رئيس مجلس إدارة الشركة اليمنية لتكرير وتعليب الملح يونس السوسوة في حوارٍ لصحيفة المسيرة: أموالُ الشركة اليمنية لتكرير الملح.. فص ملح وذاب
الشركة تعرضت لنهبٍ كبير وللأسف لم يتم تنفيذ أية خطوات عقابية حقيقية ضد المتورطين
تقريرُ فساد الشركة ما يزال حبيس أدراج الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة و “هيئة الفساد” لم تجرِ أي استجواب
الشركةُ اليمنية لتكرير وتعليب الملح شركة وطنية مساهمة تعرضت لحالة فساد وتدمير ممنهج لأكثر من ثلاثين عاماً، وخلال عامَي ٢٠١٩ -٢٠٢٠ تعرضت لعملية فساد مالي وإداري تسببت بإهدار أموال الشركة التي تقارب النصف مليار ريال وهي القشة الأخيرة التي قسمت ظهر البعير كما يقال، حَيثُ تم تدمير وتفكيك خط إنتاجها وتوقف إنتاجها وصرف كُـلّ مواردها المالية وتعطل عامليها وموظفيها عن العمل.
وحال الشركة وما تعرضت له إنما هي في الحقيقة تعتبر نموذجاً لما تعانيه وتعيشه وتتعرض له أغلب الشركات الوطنية المساهمة بالتفاوت وتعتبر أنموذجاً يعكس حقيقة مستوى الأداء والمتابعة والرقابة والإشراف المؤسّسي والحكومي وحقيقة مدى المعالجات والإصلاحات للاختلالات والإشكالات والفساد المؤسّساتي من قبل الحكومة وجهاتها ذات العلاقة، ويكشف حقيقة مستوى الأداء في تجفيف وَمكافحة منابع الفساد المالي والإداري.
صحيفة “المسيرة” قامت قبل عام بإجراء تحقيق حول تعثر وتوقف الشركة اليمنية لتكرير وتعليب الملح؛ بسَببِ فساد مالي وإداري أهدر أموال الشركة وأضاع حقوق المساهمين فيها على عهد النظام السابق، وكان التفاؤل مع إعلان قرارات الاجتماع الذي تم برئاسة وزير الصناعة والتجارة السابق عبدالوهَّـاب الدرة، بعدم إبراء ذمة المتسببين بإهدار أموال الشركة وإحالة المتسببين إلى نيابة الأموال العامة وتكليف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالقيام بمراجعة حسابات الشركة وإعداد تقريره ورفعه إلى نيابة الأموال العامة مع المتسببين والاتّفاق على ضرورة سرعة إعادة تشغيل الشركة والنهوض بها من جديد؛ كونها تمثل أحد أعمدة تنمية الاقتصاد الوطني وفي استثمار واستغلال إحدى ثروات وموارد الوطن القومية الاقتصادية وهو الملح الصخري من خلال قيام الشركة بإنتاجه وتكريره وفقاً للمواصفات والمقاييس الغذائية والصناعية.
إلا أن ما تم إعلانه عن قيام محافظ محافظة الحديدة مع وزير الصناعة والتجارة الحالي محمد المطهر، بزيارة مصنع الشركة اليمنية لتكرير وتعليب الملح للتعرف على أسباب توقفها وضرورة إعادة تشغيلها من جديد وإنقاذ معداتها وآلاتها من التلف؛ بسَببِ التوقف، الأمر الذي استدعى قيامنا بالعودة من جديد لتناول ملف هذه الشركة والنظر في مستوى الإنجاز لما تم الاتّفاق على تنفيذه من قرارات اتخذت سابقًا من إحالة المتسببين للنيابة العامة وخطوات الإصلاحات والمعالجات التي أقرت لإعادة التشغيل والنهوض بالشركة من جديد.
