الرسالةُ والبشريةُ في خطاب السيد القائد بالمولد النبوي الشريف..بقلم/  منتصر الجلي

 

اقتربت الساعةُ من وقتها المعلوم، هناك أفواجُ الحشود، تتربَّعُ مِنصة الاستقبال العظيم، يمانية غُرَّتُها، مع الفجر وضوء الشمس وساعات النهار، هي رحلةُ العشق الكبير، رحلةٌ طالما انتظرها اليمنيون أَيَّـاماً وساعاتٍ، إلى ساحات المولد النبوي المبارك، انتظار خطت السماء بعضَ فصوله، والأنفسُ تتزين، والألسنُ بذكرِ محمد لا تمل.

هو يومٌ من أَيَّـام الخلود التاريخي لدى الأُمَّــة اليمنية، في علاقة لا يمكن الوقوف على حجم ماهيتها، حَـلّ لغز ذروة جمالها العظيم، هم اليمانيون يا طه، أتوا يلبون سِرَّ عظمتك، يحتفلون يبتهجون، هو محمد حبيب الله.

للوقوف على تلك اللوحة كلامٌ لنا معه وقفة أُخرى، والوقوف على خطاب السيد القائد العلَم/ عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) مراد سير سطورنا الحائرة، في ذلك الخطاب النبوي، الرسالي، هو خطابٌ استشعرنا مع كُـلّ كلمة كان ينطقها رحمةَ رب السماوات والأرض بهذا الشعب أن هيأ وسخّر مَن يُعيدُ محوريةَ الاتّجاه، من خلال البلاغ المتجدد والذي أضفى للعالم اليوم صبغةً رساليةً من لون آخر، وشكلاً حضارياً للرسالة السماوية، في خضم معركة الإنسانية مع تكنولوجيا العصر، وشوكلة التنوع الفسيولوجي على أُطُر الحياة، بمضامينها وأساليبها واختراع البدائل وما تعزوه البشرية، وتريده، سياسيًّا، إعلامياً، اقتصاديًّا، اجتماعياً، وغيرها.

خطابٌ أوصله السيد القائد بلُغةٍ جامعة شاملة، لا فوارقَ، لا مناطقية، لا غربَ، أَو شرقَ، وحَّدَ المحاورَ ولملم الأُسُسَ، وأتى بالجوهر، هو محمدٌ رسولُ الله صلوات الله عليه وآله، من خلال الكتاب، القرآن، كانت انطلاقة الخطاب للسيد المولى، في تناسُبٍ للحدث التاريخي من سيرة البشرية الأولى وعوامل الانحراف والتيه، وأسباب ذلك، والحلول، أخذ يُعرِّفُ بمعالم الشر والفساد الأولى، والتي كانت في شخصِ إبليس اللعين، ومنه جاءت كُـلّ مفاسد الدنيا.

خطابٌ كان من التنوع العالمي ما يجعلُ كُـلَّ طبقات المجتمع البشري تذعِنُ للحق والفضيلة، يحملُ المضمونَ الفطري والرسالة الصادقة، يرسُمُ ملامحَ الفساد، وما أراده ذوو المهمات المنحطة من ضياع للحكم الإلهي والعدل الرباني، والقيم الفاضلة، ونشر للعقائد الفاسدة، وصرف الناس عن الفضيلة، بما فيها الرسلُ والأنبياء وكتب الله، عن الله بشكل عام، مع التحريف للمفاهيم السماوية على الأرض وتغيير مصطلحات الدين باسم الدين، لتشويه الرسالة والرسل.

خطابٌ تقفُ أمامَه سياساتُ العالم قاطبةً؛ كونه جمع الكلمةَ ووحّد الرؤية، وجاء بالجامعِ من المضامين الموحدة للرسالات السماوية، عبر الأنبياء قاطبة؛ كون القرآن هو الناسخَ للكتب السابقة، وما حوى من تربية للبشرية هي تجديد للسيرة الأولى للأنبياء عليهم السلام.

خطابٌ غلبت عليه ألفاظ العموم، من منطلق المسؤولية، والحرص على الناس جميعاً دون تمييز عنصري، أَو عربي وعجمي، تجاوز الخطاب المحمدي لدى سماحة السيد القائد جغرافيا الموقع العربي، إلى مسارات مختلفة لقادة الغرب وزعماء الديانات المتنوعة أبرزها السماوية، أن محمداً يجمعُنا، ومحمدٌ هو لنا جميعاً، هو سلامٌ للعالمين، في تحذيرٍ من تكرارِ الإساءة والتجاوُزِ على شخص المصطفى صلوات الله عليه وآله، وعلى المقامات العليا للقرآن الكريم؛ كونه رسالةً شاهدةً على معجزة الله ورسوله للأُمَّـة والبشرية، وأن العقابَ الإلهي حتمي لا مناصَ منه لمن تجرّأ على أُسُسِ الكون التي جعلها الله سبحانَه مناراً للعالمين.

إنَّ الوقوفَ على خطاب السيد القائد هو وقوفٌ على حقيقة العالم، حقيقة البشرية، وعلاقتها بالله عز وجل، في هذا العصر، وقوفٌ لا تتسع له أسطرنا هذه، وبحق هو الرجل العالمي اليوم لسان التجديد الرسالي، والمصباح المنير، أُسُسُه واضحة والأهدافُ بارزة، وهي أن الأرضَ لله والعاقبة للمتقين ولا عدوانَ إلا على الظالمين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com