مُهجُ اليمانيين وطنُك يا خاتمَ النبيِّين..بقلم/ عبد الكريم الوشلي
لله دَرُّ اليمانيين، ولله دَرُّ بصمتِهم المميزة الناصعة في أشرف وأبهى صفحات تاريخ أمتهم.
بصمةٌ يجددونها بأغلى ما لديهم وأنفس ما تكتنزه نفوسهم المؤمنة الأبية.
وهذا ما كان منهم في ثاني عشر ربيع المولد المحمدي المشهود المبارك، في ساحة الرسول الأعظم بسبعين العاصمة صنعاء، وبقية ساحات الحضور الزاخر المهيب في المحافظات الأُخرى..
ما من شك في أن الزخم المليوني الذي فاق بكثير ما شهدته موالد السنوات الفائتة.. قد إطار ما تبقى من سكرة تيه وغرور وعنجهية قوى الطغيان والإجرام والعدوان والاستكبار الدولي، وعلى رأسها أمريكا والصهيونية الغربية والعالمية المتنمرة، وفقأ عين (أصحاب السبت) في يوم سبتهم، وسلبهم راحتهم في يوم راحتهم..!
كان هذا حالَهم وحالَ تابعيهم من قوى “التطبيع” والخيانة، وتابعي تابعيهم!
وكأن الفضاء الذي تعتمره الأرض برحابتها، استحال غيمة خضراء عملاقة، تمطر أضواء وتسكب زبرجدَها المدهش السلسال بحورا فوق البحور.. ومحيطاتٍ تعلو المحيطات.
والمجرة تتهجى، بعشق ووله، أبجدية العنوان المحمدي للعرس المولدي الأعظم.. الذي أطلق اليمنيون أعنَّة بهجته النورية وشموسِه وأقماره الصاهلة بزهو كاسح.. وبعثوها من مكامنها ومنابتها الخصبة بين جوانحهم، وفي أغوار أرواحهم ووجداناتهم الغامرة بفيوض نزوعهم الإيمَـاني الأصيل، وعشقهم المحمدي الراسخ العتيد.
كل ما على الرحب الكوكبي الشاسع، ردّد أنشودة الحب والولاء التي كتب اليمنيون نوتتها بنسيغ تاريخهم الحافل بالمجد والإيمَـان والحكمة وتعلقهم الأزلي الأبدي بكل ماله صلة بالحق والعدل والصدق والحرية والعزة والكرامة.
وهذه هي عناوين الصيغة الإلهية المحمدية الجامعة المانعة الخاتمة لكل مُراد فاطر السموات والأرض من أهل الأرض ولأهل الأرض.
في تردّدات الأهزوجة الولائية الكاسحة تلك، تماوج المعنى الحار الزاخر بالوجد الصادق، صلاةً وسلاماً عليك يا سيد الرسل وخاتم الأنبياء، وعلى أهل بيتك الغر الميامين.. وسلاما على اليمانين وقد أشعلوا، باحتشادهم الملاييني الحفي الناصر، محبَّتك أضواء تغمر الكون، واخضرارا يملأ الفلوات والفضاءات.
ها هم أحفاد الأنصار، وأهل الإيمَـان والحكمة -كما وصفتَهم- يعيدون، بجموعهم المحتفية العاشقة في يوم مولدك الميمون، ضبطَ ساعة الكون، ويوقظون أمتهم وأحرار الكوكب من سبات طفقوا يغرقون فيه لقرون.
ها هم يعلنون في يوم مولدك الفارق الأغر، ميلادَ ساعة الخلاص للمستضعفين.. التي دقت على الموعد تماماً بتوقيت (محمد) صلى الله عليه وآله.
من ساحة الرسول الأعظم في صنعاء عاصمة العواصم وبقية الساحات..، حَيثُ بلغ الشغف اليماني الإيمَـاني بمحمد ذروته، جامعا أطراف الموقف الولائي الأسمى المترامي على امتداد الجغرافيا اليمنية بمدرجاتها وشوامخها وسهوبها القشيبة.. في مهجة كبرى تغلي بحب محمد.. من هنا انطلق أذان صلاة الفجر الإسلامي المحمدي المتجدد، محمولا على صرخات العز والإباء، وصدحات الحناجر التي ملأت الآفاق يقينا من صدق الفجر الناهض على أنقاض الجور والطغيان، الذي تمادى في غروره وشروره وضراوته البشعة، مهلكا الحرث والنسل، وضاربا بأطنابه أرجاء المعمورة.
وهَـا هو يحدق فزِعاً مرعوباً، في المشهد الذي فاق كُـلّ تصور لديه.. مشهد هذا النفير المحمدي المهيب، الذي يقود اليمنيون مواكبه المجلَّلة بالشغف المستميت وصدق الإيمَـان وحرارة الإخلاص، ويعيد برمجة الجهاز العصبي للبشرية قاطبة، مؤْذناً بتحولات كبرى تقلب طاولة الشيطان الأكبر ومنظومته الإجرامية العالمية رأسا على عقب.
وها هم أبناء يمن الإيمَـان والحكمة الذين حاربوا، بإيمَـانهم المحمدي الأصيل وقيادتهم القرآنية الشريفة، طيلة ثمان سنوات، وما زالوا، قوى الكفر والاستكبار والعدوان والنفاق، على تنزيل الحرية والكرامة والاستقلال، وواجهوا، بعزة وثبات وصمود أُسطوري، حصارهم الشيطاني القاتل.. يخوضون، بالروح عينها وفي مواجهة العدوّ نفسه، حربَ التأويل لحب مَن أوجب الله محبته، قائلين للأعداء: وما لنا ألَّا نحب، وألَّا نبالغ في حب من جاء متمما لمكارم الأخلاق، ومَن حُبه شرف وعزة ورفعة وسداد وسمو.. وقد بالغتم في التولُّه شغفاً وتهياماً بسروال طاغية نتن! وتماديتم في عبودية من مُسخوا قردةً وخنازير، وامتهنوا القتل والإبادة والسلب والنهب، وقطعَ الطريق أمام الشعوب المظلومة التواقة إلى الحرية والعيش الآدمي الكريم.. مالكم كيف تحكمون؟!
هذا هو اليمن.. وهؤلاء هم اليمنيون.. بل هذه هي مُهجُهم التي تبقى لمحمد صلى الله عليه وآله وطناً ومأوى، حين يعز المأوى ويقل الناصر.
فسلامٌ.. سلامٌ.. سلام.