خبراء ومحللون عسكريون لصحيفة “المسيرة”: لا مجالَ للخداع والمراوغة وأيُّ تصعيد قادم سيدفع ثمنَه العدو
عثمان: تصعيد العدوان يجعل الخيارات مفتوحة وقواتنا المسلحة بمختلف وحداتها الضاربة على أتم الجاهزية للتعامل مع كافة المتغيرات
القدسي: التصعيد السعوديّ دليل على أن العدوّ لن يرضخ للسلام وإنما يلتقط ويرتب أوراقه ويبحث عن ثغرات وفرص لاستكمال مخطّطاته
دول العدوان أكّـدت من خلال رفض الهُــدنة أن الاتّفاقات السابقة كانت للبحث عن وقت لترتيب الأوراق
المسيرة: محمد الكامل
تزامناً مع مسار التصعيد السعوديّ بإيعاز من “أمريكا” رأس العدوان على اليمن بدأت التساؤلات ما الذي يمكن أن يحقّقه العدوّ ورعاته بعد مرور ثماني سنوات من العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن، في حين أن رفض الهُــدنة وفشل مفاوضات تجديدها أكثر من مرة في ظل تعنت طرف العدوان وتجاهلهم المطالب الإنسانية للشعب اليمني يؤكّـد أن تحالف العدوان لا يبحث عن السلام من رواء الهُــدنات السابقة، بل كانت عبارة عن وقت مستقطع لحصوله على الوقت الذي يريده لترتيب أوراقه.
ويوضح عددٌ من المحللين والخبراء العسكريين أن إعلان رفع مستوى الجاهزية العسكرية لقوى تحالف العدوان ومرتزِقته على الأرض كخطوة تصعيديه لتؤكّـد تماشيها مع الموقف الأمريكي الرافض وتحَرّكها الذي لم يكن مستغرَباً مع سياساتها وتوجيهاتها العدوانية، فالسعوديّة ليست أكثر من أدَاة ووكيل للأمريكي، مشيرين إلى أن ما فعلته هذه القوى هو محاولة كسب الوقت لترتب وضعها العسكري وتركيز تواجدها في البحر الأحمر والعربي وباب المندب والمناطق التي يحتلها في الجنوب إلى جانب تحَرّكات بحرية لتنفيذ خطة إعادة تموضع في عدة نقاط بحرية كتحضير استفزازي لأعمالٍ عدوانية، مؤكّـدين أن دول العدوان في حال عادت الحرب فهي من ستدفع ثمن ما يترتب عليها من تداعيات.
تموضُعٌ مطلوبٌ أمريكياً.. الهُــدنة كوسيلة للتغطية على التصعيد
ويقول الباحث في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان: إن معسكر العدوان وبالمقدمة أمريكا لا تريد إلى اللحظة تنفيذ مطالب الشعب اليمني التي قدمتها العاصمة صنعاء والمتضمنة رفع الحصار عن ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي ودفع مرتبات موظفي الدولة.
ويوضح عثمان في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” أن بيانات مندوبي واشنطن ولندن أَيْـضاً في جلسة مجلس الأمن والتصريحات الصادرة منهم تؤكّـد عدم وجود حسن نوايا حقيقية لهذه الأطراف في تنفيذ المطالب حَـاليًّا أَو مستقبلياً رغم أنها مطالب إنسانية بالدرجة الأولى ومطالب مشروعة لا فضل لهم عليها.
ويضيف الجانب السعوديّ أَيْـضاً والذي لم يبتعد عن الصورة أعلن رفع مستوى الجاهزية العسكرية لقواته ومرتزِقته على الأرض كخطوة تصعيدية لتؤكّـد تماشيها مع الموقف الأمريكي الرافض وتحَرّكها الذي لم يكن مستغرَباً مع سياساته وتوجيهاته فالسعوديّة ليست أكثر من أدَاة ووكيل للأمريكي.
