اليمنُ شبَّ عن الطوق..بقلم/ إسماعيل المتوكل
العملية التحذيرية التي أطلقتها قواتُنا المسلحة على إحدى السفن الناهبة في ميناء الضبة لفتت انتباهي إلى ذلك المثل الذي قالته العرب: (شب عمرو عن الطوق) وأصل المثل أن خالة عمرو كانت تدلله في طفولته وتلبسه في رقبته عقداً يطوق به وبعد سنوات كبر عمرو وصار فتياً يافعاً ولم يعد ذلك العقد يصلح للبسه فقالت: (شب عمرو عن الطوق) وهكذا كانت اليمن بالأمس مكبلة ترزح تحت الوصاية الخارجية مسلوبة القرار والسيادة، أما اليوم بفضل الله تعالى وبفضل القيادة الربانية الممثلة في السيد القائد -يحفظه الله- تكون اليمن قد انعتقت من تلك الوصاية وتحرّرت من أغلال التبعية والإملاءات الخارجية وصارت دولة حرة ذات سيادة وقرار مستقل بحت، وأخذ البلد يحتل مكانته المعتبرة في الساحة العالمية يبني نفسه بنفسه تحت طائلة القصف والحصار والتجويع وفي أصعب الظروف وُصُـولاً إلى أن بلغ مرحلة متقدمة من القوة والمنعة أكبر من المتوقع، حَيثُ تعد تلك النقلة ضرباً من الخيال عند مهندسي الخطط الاستراتيجية والتنموية التي يرسمونها لبلدانهم.
ومن ثم عاد ت اليمن لأصلها، مقبرة للغزاة، وبلداً منيعاً عصيا ًبعيد المنال على كُـلّ غاز وطامع أبعد عليهم من عين الشمس.
ومن يقرأ التحولات المتسارعة في المشهد اليمني سيلحظ فعلاً مستوى حجم هذه النقلة النوعية التي لا تقتصر على مجال التصنيع العسكري فحسب بل امتدت إلى بناء العنصر الأَسَاس، عنصر الإنسان، إذ عملت على بناء الجيش الوطني بناء مستنداً إلى أسس إيمَــانية وهذه تجلت ثمارها في تحديد مكان الضربة العسكرية التي كشفت لنا الدقة العالية للهدف دون أن يلحق بالسفينة وطاقمها أي أذى، بمعنى أنها كانت مدروسة ومرصودة وخطط لها بطريقة محكمة، أضف إلى ذلك النقلة النوعية في المجال الاستخباراتي التي انتقلت أَيْـضاً إلى مرحلة متطورة من حَيثُ التخطيط والتكتيك والتتبع والرصد الدقيق، الأمر الذي جعل العملية التحذيرية تفرض قواعد اشتباك جديدة قلبت موازين اللعبة على الأعداء رأساً على عقب، ولم تكن في حسبانهم.
ما يعني أن التمادي والاستمرار في نهب ثرواته لم يعد أمراً مجدياً بل تعتبر مغامرة جنونية لا تحمد عواقبها وغباوة لا تعبر إلا عن حماقة مرتكبيها وعليهم أن يتحملوا تبعاتها فهي رسالة ذات أبعاد وأوجه متعددة للعدو الداخلي والخارجي ولكل من تسول له نفسه المساس بثروات اليمن.
وخلاصة القول إن فحوى العملية في مجمل مقاصدها ومراميها وما تشتمل عليه مضامينها من رسائل متعددة واضحة وجلية مفادها: أن زمن الاستباحة لهذا البلد الأبي قد ولى وإلى غير رجعة، فهي رسالة موجهة للشركات التي ترسل السفن الناهبة لا الدول، ما يعني أنه إذَا أصرت تلك السفن على دخول المياه اليمنية فَـإنَّ القوات المسلحة ستتعامل معها على أنها سفينة حربية واعتبارها هدفاً عسكرياً مشروعاً، وبالتالي على العدوّ أن يفهم من الآن وصاعداً أن المياه اليمنية غدت خطاً أحمرَ وَفي نفس الوقت رسالة سلام لمن أراد السلام فاليمن سلم لمن سالمه حرب لمن حاربه ورسالة تحذير بكل ما تعنيه الكلمة لكل متربص أَو متواطئ ومستهتر، وأن الأمر جد ليس بالهزل.
وعلى العموم الرسالة كانت ضرورية وأتت في وقتها؛ لأَنَّه كيف تريدون من شعب محاصر ومحروم من مرتباته وخيرات أرضه أن يظل متفرجاً على من ينهب ثرواته وممتلكاته دون أن يحرك ساكناً؟! هذا ما لا يقبل العقل والمنطق وهو المستحيل بذاته، وكان الأحرى بتحالف العدوان والنهابين أن يفهموا الرسالة مبكراً من خلال العروض العسكرية السابقة وكذلك رسالة السيد القائد -حفظه الله- التي أعلنها في مناسبة الذكرى السنوية لثورة 21 سبتمبر وكرّرها السياسي الأعلى.
وما على تحالف العدوان ومرتزِقة الداخل إلَّا أن يفهموا الرسالة جيِّدًا ليتداركوا العواقب الوخيمة.
ومن يرغب في ثرواتنا عليه أن يدخل المياه من أبوابها لا من ظهورها كما أوضحها العميد سريع، في بيانه أن ذلك لا يتم إلا من خلال الامتثال الكامل لقرارات الحكومة اليمنية حكومة (صنعاء) الحكومة الشرعية الحقيقية وليس الزائفة.
أما الاستمرار على المكابرة فلا يجدي نفعاً، فقد شب عمرو عن الطوق، والعاقبة للمتقين.