مرحباً ميلادَ طه..بقلم/ صالح مقبل فارع
قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون).
يا رسولَ الله، من عظمتك ورفعتك عند الله سبحانه وتعالى ومعزتك ومحبتك عنده جل جلاله اعتبر رفع الصوت عندك ذنبا كَبيراً وجريمة لا تغتفر، ووضع لمَن رفع صوته أقسى العقوبات وأغلظها، وهي إحباط الأعمال.
ما معنى إحباط الأعمال؟
تخيلوا مثلاً صحابياً جاهد مع الرسول في غزوة بدر وأحد والخندق والجهاد مع الرسول يعتبر من أعظم المبرات وأفضل الأعمال؛ لأَنَّه بجانب الرسول، وله أفضل الجزاء، ثم كان يصلي خلف الرسول جماعة، وتعتبر من أفضل الصلوات عندما يكون إمامك في الصلاة محمد، وله الثواب الكثير.
ثم في لحظة غفلة قام هذا الصحابي ورفع صوته شوية وبدون قصد على الرسول صلوات الله عليه وعلى آله.. هنا وبسبب رفع الصوت فقط ينسف الله كُـلّ أعماله: جهاده، صلواته، بلاءه في سبيل الله، كُـلّ شيء عمله للآخرة، ينسفه ربي في لحظة وثانية، ويحبطها ويجعل هذا الصحابي كأن لم يعمل شيئاً.. كُـلّ هذا؛ بسَببِ رفع الصوت وبدون قصد، على رسول الله.
عقوبة قاسية أليس كذلك؟!
ولكنها لأجل رسول الله يستحق ذلك، وتعتبر عقوبة عادلة.
لماذا فعل الله هذه العقوبة الكبيرة والقاسية؟
لأن الرسول صلوات الله عليه وآله قيمته عالية عند الباري عز وجل، قيمته عظيمة، شخص مقدس.
هل عرفتم الآن قيمة رسول الله عند ربي جل جلاله.
فما بالكم بمن ينسف سُنة الرسول ويطمس كُـلّ آثاره: بيته، ومسكنه، ومهابط وحيه، وكل آثاره؟، هل هي جريمة أكبر من رفع الصوت أَو لا؟ جريمة كبيرة وأكبر من جريمة رفع الصوت. كما فعل آل سعود بمسكن رسول الله وآثاره، بلا شك أن ذنبهم أكبر بكثير من ذنب الشخص الذي يرفع صوته عند النبي.. إذَا كان عقاب رفع الصوت إحباط الأعمال فما هو عقاب المعادَاة والحرب لرسول الله ولأوليائه، لاشك أن عقابهم أعظم.
الرسول عظيم عند الله والملائكة والأنبياء والإنس والجن.
حتى الجن عندما سمعوا برسول الله وبالقرآن ذهبوا إليه شوقا لرؤيته، فتزاحموا عليه حتى كادوا يفطسوه، قال الله متحدثا عن ذلك (وأنه لما قام عبدالله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا).
ولذلك قال الله (لا تجعلوا دعاء الرسول كدعاء بعضكم لبعض).
ولذلك نحن نفرح ونحتفل بمولده صلى الله عليه وآله وسلم فقد احتفل من قبلنا الله وملائكته والأنبياء.
لأنه النور والسراج المنير، ولأن مولده يوم من أَيَّـام الله (وذكرهم بأيام الله) وأيام الله هي الأيّام التي وقع فيها نصر للمسلمين، غزوة بدر يوم من أَيَّـام الله، الهجرة يوم من أَيَّـام الله، وهذه الأيّام مَـا هِي إلا فرع من اليوم الأَسَاسي وهو يوم المولد، فلو لم يكن مولد لما كان بدر ولا هجرة.