ويؤكّـد أنه كتقدير موقف “لا معطيات حسنة لرباعية العدوان أمريكا وبريطانيا والسعوديّة والإمارات للسلام ولا لتنفيذ المطالب المشروطة الخَاصَّة بتجديد الهُــدنة وخُصُوصاً بند صرف المرتبات، كما أنها لم تحاول استغلال فرصة الوقت بدل الضائع الذي أتيح بعد انتهاء الهُــدنة في الدخول بمفاوضات جدية تجنب الدخول في تصعيد وتمهد لتجديد الهُــدنة لفترة إضافية، مبينًا أن ما فعلته هذه القوى هو محاولة كسب الوقت لترتب وضعها العسكري وتركيز تواجدها في البحر الأحمر والعربي وباب المندب والمناطق التي يحتلها في الجنوب وقد أتت التحَرّكات البحرية للأساطيل الأمريكية ومعها البريطانية والسعوديّة لتنفيذ خطة إعادة تموضع في عدة نقاط بحرية كتحضيرٍ استفزازي لأعمال عدوانية.
ولفت إلى أن العاصمة صنعاء تنظر بعين التقييم لهذه التحَرّكات والمعطيات، مؤكّـداً أن نصح قائد الثورة والقيادة السياسية والعسكرية هو تحذير “ما قبل العاصفة” لدول العدوان فالهُــدنة المؤقتة انتهت ولن تمدد مجدّدًا طالما لم يحدث تغيير في الموقف الأمريكي الرافض للمطالب فلن يكون هناك تعاطي دبلوماسي قادم بالسقف الذي تريده دول العدوان.
ويزيد بالقول وعليه نؤكّـد أن الخيارات مفتوحة وقواتنا المسلحة بمختلف وحداتها الضاربة في وحدة الصواريخ والطيران المسيَّر والوحدات البحرية الاستراتيجية على أتم الجاهزية للتعامل مع كافة المتغيرات والسيناريوهات التي قد تطرأ على الساحة خُصُوصاً في حال انفجر الوضع.
ويضيف كما أن دول العدوان في حال عادت الحرب فهي من ستدفع ثمن ما يترتب عليها من تداعيات فأزمة الطاقة التي تعاني منه أمريكا وأُورُوبا حَـاليًّا جراء أحداث حرب روسيا -أوكرانيا ستتحول إلى كارثة منوِّهًا أن “أرامكو” التي تضخ 13 مليون برميل نفط يوميًّا للأسواق الأُورُوبية والأمريكية أصبحت في مرمى الاستهداف ولدى قواتنا المسلحة القدرة الكافية لنسف كبرى محطاتها وحقولها النفطية وهناك أكثر من 7 منظومات ضاربة في وحدة الصواريخ والطيران المسيَّر ومنها 4 منظومات دخلت الخدمة مؤخّراً سيتم استخدامها بما يحقّق هجوماً استراتيجياً غير مسبوق.
العدوانيةُ المبطنة.. استراتيجية أمريكية
من جانبه تحدث المحلل العسكري والسياسي العقيد نبيل سلام القدسي علواني، أن حقيقة شن العدوان الأمريكي السعوديّ الصهيوني على اليمن كان لتحقيق مصالح استراتيجية أمريكية، مكلفة مئات المليارات من الدولارات من أجل تقسيم اليمن وتفتيته، وإدخَال اليمن ضمن المظلة العسكرية الأمريكية، وفتح قواعد عسكرية تخدم المصالح الأمريكية لمواجهة الصين.
ويوضح القدسي في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” أنه يخطئ من ينخدع بمصداقية الأمريكي والسعوديّ في عهودهم بالسلام، وإن أظهروا عكس ما يبطنون فَـإنَّ ذلك فقط لالتقاط أنفاسهم وترتيب أوراقهم ولملمة مخطّطاتهم التي بعثرتها ضربات الجيش واللجان الشعبيّة، مُضيفاً “وما جسده الشعب اليمني والقبيلة اليمنية من صمودٍ أُسطوري أربك تحالف العدوان ووضعه في معضلة كبيرة، بينما هو يحاول التقاط أنفاسه وخاصةً بعد أزمة الطاقة والحرب الروسية الأوكرانية”.