ويتطرق الحوار الذي أجرته صحيفة “المسيرة” مع رئيس مجلس الإدارة، يونس السوسوة، إلى معرفة وكشف أسباب المعوقات والعراقيل ومن يقف أمام عجلة التنمية وَعملية الإصلاحات والمعالجات المؤسّسية المطلوبة وفق الموجهات والتوجّـهات الواضحة في إطار المهام والأولويات الحكومية في إيلاء الاهتمام بدعم وتنمية وتطوير عملية الإنتاج المحلي وَالذي بالتأكيد يعكس لنا وضع الشركة وحقيقة الواقع ويكشف مصداقية الأداء الحكومي لمؤسّسات الدولة، في مستوى الاهتمام والتفاعل والاستشعار للمسؤولية، ومدى جدية الجهات ذات العلاقة بالشركة التساهميّة والإشرافية والرقابية والمحاسبية وحقيقة مستوى أدائها المؤسّسي.
وفي الحوار يوضح يونس السوسوة جملة من القضايا المتعلقة بالملف آنف الذكر، تستعرضها صحيفة المسيرة، في نص الحوار تالياً:
المسيرة: حوار إبراهيم العنسي
– بدايةً أُستاذ يونس كنا قد تناولنا في مقابلةٍ معك قبل عام تقريبًا حولَ وضع الشركة والقرارات التي اتخذت بإحالة المتسببين بإهدار أموال الشركة.. إلى أين وصل مِلَفُّ الإحالة؟ وهل تمت محاسبة ومحاكمة المحالين؟ وماذا عن عملية الإصلاحات والمعالجات التي تم إقرارها قبل أكثر من عام لإعادة تشغيل الشركة والنهوض بها من جديد؟
حَيَّاكم الله أخي الكريم، في البداية نشكُرُ صحيفة “المسيرة” على اهتمامها وتفاعلها الكبير بمتابعة مشكلات وقضايا الوطن سعياً منها لتسليط الضوء للجهات المسؤولة حول مكامن الاختلالات والمعوقات المؤسّسية في بلادنا بقصدِ الدفع بعجلة الإصلاحات والتقويم المؤسّسي والحكومي وفق موجهات السيد القائد -سلام الله عليه-.
وأما بخصوص سؤالك فالحقيقة وللأسف الشديد أن ملف فساد الشركة وإهدار أموالها لا زال إلى اليوم ولأكثر من عام في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ولم يخرج تقرير نهائي حول هذا الملف إلى اليوم والذي بموجبه يتم الإحالة إلى نيابة الأموال العامة والاستناد عليه، وهذا التأخير له عدة أسباب تتعلق بالآلية والإجراءات التنظيمية للجهاز.
وكذلك بوضعية الشركة المتوقفة وترابط وتجاذبات عدة عوامل داخلية سابقة وحالية تكشف طول المدة وحقيقة مدى الإهمال واللامبالاة في نتائج وآثار توقف الشركة وتراكمات ذلك، مع التأخير من قبل الجهاز، مما اضطرنا إلى عدم الانتظار أكثر وَالقيام برفع هذا الملف إلى نيابة الأموال العامة وهيئة مكافحة الفساد دون الانتظار لتقرير الجهاز المركزي وذلك لإخلاء المسؤولية أمام الله بأننا تواصلنا مع كُـلّ الجهات للقيام بدورها ومسؤوليتها.
– بعد رفعكم ملف الشركة لنيابة الأموال العامة ومكافحة الفساد إلى أين وصل الملف؟ هل تم استجواب من تتهمهم الشركة بإهدار المال؟
في الحقيقة لم نتلقَّ أي رد أَو تواصل أَو اتصال أَو طلبات أَو إفادة أَو استجواب أَو تحقيق جرى في ما يتعلق بالقضية من قبل هيئة الفساد في طبيعة الإجراءات المتعلقة بهذه القضايا.
