم وضع استراتيجية لها، وليس بمستبعدٍ أن يكونَ العدوانُ على اليمن أحدها، وزيرُ الخارجية التركي، أفاد بما يشير إلى ذلك، إذ أوضح بـ”أننا أكّدنا في كُلّ اجتماعات التحالف على ضرورة وضع استراتيجية واسعة وهادفة للحرب ضد التنظيم الإرْهَـابي داعش”.
واستدرك الوزيرُ التركي وكأنه يُقدِّمُ رجلاً ويؤخّر أخرى، ما يوحي باستبعاد العملية، أو أن ثمةَ عوائقَ تقفُ أمامها تجعلُها بلا أُفُقٍ لتنفيذها عاجلاً وفي قادم الأيام القريبة، حين قال: “لو كانت لدينا مثلُ هذه الاستراتيجية لاستطاعت تركيا والعربية السعودية البدءَ بعملية برية”.
وفيما يوحي أن صانعَ القرار في التدخل من عدمه، وهو الأمريكي الذي كان حاضراً حين إعلانَ السعودية العزمَ على تدخلها البري في سوريا، بالترحيب الفوري، ما يؤكد حضورَه في كل شيء يتعلقُّ بالأمر.. حذرت صحيفة الإندبندنت، الجمعة، من أن احتمالات التوغل السعودي في سوريا تزيدُ المخاوفَ من “صراع دون نهاية”، فيما أوضحت أن الخطواتِ المصيريةَ الأولى لإرسال قوات برية بقيادة سعودية إلَـى الأَرَاضِي السورية تم اتخاذها.
من جهة أكّد الرئيس السوري بشار الأَسَـد أن القوات السورية مستعدة لمواجهة أي تدخل بري سعودي وتركي محتمل في سوريا.
وقال الأَسَـد في تصريح لوكالة فرانس برس أجريت الخميس في مكتبه بدمشق إن استعادة الأَرَاضِي السورية هي هدفه، ولكن ذلك قد يتطلَّبُ وقتاً طويلاً، مُؤكّداً أن المعركةَ الأَسَـاسيةَ في حلب هدفها “قطع الطريق” مع تركيا.
وأضاف: “المعركة الآن في حلب ليست معركة استعادة حلب؛ لأننا كدولة موجودون فيها، ولكن المعركة الأَسَـاسية هي قطع الطريق بين حلب وتركيا”، مُشيراً إلَـى أنها الطريق الأَسَـاسي للإمداد الآن بالنسبة للإرْهَـابيين.
وتابع: إن “المنطق يقول إن التدخل غير ممكن لكن أَحياناً الواقع يتناقض مع المنطق، خَاصَّـة عندما يكون لديك أَشْخَـاص غير عاقلين في قيادة دولة ما، فهذا احتمال لا أستطيع استبعاده لسبب بسيط وهو أن (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان شخص متعصب، يميل للإخوان المسلمين ويعيش الحلم العثماني”، مضيفاً “نفس الشيء بالنسبة للسعودية إن مثل هذه العملية لن تكون سهلة بالنسبة لهم بكل تأكيد وبكل تأكيد سنواجهها”.
ورداً على سؤال عن استقالة وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، أكّد الأَسَـد “تبدل الأَشْخَـاص ليس مهماً إلَـى حد كبير وإنما المهم هو تبدل السياسات”.
ودعا الرئيس السوري الحكومات الأُورُوبية، التي ساهمت بشكل كبير في هجرة السوريين عبر تغطية الإرْهَـابيين في البداية وحصار سوريا، إلَـى تهيئة الظروف التي تسمح بعودتهم إلَـى بلادهم، مُشيراً إلَـى أن ثمة ظروفاً فرضت على الكثير من السوريين الهجرة.
وعن النتائج المهولة التي ستترتب على تدخل أمريكا، وإن تحتَ يافطة التزعُّم السعودي التركي له، والذي سيكون هدفه الأساس تقويض النظام والجيش السوري، مهما تواصَلَ ما يُراجُ بأن المستهدَفَ هو تنظيمُ داعش، ليس بعيداً ما أعلنته روسيا الاتحادية غيرَ مَرَّةٍ، من أنَّ المعركة في سوريا معركتُها، وما دامت روسيا موجودةٌ في المنطقة، وبكل ثقلها، لن تسيرَ وفق الرسم البياني الأمريكي للأحداث، كما حصل في اليمن، ما يُنبئ للكثير من المراقبين بأن المنطقةَ على فوهة صراعٍ دمويٍّ من النوع الكبير.