وتطرق إلى أنه ونظراً لارتباط العدوان الأمريكي السعوديّ بتحقيق مصالح الاستراتيجية الأمريكية سنوضح للقارئ والمتابع جزء بسيط من تلك الاستراتيجية، وإيضاح بعض مخطّطاتها التي تتميز بنفسٍ طويل وتخطيط بعيد المدى.
ويوضح أن تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية عبر علاقاتها مع الشعوب والدول تاريخ مظلم أسود ملطخ بالدماء والمؤامرات والجرائم والمآسي، هو تاريخ حالك أسود مؤلم، ويماثل تماماً مع تاريخ آل سعود والوهَّـابية في شدة السواد، وحقيقة لا أحد يتوقع لا من النظام السعوديّ المتصهين ولا من الولايات المتحدة الأمريكية قرارات حكيمة تراعي مطالب الشعوب في الحرية والإنسانية، مؤكّـداً أنه لا توجد نقطة مضيئة في مخرجات السياسة الأمريكية والسعوديّة على مدار العقود الأخيرة، وحتى أن تلبست واشنطن والرياض وتلبست بمسوح الرهبان إلا أن تحت تلك الأقنعة الكاذبة بالحقوق والديمقراطية أطماع ودسائس ومؤامرات كثيرة.
ويزيد بالقول: “وحقيقةً أن العدوان على اليمن لم يكن وليد الصدفة، بل كان ضمن مخطّط مدروس ضمن أولويات الاستراتيجية الأمريكية وضمن أطماع آل سعود”.
ويشدّد على أهميّة إدراك القارئ والمثقف العربي أن الأمريكيين يضعون خططهم لتوسيع مظلتهم العسكرية تدريجيًّا باتّجاه الشرق، واستكمال سيطرتهم العسكرية، مبينًا أن هذه الاستراتيجية لها خطط مدروسة، وبمديات تصل ما بين خمسين سنة إلى مائة عام، مُشيراً إلى أنه عندما أعطت واشنطن الضوء الأخضر بشن عدوانها على اليمن عبر أدواتها الخبيثة والتابعة لفلكها في المنطقة، وعلى رأسها مهلكة آل سعود والإمارات وَ… إلخ، فهي حقيقة استكمال تنفيذ للمخطّطات الاستراتيجية لتوسيع المظلة العسكرية الأمريكية على أراضي الجمهورية اليمنية والتي تتميز بموقع جيوسياسي هام.
ويوضح أن موقع اليمن الجيوسياسي الهام الذي يجعله مطلا ًعلى البحر العربي والمحيط الهندي من جهة وعلى البحر الأحمر وتحكمه بمضيق باب المندب، ولكون اليمن حلقة وصل بقارة أفريقيا جعل الإدارة الأمريكية تدرج اليمن من ضمن أولويات استراتيجيتها للسنوات المقبلة، قبل أكثر من 60 عاماً، منوِّهًا أن علينا أن نراجع الأحداث التاريخية السابقة خلال الـ40 سنة الماضية، ليتضح لنا حجم الأطماع وقوة المؤامرات التي يتم إعطاؤها الأولوية في التنفيذ وإن كانت مكلفة.
ويتابع حديثه “فبداية تنفيذ مطامع الاستراتيجية الأمريكية كانت بطرق ممنهجة ولها نفس طويل مدروس سنتناولها بإيجاز، موضحين هذه الحقيقة التي لا يدركها أكثر المتابعين وإن ألم ببعضها، وهي كالتالي: أولاً قامت مراكز الدراسات الاستراتيجية الأمريكية بفرز مناطق ومحافظات تواجد ثورية المقاومة العربية التحرّرية في البلدان العربية ووجدت أكثر تلك البلدان هي اليمن وبالذات محافظة تعز لقيامها بتوجيه ثورة أُكتوبر ضد المستعمر البريطاني ولإشرافها على مضيق باب المندب ومحافظة صعدة لقيامها بقيادة لثوره ضد الغزو العثماني؛ ولكونها خاصرة جنوبية محادة للمهلكة السعوديّة المتصهينة، وَمصر سيناء لما جسّدته سيناء مصر من استبسالٍ شعبي منقطع النظير في مواجهة العدوان الثلاثي بعد تأمين قناة السويس وخروج أبنائها للقتال والمقاومة القوية حتى بالسلاح الأبيض وهو ما أرعب دول العدوان الثلاثي المعروفة وكذلك الشعب الجزائري الذي قدم أكثر من مليون شهيد، وسوريا باعتبَارها أول دولة طردت المحتلّ الفرنسي، مع إعطاء إدراج دول أُخرى ضمن أولويات ثانوية ضمن تلك المخطّطات”.