وأما مع نيابة الأموال العامة فمن خلال متابعتنا للقضية مع النيابة وبسبب تأخر تقرير الجهاز وإحالة المتهمين إلى النيابة، تبين لنا ضرورة قيام الشركة بتوكيل محامٍ متفرغ لمتابعة الملف أمام نيابة الأموال العامة، حَيثُ أن ملف القضية يحتاج إلى تفرغ وحضور دائم وملاحقة ومتابعة ووقت، وهذا ما لم نستطع القيام به اليوم لعدم وجود أية موارد مالية تمكّن الشركة من متابعة هذا الملف وعدم الوفاء من قبل الجهات المساهمة بالتعاون وتقديم تمويل الخطة التنفيذية لإعادة النهوض بالشركة من جديد للمرحلة الأولى التي تم مناقشتها وإقرارها وإقرار تمويلها لنتمكّن من التحَرّك وتنفيذ المتطلبات والخطوات والأعمال والمهام المتعلقة بتسيير أعمال الشركة منها متابعة متطلبات ملاحقة وإحالة المتسببين للجهات المختصة.
– برأيك ألا يتطلب هذا تدخلاً مباشرا ومسؤولا وفاعلا من قبل الجهات المساهمة وَذات العلاقة والجهات المسؤولة والمشرفة والمتابعة لإدارة البلاد وتنمية الاقتصاد كون هذه الشركة أحد أذرع التنمية الاقتصادية الوطنية؟
بالتأكيد.. هذا هو الواجب والمفروض القيام به.
– ما الأدوار التي قامت بها كُـلّ جهة من كُـلّ تلك الجهات ذات العلاقة بالشركة وملف فسادها؟
في الحقيقة التدخلات التي تمت هي تلك التي تمت قبل أكثر من عام والتي أعلن عنها في القرارات التي اتخذت في اجتماع الجمعية العامة العادية وَغير العادية للشركة وقرارات الاجتماعات التي تمت قبل انعقاد الجمعية وبعدها مع رؤساء الجهات المساهمة فيها والتي تمثل حصتها ٧٥ % وهي الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات والمؤسّسة العامة للتأمينات الاجتماعية ووزارة الصناعة والتجارة والبنك اليمني للإنشاء والتعمير والنسبة الباقية ٢٥ % مواطنين وكانت الهيئة العامة للتأمينات هي الجهة المسؤولة عن إدارة الشركة منذ تأسيسها إلى مرحلة توقفها وإفلاسها حَـاليًّا، بحكم امتلاكها أكبر حصة بالشركة ٢٥ %.
والقرارات المتخذة هي عدم إبراء ذمة السابقين وإحالة المتسببين لنيابة الأموال العامة وتكليف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة على ما تم وإعادة تشغيل الشركة من جديد من خلال القيام بعملية إصلاحات ومعالجات وقد تم بموجب هذه القرارات تكليف مجلس إدارة جديد وانتخابي كأول رئيس لمجلس إدارة الشركة من خارج الهيئة والذي شجعني على القبول بهذه المهمة مع هذه التركة المهولة هي الوعود التي تلقيتها بالدعم والإسناد والتعاون من قبل رؤساء الجهات المساهمة والتي على إثرها قمنا بتقديم خطة إصلاح ومعالجات جذرية من الألف إلى الياء وبموازنة تقديرية بالحد الأدنى تتمثل في إعادة صيانة وتركيب وتجهيز خط الإنتاج المفكك من جديد ونقله من المبنى القديم المتهالك ومن الطريقة العمودية إلى أحد هناجر المصنع بطريقة أفقية وإعادة تشكيله وتجهيزه من جديد وفق أحدث المواصفات وبتكلفة إنتاج منخفضة ٦٠ % وبطاقه إنتاجية تصل إلى ٥٠ طناً للوردية وبتكلفة مالية بالحد الأدنى لا تتجاوز ٢٠ % من تكاليف الدراسات التي أعدت من سابق لإعادة النهوض بالشركة من جديد وبأقل حتى من دراسة تكاليف صيانة أعطال الخط السابق.
