صنعاءُ عاصمةُ القرار الحر..بقلم/ د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
ظلت قوى العدوان تردِّدُ على مدى سنوات العدوان الثماني بأن قرارَ صنعاء في طهران، وَكانت الوقائع تؤكّـدُ غير ذلك، فـصنعاءُ لا تنكرُ علاقتَها الجيدةَ مع طهران في إطار محور المقاومة وفي ظل دعمها المعنوي من خلال الإعلام ومن خلال العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وهذه العلاقة يباركُها الشعبُ اليمني خَاصَّة في ظل الحصار الدولي على بلادنا، وَإذَا عُدنا إلى الوقائع التي تؤكّـدُ عدمَ ارتهان القرار اليمني لطهران فسوف نجدها كثيرة جِـدًّا.
فمن تلك الوقائع عندما بدأت دول العدوان عملياتها العسكرية ضد اليمن عام 2015م كانت إيرانُ منخرطةً في عملية تفاوض مع أمريكا على برنامج إيران النووي، استمر التفاوضُ بين الطرفين والعدوان دون أن تؤثر عليه مجريات التفاوض سلباً أَو إيجاباً، وعندما توصل الطرفان إلى اتّفاقٍ في هذا الشأن في يوليو 2015م، لم يتوقف العدوانُ أَو تتراجع وتيرته برغم أن أبواقَ العدوان كانت تردّد أن استخدام القوة المفرطة في اليمن كان بهَدفِ إرغام إيران على الموافقة على الاتّفاق النووي، واستمر العدوان بنفس الوتيرة حتى جاء ترامب رئيساً لأمريكا وألغى الاتّفاق النووي مع إيران، وطالب إيران بإعادة التفاوض ولكنها رفضت ذلك، والعدوان مُستمرٌّ بنفس الوتيرة، ذهب ترامب وجاء بايدن وعاد الطرفان إلى التفاوض مرة أُخرى، ولم يشعر اليمنيون بأي تأثير على الوضع في اليمن، ومن المفترَض إذَا كان قرارُ صنعاء في طهران أن تؤثر تلك الأحداث على مجريات الحرب في اليمن.
وفي بداية عام 2022م كانت العلاقةُ بين الإمارات وإيران جيدةً والمسولون في البلدين يتبادلون الزيارات، ولكن عندما تدخلت الإمارات في شبوةَ في نفس الفترة ضربت المسيَّرات والصواريخ اليمنية مناطقَ حيويةً في الإمارات رداً على تدخلها في شبوة دون مراعاة لمصلحة أي طرف، وَإذَا كان القرار اليمني في طهران فلماذا لم يؤثر على هذه العملية؟ مع أنها ضد المصلحة الإيرانية.
وَأثناء التفاوض على الهُــدنة وبعد الموافقة عليها وأثناء محاولات تمديدها كان الوسطاءُ يحاولون الاستعانةَ بطهران ولكن لم يكن لها أي تأثير، فصنعاءُ كانت تضع شروطاً وَإذَا تم تلبيتُها وافقت على الهُــدنة أَو التمديد وَإذَا لم تتم الموافقة على تلك الشروط كانت صنعاء ترفُضُ مثلما حدث مؤخّراً، وعندما لم يتم التمديد للهُــدنة الأخيرة حذّرت صنعاء من محاولةِ سرقة ثروات البلاد من النفط والغاز وعندما تم تجاهُلُ التهديد نفّذت صنعاء وَعيدَها دونَ مراعاة لمصلحة أي طرف حتى ولو كان طهران.
وبذلك أرست صنعاءُ معادلةً بسيطةً، وهي تنفيذُ الشروط مقابلَ التمديد ووقف التهديد، هذه هي صنعاء عاصمة القرار الحر.