ويضيف “ثانياً قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتمييع تلك الروح الثورية وذلك من خلال ضخ المليارات ونشر المعاهد والمراكز الفكرية المتطرفة الوهَّـابية والإخوانية في تلل المحافظات وهو ما أحدث المآسي نتيجة لذلك كما حصل من حرب مدمّـرة في الجزائر ما بين عام 1990 إلى عام 1994، وَأَيْـضاً انسلاخ سيناء مصر وتحولها إلى محافظة غير آمنة يسود فيها الفكر المتطرف التكفيري، كُـلّ ذلك تمهيداً لمخطّطات قادمة وتسليمها لإسرائيل بذريعة محاربة الإرهاب بعد تفكيك الدولة المصرية والذي سيكون لاحقاً ضمن المخطّط؛ ولكونها تتحكم بقناة السويس، مُشيراً إلى أن هناك مقاربة بين محافظة سيناء في مصر ومحافظة تعز فهي تشبه انسلاخ معظم المجتمع في محافظة تعز إلى أحضان الوهَّـابية والإخوانية مع المحافظات الجنوبية كونها تشرف وتتحكم بمضيق باب المندب، وهو ما يعني وجوب سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على قناة السويس وباب المندب ضمن استراتيجيتها التي تناولت ذلك وهو اليوم يتكرّر في حضرموت، حَيثُ تمت إباحتها للقاعدة وكذلك في العراق وسوريا”.
ويردف القدسي بالقول: “ثالثاً قيام الإدارة الأمريكية وبيتها الأسود بالتخطيط والإشراف مع مهلكة آل سعود بتنفيذ الانقلاب على الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي -رحمه الله- والإبقاء على تركيع وإخضاع اليمن للوَصاية الخارجية السعوديّة الأمريكية وإفقار اليمن ومنعه من استغلال ثرواته الضخمة من النفط والغاز في محافظات الجوف ومأرب وحضرموت والمهرة، والقضاء على نهوض الدولة اليمنية، وإدخَال اليمن في وصاية صندوق النقد الدولي تمهيداً لتركعيه، وإرضاخه للقبول بافتتاح قواعد عسكرية للأمريكي بيت القصيد وهدف أَسَاسي تسعى إليه واشنطن”.
ويؤكّـد أن بزوغ ثورة 21سبتمبر واجتثاث أنظمة الوصاية المقيتة والتي ظلت جاثمة على صدر الشعب اليمني تلقت واشنطن ومهلكة السوء “السعوديّة” المتصهينة ضربة قوية أيقنت فيها الإدارة الأمريكية أن مخطّطاتها ومشاريعها الاستراتيجية بدأت تتبخر، وبالتالي قامت الإدارة الأمريكية بحشد طاقاتها وتوجيه جهدها العسكري المتطور وبادرت بشن عدوانها عبر أدواتها الخبيثة والمارقة بأبشع عدوان وحصار عرفه التاريخ وما توغل تحالف العدوان في بشاعته وخسارته لمئات المليارات إلا دليلٍ قوي على أنه لن يرضخ للسلام وإنما يلتقط ويرتب أوراقه ويبحث عن ثغرات وفرص لاستكمال مخطّطاته الخبيثة، مشدّدًا على أن علينا كيمنيين أن نواصل استكمال بناء ترسانة الردع التسليحية حتى تحقيق النصر الشامل وطرد الغزاة وإفشال تلك المخطّطات الخبيثة وجميعنا واثقون بالله وواثقون بقيادة قائد المسيرة القرآنية قائد الثورة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- حتى يكتب الله النصر ليمننا الحبيب.