وتم وضع خطة مالية وإدارية وتنظيمية وتشغيلية وتسويقية موزعة على ثلاث مراحل وبموازنتها التقديرية والتي تم الموافقة عليها وإقرارها وإقرار تمويل مرحلتها الأولى بخطين إنتاجيين جديدين؛ بهَدفِ تلبية متطلبات واحتياجات السوق المحلي والإقليمي الغذائية والصناعية وبما يمكنها من تحقيق التنافسية والربحية والحفاظ على الميزة التنافسية للشركة وغيرها ولكننا تفاجأنا وانصدمنا باللامبالاة أمام مشاهدة الشركة متوقفة لأكثر من عام وتعرض معداتها وآلاتها وأصولها وممتلكاتها كُـلّ يوم للتلف والصدأ والضياع أكثرَ فأكثرَ مع إطالة غير مفهومة في إجراءات الموافقة على تمويل الخطة المقرة، واصطناع قائمة من العراقيل والاشتراطات والمطالبات لاختلاق المعوقات وصنع اليأس والإحباط والتخلي عن المهمة في ظل ظروف ووضعية مالية وإدارية وفنية هشة للشركة رغم علمهم وتأكّـدهم بعدم وجود أي مورد مالي أَو ريال واحد يمكّننا من تنفيذ أي شيء.
أي أننا في كُـلّ اجتماع نخرج بقائمة من المطالبات لا يترافق معها تقديم حَـلّ واحد أَو تقديم أي دعم أَو عون أَو مساعدة ومع ذلك تجاوزنا كُـلّ تلك الصعوبات رغم خذلان الوعود من قبل الجهات بتقديم العون وَالدعم والإسناد، وتحملنا كُـلّ الأعباء في ظل الخذلان وقمنا بإعداد الدراسات والخطط الفنية والهندسية والإدارية والمالية وبحلول ابتكارية تجاوزت عقبة المبالغ الكبيرة التي كانت في حسبانهم إلا أن كُـلّ تلك الجهود التي تمت والقرارات والوعود السابقة لا تزال حبراً على ورق وأمانيَ طالما ولم يتم إيفاء الجهات المساهمة بوعودها التي لم تمت إلى اليوم ولا زلنا نتلقى الوعود والمطالبات الإضافية والمُستمرّة كُـلّ مرة بقصد التنصل.
– وضع بهذا الشكل لهذه الشركة ألا يستدعي تدخلاً مباشراً من قبل وزارة الصناعة والتجارة بحكم صلاحيتها الممنوحة لها في دورها الإشرافي والرقابي على الشركات المساهمة في تقويم الاعوجاجات وتقديم المعالجات وتصحيح الاختلالات لإنقاذ هذه الشركة؟
كلامُك صحيح.. وعلى هذا الأَسَاس تم تكليفي من قبل معالي وزير الصناعة والتجارة السابق عبد الوهَّـاب الدرة القيام بتولي هذه المهمة وتحمل معالجة هذه التركة المهولة لذات الهدف ولكن كان لانتقاله إلى وزارة النقل تأثيراً كَبيراً على ذلك وقد أَدَّى إلى توقف كُـلّ خطوات الإسناد الوحيدة وأقول الوحيدة التي كانت تدعمنا، وبالتالي وجدنا أنفسنا أمام قوائم من الطلبات والإملاءات مع كُـلّ اجتماع يتم مع مجلس الإدارة لتضاف رصيداً إضافياً في قائمةٍ أُخرى من القيود والمشكلات والاختلالات والمعوقات والعراقيل والتفرج والخذلان من قبل الجميع.
– ماذا بعد زيارة وزير الصناعة الحالي لمقر الشركة؟
مع قيام الوزير محمد مطهر، بتفقد الشركة من الواقع من خلال زيارته لمصنع الشركة والاطلاع من قلب الحقيقة وجدنا تغيرًا وتفاعلاً مبشرًا وهذا ما نأملُه إن شاء الله تعالى خلال الأيّام القادمة من مد يد العون لنا بإذن الله.